عبدالواسع الفاتكي يكتب لـ(اليوم الثامن):

تناقضات الشرعية اليمنية وأحوال اليمنيين !

من المؤلم أن يزداد اليمنيون قناعة أن ممارسات سلطته الشرعية والأحزاب السياسية الداعمة لها ،  لا ترقى لخطورة المرحلة، وجسامة المهام الملقاة على عاتقها ،  محكومة بإرث من الصراع  السياسي المناطقي الحزبي السخيف ، أو بالرغبة في السيطرة على مفاصل السلطة والاستحواذ على امتيازاتها.

في اليمن تضيع الحقيقة في دهاليز التخندقات السمجة ، وفي سراديب صراع أحزاب ومراكز قوى ، أوصلت لمراكز القرار وصوليين وانتهازيين ، وساندت مستثمرين سياسيين ، وعملت جاهدة على إبعاد وإزاحة شخصيات لها تاريخ من النضال الوطني ، ولها دراية كبيرة ومعرفة عميقة بالظروف الداخلية والخارجية ؛  كي لا تنكشف سوآتها ، وينقطع عليها باب التكسب السياسي والاسترزاق الاقتصادي،
كيف لشرعية تزعم أنها ضد الانقلاب ؟! وفي ذات الوقت سلوكها لا يصب إلا في فقدانها لثقة اليمنيين ،  وتآكل مصداقيتها في دحر الانقلاب ، من خلال إعادة تدوير النخبة الفاسدة في مؤسسات السلطة الشرعية المدنية والعسكرية والأمنية ، التي دفعتها المتغيرات في المشهد اليمني ؛ لتغيير مواقعها محتفظة بذات الأساليب والسلوك الذي كانت وما زالت تنتهجه ضمن منظومة فساد كبرى.

عندما يرى اليمنيون شرعية ، أنتجت طبقة جديدة من الأثرياء حتى الثمالة ، كانوا تحت خط الفقر ، وباتوا فوق خط الغنى ، بينما الغالبية من أفراد المجتمع اليمني مسحوقين ، يفتقرون لأبسط مقومات الحياة ، كيف لهم أن يؤمنوا  أن سلطتهم الشرعية جادة ومخلصة في استعادة الدولة وإسقاط الانقلاب؟!.

حينما يجد اليمنيون أن المتسيد على المشهد ، والذي يتصدر الحديث عن الوطن ، ويتزعم كما يقول النضال الوطني ، لا يمت للوطن بصلة ، ولا يعنيه من أمره شيئا غير بقائه في منصبه ، وما يجنيه من ورائه من مال أو جاه ، فهذا مدعاة ليس للاستغراب بل للسخرية أيضا ، وحينما يجد اليمنيون أن هناك فجوة كبيرة بينهم وبين مسؤوليهم ، هم في الحضيض ومسؤوليهم في أعلى درجات الرفاه والأمان النفسي والجسدي ، وفوق ذلك يريدون من اليمنيين التسبيح بأسمائهم والتمجيد لألقابهم ، تزداد القناعة لديهم بأن هناك ضحك على الذقون ومتاجرة بآلامه ومواجعه.

لانتصار أي قضية لا بد لها من شروط ، متى ما توفرت تحقق النصر ، عدالة القضية وقيمها ثم حملتها الأكفاء ، بيد أن ما اعترى فريق الشرعية هو اختلال في القيم، عبر حملة ضعاف أو فاشلين ، أو هكذا يراد لهم أن يكونوا ، وبالتالي فإن عدالة القضية لا يحملها للنصر محام فاشل ، أو من اختلت قيمه ، فهذه قوانين لا تحابي أحدا.

عدالة الشرعية اليمنية لايختلف فيها اثنان، لكنها مازالت في خنادق العجز والإخفاق، والعلة في غياب أوتغييب من يحمل قيم عدالتها ، أو من يذود عنها.

بات الاتكاء على استثنائية الوضع ، والتعلل بتعقيدات المرحلة، وتأثيرات الخارج شماعة ؛ لتبرير أخطاء وانحرافات السلطة الشرعية رئاسة وحكومة ، وتغطية لفساد يزكم الأنوف ، ورافدا مهما يمنح الانقلابيين القوة  ويمدهم بأسباب الاستمرار والبقاء.