صالح البيضاني يكتب:

الحوثيون.. وتفخيخ المستقبل!

يُسابق الحوثيون الزمن لتغيير هوية جيل كامل من الشعب اليمني، مستخدمين كل الوسائل المتاحة لخوض واحدة من أشرس المعارك، التي أسندوا قيادتها ليحيى بدرالدين الحوثي الشقيق الأكبر لزعيم الجماعة الحوثية، والذي يتمتع بصلاحيات لا متناهية لصهر هوية الشعب اليمني.

ظهر يحيى الحوثي في صورة حديثة رفقة عدد من الأطفال المشاركين في المعسكرات الصيفية التي نظمها الحوثيون وضخوا لها الأموال، والإمكانيات في الوقت الذي تعاني فيه مؤسسات التعليم الرسمية في مناطق سيطرة الانقلاب من إهمال متعمد وتدمير ممنهج ومريع.

وفي ذات الصورة ارتسمت على وجه القيادي البارز في الجماعة الحوثية ملامح باردة وصارمة، فيما كان الأطفال يبتسمون ببراءة جاهلين المصير المؤلم والدامي، الذي سبقه إليهم الآلاف من أطفال اليمن الذين انتزعتهم الميليشيات من مقاعد الدراسة وألقت بهم في جحيم الحرب المستعرة.

ينظر الحوثيون للأطفال كصيد سهل، فيحولونهم بإمكانيات قليلة ووقت قياسي إلى قنابل موقوتة يمكن توظيفها في تحقيق أعلى درجات الإنقياد الجماعي لرغبات وإملاءات الميليشيات، التي لم تتوقف عن الزج بهم في معاركها الخاسرة، بعد اخضاعهم لدروات مركزة من الشحن والشحذ الفكري والطائفي وغسيل الأدمغة، وهي الأساليب التي برع فيها الحوثيون منذ نشأة حركتهم في جبال صعدة بعيداً عن أعين الدولة، حيث تم تجنيد الآلاف من الشباب الذين خاضوا فيما بعد حروب صعدة الست، وصولا إلى الإنقلاب الحوثي الذي مكّن الميليشيات من وضع يدها على المؤسسات التعليمية والدينية في مناطق شمال اليمن، وتحويلها إلى مؤسسات لتعليم الكراهية وحشد المقاتلين.

إن كل يوم يمر على بقاء الحوثيين يمثل خطراً إضافياً على مستقبل اليمن مع مضي ميليشياتهم قُدما في سياستها الرامية للعبث بكل تفاصيل وجزئيات التعليم، بدءًا من الإدارات التعليمية، مرورا بالكوادر التربوية، ووصولا إلى التغيير الكبير الذي طرأ على المناهج الدراسية التي أضحت أكثر بعداً من مفهوم التعليم الحقيقي، وأكثر اقترابا من مناهج التدجين الطائفي والمذهبي، الذي بات لزاماً على كل طفل يمني أن يخضع لمؤثراته الكارثية المدمرة في مناطق الميليشيات.

ويدرك الحوثيون منذ الوهلة الأولى أن معركتهم ضد اليمنيين ذات طابع ثقافي وفكري، لذلك عملوا على تسخير كل مؤسسات التعليم ومنابر العبادة لصالح مشروعهم العنصري المرتبط بالمشروع الإيراني الأوسع والأكثر خطورة، والذي اتخذ من مبدأ تصدير العنف والتطرف الذي منحه الإيرانيون اسماً حركياً بغرض التخفيف من فضاعته، عندما أطلقوا على منهجهم ذاك، اسم «تصدير الثورة»!