نظام مير محمدي يكتب لـ(اليوم الثامن):
الذكرى السنوية لرحيل الشاه الدكتاتور ومجيئ الخميني الفاشي
تُعد ثورة فبراير 1979 واحدة من أكبر الحركات الشعبية في تاريخ حركات التحرير في إيران. وهذه الانتفاضة الشعبية أطاحت بديكتاتورية بهلوي الملكية، وسعى الشعب الإيراني للتمتع بالحقوق والحريات الإنسانية لإقامة مجتمع جديد. لكن خميني سرق قيادة الثورة في ظل غياب القوى التقدمية، ومن بينهم مجاهدي خلق في إيران الذين كان قادتهم في سجون الشاه حتى 20 يناير 1979، وانحرفت الثورة عن مسارها الأصلي.
وكان خميني شخصيًا يعارض أي نوع من الحرية والديمقراطية رافعًا شعار ”الاستبداد المطلق للولي الفقيه“ وأضفى على هذا المفهوم الطابع المؤسسي في الدستور. وقال إن الذين يرحبون بالديمقراطية إما أنهم جهلة أو خونة. ومن بين الخصائص البارزة للاستبداد الديني الحاكم في إيران هي مناهضته الهستيرية للمرأة ودورها في المجتمع. فبعد أسبوع واحد من تولي خميني عرش ملكية الفقيه، بدأ في قمع المرأة والهجوم عليها. واستعراض التسلسل الزمني للإجراءات المناهضة للمرأة والحريات التي أضفى عليها الاستبداد الديني الطابع المؤسسي يثبت هذا الادعاء.
حيث نجد في جميع القوانين الرجعية لنظام ولاية الفقيه إقصاء المرأة من المناصب الرئيسية، وتم إضفاء الطابع المؤسسي على هذا الإقصاء في الدستور، وبذلك حُرمت المرأة من تولي رئاسة الجمهورية والسلطة القضائية.
وفي مارس 1979، تم إصدار فتوى بارتداء المرأة العاملة في الإدارات الحكومية الحجاب بالإكراه، وعدم السماح للمرأة السافرة بدخول محل عملها. ومن جانبه منع الملا المحتال حسن روحاني، الذي كان في ذلك الوقت ممثلًا لخميني في القوات المسلحة، دخول المرأة في إدارات أركان الجيش بدون حجاب، ويعتبر هذا الاجراء القمعي جزء من أمجاده.
هذا وقد أدرج خميني القمع والتمييز ضد المرأة في جدول أعماله عن وعي كامل، لأنه كان يسعى للقمع المطلق العنان للحريات، لدرجة أنه بحلول نهاية عام 1980، تم تنفيذ جميع أنواع الفصل بين الرجل والمرأة في وسائل النقل العام، وأماكن الترفيه، وشاطئ البحر، وغيرها من الأماكن العامة.
وفي عام 1982، تم تخفيض السن القانوني لزواج الفتيات إلى 9 سنوات، ولكن بسبب الاحتجاجات الاجتماعية والقانونية الشديدة، اضطر الولي الفقيه إلى تعديل هذا القانون وزيادة السن القانوني لزواج الفتيات إلى 13 سنة.
وفي عام 1983، فرض القانون المسمى بقانون العقوبات الإسلامية 74 جلدة بالسوط على المرأة بتهمة عدم ارتداء الحجاب.
وفي عام 2010، حصل الملالي الحاكمون على تصديق مجلس شورى الملالي على قانون نشر ثقافة العفة والحجاب، وفي أعقاب ذلك تعهدت 26 هيئة في نظام الملالي بفرض الحجاب الإجباري على المرأة.
ومنذ عام 2012 نفّذ نظام الملالي القمعي تقنين النوعين الاجتماعيين على نطاق واسع في الجامعات، مما حرم المرأة من الدراسة في 77 قسم في الجامعات.
وفي عام 2014، تم التصديق على مشروع قانون بعنوان "قانون دعم الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر"، ومهد هذا القانون لاعتداء الزمر الحكومية على المرأة على نطاق واسع.
وينص البند 3 من المادة 18 المتعلقة بقانون جواز السفر، على أن إصدار جواز سفر للمرأة المتزوجة منوط بموافقة خطية من الزوج.
وخلال مجزرة 30 ألف سجين سياسي في صيف 1988 تم شنق العديد من الفتيات والنساء المجاهدات وليس لدينا أي إحصاء حتى الآن عن عدد الذين أُعدموا ومكان دفن قتلى المجزرة.
ويفيد تقرير منظمة العفو الدولية، أن العديد من أعضاء "فرق الموت" في مجزرة 1988 يشغلون مناسب رئيسية في نظام الحكم الحالي في إيران، وما زال البعض منهم يشغل هذه المناصب حتى الآن.
وورد في تقرير منظمة العفو الدولية المتعلق بأعضاء "فرق الموت" ما يلي نصّه:
شغل إبراهيم رئيسي، مساعد المدعي العام في طهران عام 1988 وكان عضوًا من أعضاء "فرقة الموت" في المدينة المذكور، وكان مرشحًا لرئاسة الجمهورية في عام 2017 وشغل العديد من المناصب العليا الأخرى، وفي الفترة الزمنية من 2014 حتى 2016 شغل منصب المدعي العام في البلاد".
كما يشغل المجرم إبراهيم رئيسي حاليًا منصب رئيس السلطة القضائية للملالي.
إن جرائم القتل المتسلسلة في التسعينيات ميلادية قضية أخرى من قضايا السجل المخزي في حكومة ولاية الفقيه على مدى 40 عامًا. وهي جريمة تمت بأمر من خامنئي وارتكبها أعلى عناصر أمنية في ذلك الوقت بمشاركة جميع العناصر في نظام الحكم، ومن بينهم ”حسن روحاني“ الذي كان يشغل منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي آنذاك، بغية طرد المعارضين للولي الفقيه.
وفي مرحلة نظام حكم الديكتاتورية المطلقة للولي الفقيه اندلعت احتجاجات واسعة النطاق لرفض هذا النظام . فعلى سبيل المثال، كان هناك احتجاج في عام 2009 اعتراضًا على التزوير المتفشي في الانتخابات الصورية لرئاسة الجمهورية والسجل الأسود لبربرية وجرائم نظام ولاية الفقيه. وتم إنشاء معتقل كهريزك لقمع المحتجين سرًا، وكان ”سعيد مرتضوى“ المدعي العام لطهران يشرف شخصيًا على القتل والتعذيب في مركز التعذيب. وكان حجم القتل والتعذيب مروعًا لدرجة أن خامنئي اضطر إلى إغلاق هذا المركز القاتل للبشر، وتمت محاكمة سعيد مرتضوي الجلاد بشكل صوري، ثم أُطلق سراحه بإشارة من خامنئي.
وفي ديسمبر 2017، اجتاحت الاحتجاجات الشاملة أكثر من 142 مدينة. وتم قتل أكثر من 50 شخصًا في الشوارع والزنازين تحت التعذيب والقبض على أكثر من 8 آلاف شخص. وبعد عامين ونيف من الاحتجاجات، لم ينشر نظام الملالي أي تقرير في هذا الصدد حتى الآن .
وفي نوفمبر 2019، وجه الشباب الثائر والشعب المطحون ضربة قاصمة لنظام حكم ولاية الفقيه في حوالي 200 مدينة و 800 منطقة في إيران على مدى أسبوع ردًا على رفع أسعار البنزين. وكان الشعار الرئيسي للمحتجين يدعو إلى رفض ديكتاتورية خامنئي برمتها والهتاف بالموت للديكتاتور. وعلى الرغم من مرور أكثر من 3 أشهر على هذه الانتفاضة الشعبية، لم تنشر الحكومة أي إحصاء بعدد القتلي والمعتقلين حتى الآن، خوفًا من العواقب الداخلية والدولية لهذه الجريمة الشنيعة ضد الإنسانية.
وأعلنت المقاومة الإيرانية في 15 ديسمبر 2019، أن عدد الأشخاص الذين قتلوا على أيدي قوات الأمن خلال احتجاجات نوفمبر أكثر من 1500 شخص. ومن جانبها أعلنت منظمة مجاهدي خلق الإيرانية أسماء ومواصفات 724 شخصًا من الشهداء. وبعد ذلك، أكدت وكالة "رويترز" للأنباء، في 23 ديسمبر نقلًا عن مصادر داخل نظام الملالي أن عدد القتلى 1500 شخص.
هذا وما زال ملف الجرائم التي لا حصر لها التي ارتكبتها الحكومة الدينية المستبدة مفتوحًا. وبقدر ما يرتكب الجناة من جرائم للحفاظ على سلطتهم، سيتم تقديمهم إلى العدالة للرد على جرائمهم التي ارتكبوها خلال الـ 40 عامًا الماضية.
وقالت رئيسة الجمهورية المنتخبة للمقاومة الإيرانية السيدة مريم رجوي، في رسالة تتعلق بانتفاضات واحتجاجات الشعب الإيراني: "يجدر بي أن أقول بفخر أن النضال من أجل الحرية لم يتوقف يومًا واحدًا على مدى الـ 40 عامًا الماضية، واليوم تبلور في انتفاضات الشعب الإيراني. الانتفاضات الرائعة التي ما زالت مستمرة.
إن إحالة ملف جرائم نظام الملالي إلى مجلس الأمن محاولة لإطلاق سراح معتقلي الانتفاضة، وتبني سياسة صارمة للتصدي لنظام الملالي بشأن انتهاك حقوق الإنسان والإرهاب وشن الحروب في المنطقة، تقع على عاتق المجتمع الدولي. وإيران حرة ذات سيادة شعبية تلوح في الأفق.