مناوئ المجلس الانتقالي.. معارضة ام ثورة مضادة ؟
علمتنا دروس الماضي ان ليس كل من يعارض سيئ بل ان بعضهم هم الأكثر نقاء من الشرفاء الذين يرفضون النفاق او انهم يفتقدون للمرونة والتعاطي مع العمل السياسي وفقا للأصول السياسية او ان السياسية لديهم عبارة عن دين لا فرق لديهم بين المكسب والخسارة المهم قول الحق. وعلى الطرف الاخر ليس كل مؤيد للثورة هم المخلصين والمناضلين والصفوة والإكفاء .. نعم يوجد بين هؤلاء من يمتلك مثل كل هذه الصفات او بعضها في أي ثورة وهذه حقيقة لكن ما هو مؤكد ان الانتهازيين والوصوليين كثر فهم الأكثر حماسا والأكثر لياقة وقدرة على القفز والمزايدة والتشدد وهم اول من يبيع وينقلب .
لست اليوم في مقالي هذا بصدد الدفاع المستميت والتعصب للمجلس الانتقالي الجنوبي الذي اؤيده بشده ليس بسبب الأشخاص والأسماء التي لم اقف عندها كثيرا مثلما غرق البعض داخل هذا الشبر من الماء فهي بالنسبة لي لا تشكل سوى جزء من قضية يجب ان لا نغفل اجزائها الأخرى وعلينا تقييمها بشكل غير منفصل عن بعضها.
أؤيد المجلس ليس لان الأسماء التي بداخله هي الأفضل وهي الاكفأ وهم المناضلين الوحيدين الذي يستحقون ان يكونوا قادة لنا, ما في شك ان فيه أسماء يستحقون ثقتنا وهم اكفاء لكن ما هو اهم بالنسبة لي ان الخطوة التي اقدموا عليها في تشكيل المجلس صحيحة وهي الجزء الرئيس والاهم في القضية مع التأكيد ان التأييد من قبلي وغيري كثيرين حسب اعتقادي ليس مطلقا بل مشروطا بخطوات ضرورية لازمة وضمانات واهمها:
سرعة استكمال تشكيل هيئات المجلس واعداد الوثائق المتعلقة ببرنامج ونشاط وصلاحيات المجلس والضوابط المحددة له. ومن اجل نجاح المجلس وهيئاته وضمان استمرار الدعم الشعبي له لابد من اشراك مختلف المكونات الحراكية ومؤسسات المجتمع المدني والشخصيات الاجتماعية والسياسية الجنوبية في اعداد الوثائق بدرجة أولى وتشكيل الهيئات بدرجة ثانية.
نريد ان نرى برنامج يعبر عن طموحنا يقودنا نحو تحقيق اهداف الثورة التي ضحى من اجلها شعبنا الجنوبي وقدم الغالي والنفيس . ثم نريد ان نرى قواعد انضباطية تقيّد كل من نمنحه الثقة في ان يكون قيادي في أي مرتبة من مراتب المجلس , لا يتاجر بثقتنا او يستخدم هذه الثقة للكسب والاثراء او المساومة او ينحرف عن الهدف او يتهاون في أداء المهمة الموكلة له لأي سبب كان ونريد ضمان قدرتنا على تغييره اذا اقتضى الامر.
نريد ان نرى عمل هيئات وليس افراد تحترم منجزات الثورة ونضال وتضحيات الجنوبيين على مدار عشرون عاما فالمجلس هو ثمرة لها ولم يأت من خارجها ويجب ان لا يبني نشاطه على انقاضها فهذا امر غير مقبول. ايضا نريد ان نرى شفافية مطلقة في نشاط المجلس ماليا و سياسيا.
هذه هي نصوص التأييد المشروط التي يجب ان يدركها إخواننا في المجلس لان فقدان الثقة من قبل من ايّد المجلس ستكون لها عواقب وخيمة على من تحمل المسئولية كأشخاص وعلى مستقبل الثورة بشكل عام.
على نفس الصعيد ليس من العدل ان نحمل إخواننا في المجلس كل هذا العبء والمسئولية ونبقى متفرجين نطالب ونطالب ونريد ونراقب وننتقد فالمسئولية تقع على عاتقنا جميعا داخل وخارج المجلس في المكونات والمستقلين وأينما كنا .. المسئولية كبيرة وصعبة ولن ينجح المجلس الا بتضافر كل الجهود ونكران الذات في هذه المرحلة فلا ننتظر ان نكون كلنا في هيئات المجلس ولاننتظر أيضا نرى الأفضل والاكفأ في قيادة المجلس وهيئاته فالكثير يأتون لمواقعهم لحسابات كثيرة لا أحد يستطيع تجنبها .. اهمها الحسابات الوطنية وثانيها حسابات القوى المؤثرة والفاعلة في العملية السياسية داخل الجنوب برمتها وابرزها التحالف العربي.
نجاح المجلس هو انتصار للمعارضين والمؤيدين معا بل انتصار للوطن.. وفشل المجلس هو انتكاسة للثورة سندفع ثمنها جميعا دون استثناء حتى أولئك المنظوين في جوقة على محسن وقوى الارهاب والاحتلال والذين باعوا انفسهم بثمن قليل وارتفع رصيدهم بسبب التصعيد الثوري في الجنوبي فسيتم الاستغناء عنهم عند اول منعطف والاخوة الجنوبيين الذين كانوا في صنعاء قبل صعود الحراك السلمي الجنوبي يدركون ذلك جيدا.
القضية الأهم هي أولئك الذين يعارضون المجلس.. دون شك ليسوا جميعهم على نفس الموقف فهم يمثلون توجهات مختلفة. البعض يطرحون انهم ليسوا ضد المجلس ولكنهم ضد الالية او التوقيت الذي تشكل به المجلس. كنت اود ان أرى تفاصيل وقراءة أوضح وتفسير لهذا الاعتراض.لايعقل ان ارفع شعار المعارضة دون ابدي راي واضح وتقديم البديل الأفضل فالكثيرين وانا منهم اذا رأوا بديلا منطقيا ونقدا واقعيا فماالذي يمنعنا من تأييده . اذا الكرة هي الان في مرمى المعارضين فليقولوا لنا ماهي أسباب معارضتهم.. هل يريدون تصحيح اخطاء يروها ام ان لديهم تصور لبدائل مختلفة كليا .
ندعو الاخوة هؤلاء بتحمل المسئولية وادعو الكل لاحترامهم فالمعارضة هي الوجه الأخر والجزء المكمل للعملية الثورية ويجب ان يكون دورهم رقابي ونقدي إيجابي يقوم أي اعوجاج للمجلس وفي نفس الوقت تقع عليهم مسئولية كبيرة في الالتزام بقواعد المعارضة الوطنية الشريفة وعدم اللجوء لأي دور سلبي تخريبي لان المجلس يحظى بالتفاف شعبي كبير وكاسح وعلى المعارضين احترام هذا .. فمن حقهم ابداء الراي ومن حقهم القول بان المجلس لا يعبر عنهم ولكن ليس من حقهم ان يقولوا ان المجلس لا يمثل الجنوب لان هذه هي قواعد الديمقراطية التي تجبرنا على احترامهم والحفاظ على حقوقهم وعدم انتهاكها او تصفية الحساب معهم كما تفعل الأنظمة الديكتاتورية.
قد يختلفوا معي في مسألة تمثيل الجنوب بقولهم ان هذا المجلس غير منتخب ..ولكن المجلس حصل على تأييد شعبي كاسح وهو بمثابة استفتاء شعبي بشهادة الجميع سواء عبر مهرجاني التأييد الكبيرين او عبر تأييد مختلف مكونات المجتمع المدني والأحزاب والشخصيات داخليا وخارجيا وعلى المعارضين اظهار حجم المناوئين للمجلس بنفس الطريقة التي فعل بها المجلس حتى نعرف وزنهم.. لكنهم وللحقيقة اننا لانعرف حتى الان ماهي الأسباب التي يعارضون بها المجلس. ربما انهم يعارضون الطريقة التي تشكل بها المجلس وهذا ربما ليس واضحا للجميع بان المجلس هو حصيلة لحوار طويل قديم بدأته قوى الثورة بعيد انطلاقة الحراك الجنوبيومحاولة تأسيس الجبهة الوطنية ومروا بالمؤتمر الوطني الجامع وجهود كثير من الهيئات واللجان التي تشكلت مؤخرا وهو حصيلة للجان تشكلت بعد دعوة محافظ عدن السابق قبل ثمانية اشهر تقريبا لتشكيل مكون سياسي للثورة. على المعارضين ان يأتونا بتصور منطقي قابل للتطبيق كبديل افضل لكيفية تشكيل المجلس او ما يروه مناسبا الان والكرة في ملعبهم.
بقي معنا المعارضين الاخرين .. لا ابالغ لو قلت ان نفس الأشخاص الذين كانوا يعارضون مشاركة المقاومة في السلطة تحت مظلة الشرعية ويعتبروها خيانة هم انفسهم الذين يعارضون الان ما يسموه بتمرد وانقلاب المقاومة على الشرعية ويعتبروها خيانة او على الأقل خطأ.. لا اناقش الان سلبيات وايجابيات مشاركة المقاومة في السلطة فانا من المتحمسين للاستيلاء على السلطة وتثبيت اقدام المقاومة على الارض تحت أي مسمى لأني اعتقد بان السلطة الشرعية غير موجوده والمعركة بيننا وبين قوى الإرهاب والفساد على السلطة هو القائم فعلا.
لا انفي وجود قصور وسلبيات ارتكبتها المقاومة أهمها فشلها في الحفاظ على تماسك المقاومة واستيعاب طاقاتها ومساعدتها في بلورة قيادة تنظم نشاطها وتوظفها في المعركة العامة ولكن ذلك امر ليس يسيرا في مثل الظروف التي مضت ويتحمل المسئولية أكثر من طرف.
أولئك المعارضين لمشاركة المقاومة في السلطة تحت مظلة الشرعية ولمواجهة المقاومة للشرعية لله في امرهم شئون, فهم اما وانهم معارضون لأي عمل لانهم ليسوا في مقدمته او ان اشخاص بعينهم لا تعجبهم , او ليسوا من المقربين لهم والبعض خلقهم الله ليكونوا معارضة ولا يستطيعوا الا ان يكونوا معارضة, يعارضون بمناسبة وبغير بمناسبة ولا يصلحون لأي عمل ولو وضعوا في موقع المسئولية ستجدهم افشل الفاشلين ولنا في تجربة الجنوب دورسا بليغة.
بقي لدينا فئة تعارض ونحن جميعا ندرك ارتباطها بأعداء الجنوب بالمال والعتاد فهم يتلقون الدعم من على محسن الأحمر وجماعة الاخوان الضّالّون الإرهابية من قطر وتركيا وعلي عبدالله صالح ولهم ارتباط وثيق بالتفجيرات والاغتيالات والتخريب لكل الجهود سوءا في منع أي عمل لاستعادة الخدمات كالكهرباء والماء والخدمات الصحية او في نشر الاشاعات وتغذية النعرات ومحاولات شق الصف ولديهم اشخاص يمثلوهم بيننا بأسماء سوءا معروفة او مستعارة يطلون بها عبر التواصل الاجتماعي او وسائل اعلام قوى الإرهاب والفساد التي تستظل تحت مظلة الشرعية فهؤلاء نعم جنوبيون لكنهم وكلاء للشيطان و قوى للثورة المضادة ولا تكفي معهم المواجهات على صفحات الفيس بوك لفضحهم بل ان المجلس مدعو لتشكيل جهاز لحماية الثورة والتعامل معهم كما يجب عبر أدوات القمع والقضاء دون أي تردد.