ياسر اليافعي يكتب :
الإصلاح.. الانتهازية وعُقدة النقص وراء إثارته الفوضى في تعز
مثّل سقوط مديرية حجور بمحافظة حجة وسيطرة مليشيا الحوثي عليها، وخذلان ما تسمى قوات الجيش الوطني لها، تحولاً كبيراً ليس فقط في مسار الحرب، ولكن أيضاً في مسار العمل السياسي.
ففي الوقت الذي كان يترقب فيه المواطن اليمني والعالم بكله تحرير محافظة شمالية بشكل كامل، يتفاجأ بسقوط آخر القبائل التي شكلت أنموذجاً في المقاومة والاستبسال على مستوى قبائل الشمال أجمع، وهذا مؤشر سلبي كبير بالنسبة لقبائل الشمال التي كانت تقف ضد الحوثي وتنتظر تحركاً حقيقياً لدعمها.
سقوط حجور بعد أكثر من شهرين من الحصار من قبل مليشيا الحوثي، ورغم المناشدات التي أطلقها أبناء حجور للوقوف معهم، ورغم توجيهات الرئيس هادي بتحريك كتائب لفك الحصار عنها، أظهر للشعب اليمني وللتحالف العربي عدم جدية القوات التي تتبع حزب الإصلاح في حسم المعارك في شمال اليمن، لأسباب منها تتعلق بانتهازية حزب الإصلاح، وأخرى تتعلق برغبة تجار الحروب بقاء الوضع مثل ما هو عليه، لأنهم أكثر طرف مستفيد من الحرب.
ومثل ما مثل سقوط حجور بيد الحوثي ضربة قوية لكل القبائل في شمال اليمن التي كانت على وشك الانتفاضة على الحوثي، مثل أيضاً سقوطاً سياسياً كبيراً لنائب الرئيس علي محسن الأحمر الذي يشرف على جبهات الشمال، ويمتلك قوة ضاربة في مأرب والجوف ووادي حضرموت.
سقوط حجور كان فضحية كبيرة لقوات علي محسن وحزب الإصلاح، وعرى موقفهم وإمكانياتهم ليس فقط للمملكة العربية السعودية بل للعالم، وما كان يقوله المواطن العادي في الجنوب عن هذه القوات والحزب، باتت دول تقوله وبشكل واضح وصريح.
فضيحة سقوط حجور أظهرت أن محافظات الشمال باتت أمراً واقعاً بيد الحوثي، وأن قوات علي محسن الأحمر لا تأثير لها، وبالتالي سيتم التعامل سياسياً مع هذا الواقع في قادم الأيام من قبل الدول الكبرى وحتى التحالف العربي سيغير من استراتيجيته في الحرب، وهو ما ظهر واضحاً وجلياً من خلال زيارة سفراء كبار الدول الى عدن بالتزامن مع جولة قيادة المجلس الانتقالي في بريطانيا وأمريكا، وظهور موقف دولي يقترب من المجلس الانتقالي كقوة تفرض نفسها في الجنوب لأول مرة منذ الإعلان عن تشكيل المجلس الانتقالي قبل عامين.
تصعيد الإصلاح:
شعر حزب الإصلاح بخطورة المستجدات على الساحة المحلية والدولية، لذلك سارع إلى تحريك أدواته في عدد من المناطق التي يسيطر عليها، والأخرى التي ما زالت عناصرهم تتواجد فيها، ويأتي هذا التحرك بهدف إظهار أن الحزب ما زال يمتلك زمام المبادرة في عدد من المحافظات اليمنية، بهدف تحقيق مكاسب سياسية في هذه المرحلة الحاسمة والهامة.
حيث صعد الإصلاح من هجومه على معارضيه في مدينة تعز بهدف فرض سيطرته عليها بشكل كامل، مستغلاً تواجده ضمن الشرعية، وقواته ضمن الجيش الوطني، ويسعى من ذلك إلى طرد السلفيين وغيرهم من تعز بشكل كامل حتى يكون الوحيد المسيطر عليها، كما سعى الحزب إلى تفجير الوضع في مدينة عتق بمحافظة شبوة من خلال تحريك بعض الأدوات التابعة له، ولكن وعي أبناء شبوة والتفافهم حول النخبة الشبوانية أفشل تلك الجهود.
وفي عدن يسعى حزب الإصلاح إلى إثارة الفوضى عبر تحريك أدواته، والتحريض الممنهج من خلال قيام عناصر تنتمي إلى الحزب إلى إحداث أعمال فوضى وقطع لطرقات وإطلاق نار بهدف إظهار أن عدن غير مستقرة للتشويش على الانفتاح الدبلوماسي الكبير عليها.
ما يجب أن يدركه الجميع، أن التصعيد الخطير لحزب الإصلاح، ولاسيما في تعز، هو رسالة للدول الكبرى ولاسيما أمريكا وروسيا، مفادها أن نحن ما زلنا أقوياء ولدينا أرض نسيطر عليها، وبإمكاننا فرض خياراتنا مثل غيرنا، أي محاولة منهم لتفادي سقوطهم الكبير في حجور وتجاهلهم في أي تسوية سياسية قادمة.
حزب الإصلاح يريد تعويض عقدة النقص من الحوثي، بإحداث رعب ودمار وخراب في مدينة تعز التي يسيطر عليها أصلاً، وأيضاً بمحاربة صناع النصر السلفيين وباقي أفراد المقاومة.
باختصار.. الانتهازية سلوك حزب الإصلاح منذ تأسيسه، واليوم يختتم مسيرته أيضاً بانتهازية جديدة على حساب دماء أبناء تعز، وسيكون مصيره الفشل.