طاهر علوان يكتب:
مواقع التواصل الاجتماعي تواجه عواصف التضليل
يتزايد مستخدمو منصات التواصل الاجتماعي في أنحاء العالم، ويضاف ملايين جدد من مستخدمي تلك المنصات العملاقة، ومع تزايد أعدادهم تتفاقم العديد من المشكلات ومنها مشكلات المحتوى.
المحتوى المرفوض والتضليل الإعلامي مصطلحات صارت تتكاثر في عالمنا اليوم وتتزامن مع الانتشار غير المسبوق لمنصات التواصل الاجتماعي التي توفر خدمة مجانية من جهة وفيما تتزايد أعداد المستخدمين من جهة أخرى.
مستخدمون معلومون ومجهولون يتوارون خلف ذلك العالم الرقمي ويبثّون أفكارهم ومواقفهم كما يغذّون تلك المواقع بأخبار وتعليقات وتحليلات ليس من السهل التثبت من دقتها وموضوعيتها.
ليست هنالك رقابة مباشرة على تلك المنصات ما لم ترد شكاوى ضد المنشورات والأخبار التي تخالف قوانين تلك المنصات.
ومن الواضح أن كثرة المستخدمين وسهولة النشر قد أدخلتا الجمهور في متاهة حتى صار من الصعب التمييز بين ملايين من الصفحات الحقيقية عما سواها من صفحات مزيفة أو مفبركة.
الإشكالية المرتبطة بالمحتوى عززت جوانب سلوكية وأخلاقية وفي كل الحالات تحولت إلى قضية مجتمعية لكونها تمس شرائح واسعة من المتلقين.
هنالك شرائح واسعة من جيل بأكمله تقريبا بإمكانها أن تصدق ما ينشر أمامها دون مزيد من الجهد في التمحيص وتحري الحقيقة، هذا المنفذ زاد من ظاهرة المحتوى التضليلي بكل أشكاله.
عملية مراقبة المحتوى لاسيما في أوقات الأزمات أفضت في كثير من الحالات إلى نتائج تجعل من الصعب مكافحة التضليل والإشاعات وما إلى ذلك من الظواهر.
استطلاع عالمي أثبت أن حوالي 86 بالمئة من مستخدمي الإنترنت وقعوا ضحية أخبار مضللة معظمها جاء عبر منصة فيسبوك.
في هذا الاستطلاع مثلا تم تحميل حصة الأسد من المسؤولية إلى الولايات المتحدة في نشر الأخبار المضللة، تليها روسيا والصين بحسب استطلاع أبسوس السنوي الذي يشارك فيه 25 ألف مستخدم للإنترنت من 25 دولة.
لإجراء الاستطلاع، قام الباحثون بتحليل أكثر من 20 ألف موقع من المواقع المشبوهة على شبكة الإنترنت، والتي يعتقد على نطاق واسع أنها تقوم بترويج المعلومات المضللة أو الأفكار المتطرفة، وتحقق الباحثون من عدد الزيارات وعدد المستخدمين وأنواع الإعلانات التي يقدمها الموقع، وكذلك تقدير مدى الأرباح المحتملة التي تحققها المواقع.
في المقابل، ثبت أن ذلك الركام من الأخبار المضللة والكاذبة كان في بعض الأحيان تجارة رائجة حققت ملايين الدولارات سنويا من خلال إعلانات مدفوعة في تلك المواقع التي تروج لهذا النوع.
تداخل عمليات التضليل مع الطابع التجاري مع التناغم السلوكي مع تلك البيئة الملوثة، جعل منصات التواصل الاجتماعي مطالبة بتغيير تفاصيل أدائها وعلاقتها بمستخدميها، لكن يبدو أن المشهد أكثر تعقيدا مما نتصور وليس من السهل اختصاره في مسألة التضليل الإعلامي المجرد.
ولعل الإشكالية الأخرى التي ترتبط بظاهرة الإعلانات المضللة هي دخول الذكاء الاصطناعي والخوارزميات في عمق هذه الظاهرة، إذ تعالج الخوارزميات إعلانات شبه دائمة ويتم التغاضي عمن يقف وراءها.
من جهة، أخرى تبدو هذه المنصات التواصلية شاهدا على متغيرات سلوكية تتمثل في قبول عدد من الظواهر من أبرزها قضية التفاعل مع الإعلان التجاري وإن كان مضللا أو يستهدف فئة ما لحرف أفكارها أو تغيير قناعات الرأي العام وهي إشكالية أخرى معقدة.
محاولة تحجيم انتشار الأخبار الكاذبة والتصدي لعمليات التضليل الإعلامي ما تزال غير فعالة بالكامل وبما يكفي، إذ ما تزال هنالك العديد من الثغرات التي ينفذ من خلالها ذلك التدفق الهائل الذي يغير أو يشوش على القناعات والمواقف