عماد الدين أديب يكتب:

حرب أم حرب؟

هناك ضربة أو ضربات مقبلة في المنطقة.. هذا مؤكد.. تبقى معرفة متى تكون الضربة؟ كيف؟ أين؟ هدفها؟

الإيراني استفز الأمريكي، والأمريكي قبل التحدي واصطاد أكبر هدف بشري إيراني وهو "سليماني" ورفاقه.

الإيراني أصيب بذهول.. عليه أن يواجه شعبه، والحرس الثوري، وامتداداته في اليمن ولبنان وغزة وسوريا والعراق، ويقدم أمامهم إجراء إعادة الهيبة من خلال رد.

الإيراني لن يتراجع، والأمريكي مستمر في المواجهة، خاصة إذا كان الرد ضد أهداف ومواطنين أمريكيين.

المذهل أن الجميع في المنطقة رفع درجة التأهب الأمني والعسكري، وقام في الوقت ذاته بإصدار بيانات رسمية تطالب بـ"التهدئة وضبط النفس".

القصة المباشرة الظاهرة للعيان الآن هي عملية اغتيال سليماني والرد عليها، لكن القصة الأساسية والجوهرية هي هل تعاد عملية صياغة الاتفاق النووي مع إيران بشروط ترامب أم بشروط خامنئي؟

العملية الإيرانية المقبلة هل هي بهدف "كرامة وطنية"، أم "إيلام رادع" للأمريكيين مباشرة، أم ردع غير مباشر عبر تسخين قوى النفوذ الإيراني ضد أهداف متحالفة مع الأمريكيين؟

هل يكون الرد الإيراني ضد 35 هدفاً أعلنت إيران أنها حددتها؟ هذا تهديد صريح رغم أن طهران لا تملك قيمة فاتورة حرب طويلة الأمد!

وهل الرد من قبل واشنطن سيكون ضد 52 هدفاً حددتها قيادة الجيش الأمريكي، وهم عدد الرهائن الأمريكيين السابقين لدى إيران؟

هل تضرب إيران الوجود الأمريكي في العراق أم سوريا أم قطر أم البحرين، أم تضرب أهدافاً مختارة في السعودية أو الإمارات؟

هل يكون الرد الأمريكي ضد حلفاء إيران في المنطقة، أم يكون ضد مراكز منتقاة استراتيجياً داخل الأراضي الإيرانية؟

40 عاماً منذ قيام حركة آية الله الخميني، وإحدى أهم قواعد الاشتباك الأمريكية هي عدم مواجهة إيران على أرضها.

هذه المرة يهدد "ترامب" صراحة بضرب أهداف إيرانية داخل الأراضي الإيرانية بعدما ضرب "قيادة عظمى" في عدائها للمصالح الأمريكية منذ أيام.

والشيء بالشيء يُذكر، فإذا كان "ترامب" سوف ينقل الأعمال العسكرية داخل أراضي إيران، فإن طهران يمكن لها من خلال خلاياها النائمة أن تقوم بعمليات داخل الأراضي الأمريكية.

باختصار قواعد الاشتباك التي احترمها الطرفان لمدة 40 عاماً تحطمت الآن تماماً، ونحن أمام معركة مفتوحة وصراع لم يتم ترسيم سقفه وحدوده.

باختصار نحن أمام قواعد جديدة تماماً للعبة عمرها 40 عاماً.

هل يمكن لإيران أن تبتلع "شفرة الموسى" مع كرامتها الوطنية وهيبتها في الداخل والخارج، وتلغي رد الفعل أو تقوم بعمل هزيل لحفظ ماء الوجه.

الوسيط السويسري المقبول لكون سويسرا هي راعية المصالح بين إيران والولايات المتحدة دبلوماسياً نقل "رسائل وعيد" واستمرار في المواجهة من واشنطن إلى طهران.

وجاء في كلام الوسيط السويسري، نقلاً عن الجانب الأمريكي، أن "عملية اغتيال سليماني هى عملية وقائية استباقية، بعدما تأكد لدى واشنطن قيام الأخير بعقد اجتماع تم اختراقه أمريكياً، تم فيه الاتفاق الكامل على عمليات قتل وتفجير لأهداف وأشخاص أمريكيين في العراق بوسائل تدمير شديدة وأسلحة إيرانية جديدة لم يسبق استخدامها".

أما الوسيط القطري الذي عرض وساطته على عجل وخوف وارتباك، فإنه - أي وزير الخارجية القطري - حاول أثناء لقائه الرئيس حسن روحاني أن يؤكد أن مركز قيادة عملية الاغتيال لم يكن من قاعدة "العديد" الأمريكية بقطر، وأن الدوحة تعرض كل خدماتها لاحتواء الموقف المتصاعد بين طهران وواشنطن.

لم تكن عناصر التفجير العسكري واحتمالات المواجهة المباشرة بين طهران وواشنطن قوية خلال 40 عاماً مثل الآن.

القصة المباشرة الظاهرة للعيان الآن هي عملية اغتيال سليماني والرد عليها، لكن القصة الأساسية والجوهرية هي هل تعاد عملية صياغة الاتفاق النووي مع إيران بشروط ترامب أم بشروط خامنئى؟

"الاتفاق النووي".. هذا هو الأساس وتلك هي المسألة، ومنها بدأنا وإليها - حتماً - سوف نعود.. إنها عملية إعادة صياغة بنود اتفاق على ساحات القتال.