صالح البيضاني يكتب:
المجلس الرئاسي اليمني في عيد ميلاده الأول
تترافق الذكرى الثامنة للحرب في اليمن مع مرور عام على انعقاد مشاورات الرياض اليمنية وتشكيل مجلس القيادة الرئاسي، التحول الأبرز في عمر الشرعية الذي جاء كنتيجة حتمية لسبع سنوات عجاف من الفشل السياسي والعسكري والاقتصادي وانسداد كل آفاق الحل السياسي والحسم العسكري في الأزمة اليمنية.
ورث المجلس الرئاسي تركة مثقلة بالفشل والفساد وسوء الإدارة من قيادة الشرعية السابقة، كما ورث مؤسسات مثقلة بعوامل الفشل وعناصره وأدواته التي تشكلت في ظروف بالغة السوء من قبل قيادة فاقدة للأهلية احتكرت القرار وأقصت بقية المكونات المناهضة للانقلاب الحوثي وانهمكت في تغذية صراعات داخلية كانت أكبر عون للميليشيات الحوثية.
في أبريل 2022 استعادت الشرعية اليمنية بعض عافيتها، عندما انتقلت السلطة من الرئيس السابق عبدربه منصور هادي ونائبه علي محسن الأحمر ودائرتهما الضيقة إلى قيادة جماعية تمثل مختلف المكونات والقوى اليمنية المناهضة للحوثيين، وكان من المفترض وفقا لمخرجات مشاورات الرياض أن ينعكس هذا التنوع والتغيير على بقية مؤسسات الشرعية التي ظلت غارقة في الفساد وسوء الإدارة وعانت من احتكار أطراف بعينها لقرار هذه المؤسسات ووجهتها لتصفية خصومها السياسيين في معسكر المناهضين للانقلاب، بدلا من تحقيق الهدف الأساسي المتمثل في استعادة الشرعية.
قبل أيام مرّت الذكرى الثامنة لاندلاع الحرب في اليمن، في ظل تحولات هائلة في المنطقة والملف اليمني، وبالتزامن مع مرور عام على تشكيل مجلس القيادة الرئاسي ولكن التحولات لم تمسّ جسد الشرعية المترهل بعد تغيير رأسها، وظلت أدوات الفشل والإرباك تسيطر على هذا الجسد وتوظفه حتى في إبطاء حركة المجلس الرئاسي الذي كان يعوّل عليه كثيرا في إجراء تغييرات شاملة لإصلاح بنية الشرعية ومؤسساتها وجعلها أكثر قدرة على السير بمحاذاة التحولات السياسية في الداخل والخارج التي تسير بسرعة هائلة.
مر العام ولم يحدث الكثير من التحول المأمول، ونجح تيار الفشل السابق في إعادة تموضعه وإفشال أيّ محاولات للتغيير، وظلت الشرعية كما هي تقريبا إذا ما استثنينا التغير في رأس هرمها فقط
انقضى العام الأول تقريبا من عمر مجلس القيادة الرئاسي ولم ترافق ذلك تحولات ملموسة في أداء مؤسسات الشرعية اليمنية، وباستثناء قرارات محدودة شيّعها تيار الإرباك والفشل السابق بالكثير من المعارك السياسية والإعلامية، لم تحدث أيّ إصلاحات في جسد الدولة المثخن بالندوب والإخفاقات، بل إن بعض مراكز النفوذ السابقة استغلت انتقال السلطة وما رافقها من فراغ إداري لتعزيز نفوذها وتكريس أسلوبها الفاشل في إدارة مؤسسات الشرعية.
قبل عام تقريبا حدث أهم تحول في عمر الشرعية اليمنية، وهو تشكيل مجلس قيادة جماعي لقيادة مرحلة هامة في تاريخ الصراع مع المشروع الحوثي المدعوم إيرانيا، وكانت الآمال الواسعة حينها التي انبثقت عن مشاورات الرياض اليمنية تذهب إلى عملية إصلاحات شاملة سيقوم بها هذا المجلس الفتيّ مع تغير عميق في قائمة الأولويات وتحول مواز في الخطاب الإعلامي يتركز حول مواجهة التحديات القادمة والاستعداد لمواجهة آثار الانقلاب حربا أو سلما.
مر العام ولم يحدث الكثير من التحول المأمول، ونجح تيار الفشل السابق في إعادة تموضعه وإفشال أيّ محاولات للتغيير، وظلت الشرعية كما هي تقريبا إذا ما استثنينا التغير في رأس هرمها فقط، ووجدت الأجندات المشبوهة التي عملت طيلة سبع سنوات على إرباك الشرعية وحرف مسارها، بيئة خصبة لاستئناف مشروعها السياسي والإعلامي الممول القائم على حماية الحوثيين من داخل معسكر خصومها، عبر تصدير خطاب لا يجعل من الحوثيين العدوّ الأول، بقدر ما يشكك في الحلفاء اليمنيين والإقليميين، بل إن تلك القوى جعلتنا نعيش اليوم على الصعيد السياسي والإعلامي أجواء ما قبل مشاورات الرياض.
وفي المحصلة النهائية، ساهم التعثر في استكمال التحولات التي بدأت مع انعقاد مشاورات الرياض وتشكيل مجلس القيادة الرئاسي في أبريل من العام الماضي، في إغراء قوى الفشل والإرباك التي أجهضت مشروع استعادة الدولة، بالمطالبة بعودة رموزها إلى المشهد بعد ثماني سنوات من الفشل.