اليدومي المخبر العاشق للإستبداد
في أي بلد عربي، بل في أي بلد يحكم بالأمن والقوة، يكون جهاز الامن السري هو أكثر الأجهزة رعبا لدى المواطنين، كونه جهاز يعمل بقسوة وعنف ويكرس ذاته لإخضاع أي صوت يخرج عن السرب أو القطيع، الأجهزة الأمنية السرية لديها سجونها الخاصة وطرق تعذيبها البشعة ولديها صلاحيات الإقتحام والحجز التعسفي دون الرجوع إلى القضاء، إنه جهاز منفلت لتحقيق الأمن والطمأنينة للحاكم الديكتاتور.
في اليمن الجميع يتذكر بشاعة جهاز الأمن السياسي، ذلك الجهاز المخول بالقضاء على اية معارضة سياسية لحكم المخلوع علي عبدالله صالح، ولم يكن يتولى قيادته إلا من يثق بولائهم له ويعلم جيدا أنهم مستعدون ان يذهبوا بعيدا في الأعمال الدموية من أجله، ولعل أحد اشهر قادة ذلك الجهاز هو العقيد / محمد عبدالله اليدومي والذي يشغل حاليا منصب الأمين العام للتجمع اليمني لتنظيم الإصلاح، وهو تنظيم ديني سياسي يرفع شعار الدولة الدينية ضمن أدبياته ويسعى إلى تطبيق الشريعة في الحكم.
بالتأكيد ان يكون الإنسان قائدا لجهاز أمني سيء السمعة هو امر لا أحد يرغب بأن يظهر ضمن سيرته الذاتية، وخاصة أن اليدومي يقود حاليا تنظيم حزبي معارض بحجة أن النظام الذي كان يعارضه هو نظام إستبدادي وغير ديمقراطي، وإنه هو وتنظيمه يسعون إلى دولة تعددية ديمقراطية قائمة على التداول السلمي للسلطة، لكن الكل يعمل بأن الأمن السياسي والدعوة إلى الديمقراطية امران لا يمكن لهما ان يتلقيا في أي مرحلة من مراحل الحياة، فالديمقراطية تعني بالمقام الأول حفظ حقوق المواطن وعدم إنتهاك كرامته والتعامل معه ضمن المؤسسات القضائية والقانون، بينما جهاز الأمن السياسي لم يكن يعترف بكل هذه الأمور، هو جهاز خارج النظام الأدمي المتعارف عليه.
إذا كيف ينظر العضو العادي لتاريخ أمين حزبه، هل يتجاهله لأنه قيل له ذلك، أم أنه يراه عمل طبيعي ولا يستحق الوقوف امامه، ثم كيف يستوعب العضو في تنظيم الإصلاح دعوات قادته الدائمة لنظام ديمقراطي تعددي بينما هم لا يتغيرون عن قيادة الحزب إلا بحالة الوفاة فقط، هل يتجاهل هذا الأمر ايضا أم يراه امر طبيعي ولا غبار عليه.
اليس الأمر شائكا جدا، ومثير للدهشة، فالأمين العام للتجمع اليمني للإصلاح يمارس اسوء انواع الديكتاتوريات والاستبداد الذي عرفه خلال مسيرته المهنية الأمنية الطويلة في حزبه، فهو يرفض وبشكل قاطع اي الحديث عن إنتخابات حزبية وأن حدث وتم عقد مؤتمر عام للتنظيم فهو ولا شك وكالعادة سيعيد إنتخابه من جديد.
لكن وفي نظري أن وجود أعضاء في تنظيم الإصلاح غير قادرين على النقد أو التعبير عن ارائهم المتعلقة بكل هذه التناقضات هو دلالة على ان من يحكم التنظيم يمارس نوعا من الإرهاب الفكري وربما العنف اللفظي تجاه أي صوت يبادر بالخروج، ومثل هكذا تنظيمات التي تعامل كوادرها كنوع من أنواع القطيع الذي يساق هي تنظيمات ستسقط لا محالة بمجرد سقوط من يحكمها، لأن حكم الفرد يتناقض مع حكم المؤسسات، واي كيان بدون مؤسسات هو كيان بدون اسس أو أعمدة.