ناصر التميمي يكتب:
المهرة.. الورقة الأخيرة التي ستنهي اللعبة !!
ظلت المهرة خلال سنوات الحرب الماضية بعيدة جداً عن الأضواء ،ولم يلتفت إليها التحالف حيث تركت مفتوحة لكل القوى التي تتصارع على اليمن ، و تمتلك المهرة سواحل طويلة على ساحل بحرب العرب تقدر بمئات الكيلو مترات ،ويوجد بها عدد من الموانئ ناهيك عن الصحاري المفتوحة التي يستخدمها المهربون ، ومن إخطاءات التحالف العربي انه ترك هذه البوابة مفتوحة على مصراعيها دون حسيب أو رقيب ، فلم يلتفت لها منذ انطلاقة عاصفة الحزم التي جاءت لتخلص اليمن من الجرثومة الخبيثة أتباع ايران الذين أعاثوا في الأرض الفساد والدمار وسفك الدماء أمام مرأى العالم الذي يتفرج على مايرتكب من مجازر بيد الحوثيين الذين باتوا يصفهم البعض بأنهم طفل الأمم المتحدة المدلل.
منذ البدايات الأولى لعاصفة الحزم إرتفعت الصيحات ونادت بعض الأصوات الشريفة وكتب كثير من الكتاب عن مايحدث في المهرة من عبث من قبل شرعية الفنادقة الهاربة وقطعانها التي تنهش في جسد التحالف العربي تحت غطاء الشرعية المنقسمة على نفسها الى عدة شرعيات ضد ومع التحالف بيافطات مختلفة ، ولو أن التحالف من البداية عمل على تحرير المهرة من عصابات الشرعية ومرتزقتها وسلمها لأبناءها لما وصل بنا الحال الى ما نحن فيه اليوم من اطالة أمد الحرب التي تجري في عامها السادس ولن تنتهي الحرب الا بحسم الموقف في المهرة ووادي حضرموت وشبوة وتسليمها لابناء الجنوب ، عندها سيكون سقوط صنعاء سهلاً وفي فترة وجيزة ،دون ذلك فلا تحرير للشمال قط ،وربما تتحول الحرب في اليمن ، الى حروب ستغذيها بعض الدول التي تعارض مساعي التحالف ،وهذا لم يعد خافياً بل بات واضح للجميع.
المليشيات الانقلابية هي في الأساس مسيطرة على الوضع العام في المهرة عبر أذرعها وعملائها ، وعبرها تمر كل المهربات الى الحوثيين وبسلام بتسهيل من جهات تتبع شرعية هادي المدعومة من تركيا ودويلة قطر التي تحاول اللعب على أوتار عدة لخنق التحالف العربي ، وفتح جبهات كثيرة في المناطق الجنوبية التي تشهد استقراراً أمنياً ، وهو مأغضب أعداء الجنوب لاسيما دويلة قطر الخنجر المسموم الذي يطعن في جسد الجنوب على مدى سنوات طويلة.
خلال السنوات الماضية من الحرب حاول التحالف العربي أن ينأى بمحافظة المهرة بعيداً عن الصراع الدائر في اليمن وجعلها منطقة آمنة لإحتضان النازحين والمهجرين من المحافظات التي تشهد نزاع، وبالذات المحافظات الشمالية الواقعة تحت هيمنة المتمردين الحوثيين أتباع إيران ، بينما هناك قوى لها إرتباطات دولية إتخذت من المهرة بوابة عبور للأسلحة التي تأتي من إيران الى الحوثيين بسلام ،رغم أنه توجد هناك عشرات المعسكرات التي تدعي بأنها شرعية في الظاهر، وهي في الحقيقة تدين بالولاء المطلق لعبدالملك الحوثي وتأتمر بأمره وهذا غير خافي على أحد، فقد بات واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، والا لو كانت شرعية لذهبت للدفاع عن مأرب وصنعاء ، وللأسف الشديد كان التحالف يتفرج على مايحدث ، ولم يحرك ساكناً بحجة أن هذه القوات شرعية وهي في الأساس خجراً مسموماً وسيفاً مسلولاً سينقض على التحالف متى ما جاءتهم الأوامر ، وبقاءها على أرض الجنوب العربي يشكل خطراً يهدد بنسف كل الجهود التي حققها التحالف العربي والقوات الجنوبية.
لقد جاء إتفاق إستكهولم كورقة خبيثة سيغت بخبث ومكر من قبل الأمم المتحدة لإنقاذ الحوثيين من السقوط المذل ، واغلاق باب الحديدة الذي كان يتلقى الحوثيين منه الدعم ولو مؤقتاً وابعاد إنظار التحالف بعيداً عن مايجري في المهرة من عمليات تهريب لإمداد الحوثيين ، وهذا يتم بمساعدة الأمم المتحدة التي تريد أن لايكون هناك حل للأزمة اليمنية على الأقل في الأمد القريب لإستنزاف التحالف العربي واحراق المنطقة ضمن حساباتها الجهنمية ومخططاتها الكهنوتية الإستعمارية الجديدة ،التي تنفذها لهم إيران وتركيا وقطرعبر أذرعهم والأدلة واضحة في عالمنا العربي فمايجري في سوريا والعراق وليبيا ولبنان هو نفس المخطط القذر الذي يستهدف المنطقة العربية ، واغراقها في بحورمن الصراعات الطويلة، التي قد تستمر لعقود من الزمن ، ان استمر حالنا كعرب ننتظر الحلول من عصابة الامم المتحدة وشياطينها.
نحن كنا ننتظر من التحالف العربي فرض هيبته في البوابة الشرقية للجنوب مثل مافعل في حضرموت الساحل ليقطع الطريق أمام القوى التي تحاول إثارة الصراعات في الجنوب لتقويض مشروع التحرير والاستقلال ، لكن ذلك تأخر كثير الى أن صحى التحالف من نومته الدهرية وكشفت له اللعبة هناك وتمكن قبل بضعة أيام من فرض سيطرته على منفذ شحن الحبل السري الذي كان يغذي. الانقلابيين الحوثيين بالسلاح والأموال ، وهو ماجعلهم يستمروا طويلاً بالبقاء ،وكما يقول المثل أن تأتي متأخر أفضل من أن لاتأتي ، وماقام به التحالف في المهرة خطوة شجاعة وجبارة إنتظرناها طويلاً ، وهذا العمل أزعج كل القوى التي تستهدف التحالف من أطراف في الشرعية والحوثيين الذين يلتقون في مصالحهم ، وعندما قطع عليهم الخط توحد اعلامهم في ذلك اليوم ياسبحان الله !! من هؤلاء القوم وذهب قنوات الاصلاح تصف السعودية بالإحتلال للمهرة وتجاهلت مايحدث في شبوة. من إعتقالات خارج القانون لقيادات ونشطاء وأبناء الجنوب.
ماحدث في المهرة يعد تحول إستراتيجي كبير في سير الأزمة اليمنية ينبغي أن تتبعه خطوات أخرى مماثلة ،إن اراد التحالف تحرير الشمال فعليه تطهير المهرة وحضرموت الوادي والصحراء وشبوة من قوى إحتلال عام 94م وكنسها من الجنوب الى مأرب لمواجهة الحوثيين ، وتسليم هذه المناطق لأبناء الجنوب لإدارتها وحمايتها.
لقد أرادت بعض القوى في جسد الشرعية الهاربة التي رأت نفسها الخاسرة من إتفاق الرياض الذي أعطى للجنوبيين الحق في ادارة اراضيهم ، ومن هذا المنطلق كشرت هذه القوى عن أنيابها وفتحت صراع جديد عبر بوابة المهرة هذه المرة في محاولة منها لخلط الأوراق وإفشال إتفاق الرياض ، فذهبت حساباتهم الشيطانية في الهاوية التي أفشلها التحالف ، وبذلك يكون التحالف قد تمكن من قطع اليد التي أوجعت قوى الإحتلال اليمنية بكل تشكيلاتها ، والشي الذي ينبغي على التحالف فعله تسليم المهرة لقوى جنوبية خالصة وهي ستقضي على كل البؤر التي تعادي المشروع العربي..فالمهرة هي الورقة الأخيرة التي ستنهي اللعبة في اليمن وخروجها من عباءة هذه القوى ، يعني إنهاء الحرب لأن إستعادتها يعني خنق ولي رقبة الحوثيين ،وهو الذي قد يعجل بسقوطهم ، فهل يفعلها التحالف ويختصر الطريق. !؟؟