ناصر التميمي يكتب لـ(اليوم الثامن):

مدرسة 26 سبتمبر بميفع بين الوعود العرقوبية والسقوط الوشيك

بادئ بذي بدئ أستهل مقالي هذا المتواضع الذي سأتحدث فيه عن واحدة من أقدم وأعرق المدارس في حضرموت ،إنها مدرسة( 26 سبمتبر) بميفع بنبذة تاريخية عن بدايات التعليم في المنطقة، ثم بعد ذلك سأحدث عن المأساة التي وصلت إليها هذه المدسة اليتيمة الأبوين ، حيث يعود تأسيس أول مدرسة نظامية بميفع إلى العام 1947م، إبان عهد السلطنة القعيطية ، وكانت تتكون من ثلاثة صفوف دراسية تم بناءها من مادة اللبن بمساعدة الأهالي ،ودشنت فيها الدراسة في نفس العام وسط فرحة كبيرة من قبل الأهالي إبتهاجاً بهذا الصرح العلمي ، الذي مثل أول بذرة للتعليم في المنطقة تكون أول صف دراسي فيها من حوالي 37 طالباً من مختلف مناطق ميفع واستمرت تؤدي دورها الريادي حتى مطلع السبعينات عندما تم إنشاء أول مدرسة نظامية بعد الإستقلال من مادة اللبن في منطقة (السفال) من قبل الأهالي بإشراف السلطات الحاكمة حينها ، تكونت من ثمانية صفوف دراسية مع ملحقاتها ،وأطلق عليها إسم مدرسة( الكفاح )، وإستمرت تؤدي دورها الريادي في التعليم وكانت بمثابة المدرسة المحورية الوحيدة بالمنطقة التي يأتي إليها الطلاب من قرى وأرياف ميفع لتلقي التعليم فيها ، حيث تخرج منها الآلاف من الطلاب على مدى العقود الماضية ممن هم اليوم يعملون في مؤسسات الدولة، إلا إنها اليوم تعاني الأمرين بعد أن تخلت عنها الجهات المعنية وتركت وحيدة أشبة ماتكون بفتاة يتيمة الأبوين ولم تجد من يمسح من وجهها دموع الحزن ولو حتى من باب الرحمة ، لكنه الزمن غدار وغريب جداً الذي نعيش فيه ، وأصبح من بيده السلطة لاينظر بمعيار واحد فحسب ، بل هناك مناطق تحظى بعطف وحنان المسئولين ومناطق أخرى لاتجد من يأخذ بيدها لينتشلها من براثن الحرمان.

حظيت مدرسةً 26 سبتمبر صلاح ناصر سابقاٌ برعاية وإهتمام كبيرين من السلطات الحاكمة حينها لاسيما مكتب وزارة التربية بالمحافظة بالمحافظة ،كونها تعد من المدارس المحورية من حيث توفر البيئة التعليمية المناسبة للتدريس ، ناهيك عن توفر الإمكانيات الأخرى الخاصة بالأنشطة المدرسية التي كانت تكتظ بها مخازن المدرسة، و التي تبعث السعادة والطمأنينةفي قلوب ونفوس الطلبة والمعلمين ، وتلعب دور كبير في تحسين البيئة التعليمية والتربوية ، وهو ماتفتقده المدرسة في الوقت الراهن، نتيجة للتهميش الذي طالها ومازال يمارس ضدها ، ولاندري لماذا تحارب مدارسنا ؟ ولماذا لم تحصل على نصيبها من الترميم والتأثيث الفاحش الذي تحصلت عليه بعض المدارس في أغلب مديريات ومناطق الساحل الحضرمي ؟؟ بينما ماتزال مدارس منطقة ميفع المحرومة التي لاعمة لها ولاخالة تعاني الأمرين جراء ما مورس ضدها من إقصى وتهميش على مدى العقود الماضية،ومازال يمارس بقصد أو بغير قصد ،والشاهد على ذلك هذه المدرسة التي أصبحت مههدة بالسقوط مالم تتدخل الجهات المختصة وتسارع في إنقاذها قبل أن تقع الفأس والرأس ، ونندم حيث لاينفع الندم.

أما اليوم كل شئ تبدل وتغير ، ولم تعد المدرسة تلك التي كانت أيام الزمن الجميل بثوبها القشيب ورونقها الجميل ومبناها المنظم،الذي تحول مع مرورالزمن نتيجة
للإهمال المتعمد من قبل الجهات المختصة على مدى العقود الماضية ولم تلتفت إليه أسوة بغيرها من المدارس ، التي حظيت بإهتمام كبير في أغلب مناطق ساحل حضرموت من قبل الجهات المسئولة في المحافظة وتم ترميمها وصيانتها وتزويدها بالمعدات المدرسية من كراسي وقاعات خاصة للحاسوب وظلات للطابور الصباحي وهلمجرا من الدعم الغير محدود، وأصبحت مدارس مهيئة للتعليم ، أما مدرستنا التي نحن بصدد الحديث عنها في هذا المقال المتواضع الذي سنتطرق فيه بالحديث ،عن ماتعانيه مدرسة 26 سبتمبر بميفع من معاناة كبيرة من حيث غياب البنية التحتية هذا من جهة ، ومن جهة أخرى المبنى المتهالك الذي أصبح مهدد بالإنهيار في أي لحظة، مالم يتم تدارك الأمر والتدخل في أسرع وقت ممكن لتفادي حدوث كارثة لسمح الله.

مادفعني للكتابة عن هذه المدرسة المغلوب على أمرها التي تلقيت فيها تعليمي الإبتدائي وتعلمت فيها أبجديات القراءة والكتابة وشربت من ثديها كؤوس المعرفة والثقافة ، مارأيته بأم عيني أثناء دخولي حرم المدرسة لأمرٍ ما ،فشاهدت بعض التشققات في جدران المبنى المدرسي ناهيك عن سقوف وأعمدة بعض الصفوف المهددة بالإنهيار، نتيجة لتآكلها بسبب الأرضة، وعوامل التعرية ، ووفاءاً لها هرعت إلى منزلي مهرولاً لعلي أرد لها الجميل ، وأمتشقت قلمي ،وبدأت أسرد هذه الكلمات والعبارات عن ماتعانيه هذه المدرسة نتيجة للإهمال الذي طالها ولم يلتفت اليها أحد ووضعت في منطقة ظل، بينما تم تأهيل عشرات المدارس في مناطق كثيرة وتركت مدرستنا بثوبها المهترئ الممزق، وهذا إن دل على شئ فإنه يدل على أن هناك تمييز مناطقي مقيت في منح المشاريع من قبل السلطات المحلية بحضرموت ، ولاتوجد أي عدالة في توزيع المشاريع الخدمية سواءًا التربوية أو الصحية وغيرها ، بل تذهب الى مناطق بعينها دون سواها ،وهذا ناتج عن سيطرة بعض مناطق حضرموت على القرار السياسي في المحافظة دون سواها من المناطق ، وهذا جعل من بيده القرار يعمل لصالح منطقته وحاشيته فقط ، بينما هناك مناطق تعاني من شبح الحرمان المزمن ولم يلتفت إليها أحد ، فإذا حاولنا أن نعطي مقارنة بين المدارس في شرق حضرموت وغربها لوجدنا بينهن بون شاسع من حيث الإهتمام الغير محدود الذي تحظى به المدريات الأخرى وبعض المدن مقارنة بمنطقتنا التي تعاني مدارسها من غياب للإمكانيات والخدمات قلة الصفوف الدراسية ومباني بعضها هي بحاجة الى ترميم وصيانة وتأهيل أسوة بغيرها.

وما يحز في النفس ويؤلم القلب هو الحالة الإستثنائية التي تعانيها مدرسة 26 سبتمبر لاسيما من حيث المبنى الذي أصبح غير لايق للتعليم بكل ماتعنيه الكلمة من معنى، نتيجة تعرضه لتشققات وتآكل بعض سقوفه، وعندما تأتي الأمطار تتسرب الى أغلب الصفوف، ليس هذا فحسب ، فالمختبر الوحيد في المدرسة هو الآخر أصبح مهدد بالسقوط أو تلف المواد والأجهزة التي بداخله نتيجة تسرب مياه الأمطار إلى داخله، ونحن هنا نتسأل لماذا لم يتم ترميم هذا المدرسة من قبل السلطات المعنية أسوة ً بغيرها ؟ ولماذا لم يلتفت اليها حتى ولو بطرف العين ؟ ولماذا مدرسة ميفع المحورية بالذات تتعرض للتجاهل والنسيان ؟ وهل مكتب التربية بالمحافظة على علم بما تعانيه أم لا ؟؟ على مدى سنوات طويلة ونحن نسمع عن ووعود بالترميم ولم نرى شئ على أرض الواقع أبداً !! وهنا أدعو الجهات المختصة بالنظر الى هذه المدرسة ولو بطرف العين كغيرها من المدارس وإنقاذها قبل أن يقع الفأس في الرأس لقد قطعت وعود على مدى الفترات السابقة ، لكنها ذهبت كالسراب وتبخرت ولم نرى منها شئ ،وهنا نحن نتسأل لماذا تعطى لنا الوعود دون أن يلتفت لمعاناة مدرستنا من بيدهم القرار؟ مدرسة 26 سبتمبر تناديكم لإنقاذها فهل من مجيب الأيام القليلة القادمة كفيلة بالاجابة عن ماكتبناه.. اللهم إني بلغت اللهم إني بلغت.