عبده النقيب يكتب لـ(اليوم الثامن):
المعركة المؤجلة.. معركة الجنوب ومصيره
كذب من قال إن الجنوب في مواجهة مع عبدربه منصور هادي .. كذب من قال ان عبدربه رئيس حتى للفندق الذي يقيم فيه قسرا أو انه من استدعى عاصفة الحزم .. كذب من قال أنا معركتنا هي مع حكومة بن دغر . وكذب الف مرة من يقول أنها معركة مناطقية بين الزمرة والطغمة التي لم يعد لهما أي وجود .. جميع هذه الادعاءات هي محاولات رخيصة لحرف الأنظار عن المعركة الحقيقة وأطرافها الفعليين.
لست بصد شرح وتبرير كل هذه التخرصات فتلك لا تحتاج لأي جهد لدحضها فقد باتت في حكم المسلمات ولذا علينا تحديد طبيعة المعركة وأهدافها حتى لا نتوه داخل دهاليز الإشاعات وننحرف باتجاه ما يريده لنا الأعداء. هذه المعركة المؤجلة التي كان علينا خوضها ساعة تحرير الجنوب من قوات الحرس الجمهوري والأمن المركزي والمليشيات الحوثية والقبلية الأخرى حان وقتها.
عندما تحقق النصر العسكري المعمد بدماء المقاومة الجنوبية وأبناء الجنوب الأبطال منعت دول التحالف الجنوبيين من تشكيل سلطاتهم في الجنوب المحرر وهددتهم بانهم سيعاملون كمتمردين في تأكيد صريح انهم يخافون من الجنوب المستقل والدولة القوية اكثر مما يخافون من الحوثيين . وأثبتت وقائع السنوات الثلاثة الماضية أن المعركة الحقيقية تدور رحاها في الجنوب وليست في الشمال مهما بدت للبعض غير ذلك. لاشك ا ن خلافات حادة عصفت بالقوى الشمالية المتصارعة على السلطة وهي معركة ممكن أن تنتهي بالتسوية وتقاسم السلطة وهي على وشك أن تتم لكن المعركة التي لا يمكن حسمها بالتسوية هي المعركة في الجنوب ومع الجنوب. معركة بناء الدولة الجنوبية المستقلة ذات القرار السيادي في هذه البقعة الأكثر أهمية في المنطقة كلها هو ما يخيف ويقلق مضاجع دول التحالف.
ليس جديدا ما فعلته دول التحالف عينها بالربيع العربي من ليبيا إلى مصر وسوريا والعراق وصنعاء. لقد رمت اليوم بكل ثقلها في عدن لمحاولة اجتثاث الحراك الجنوبي والمقاومة الجنوبية وتدمير الجنوب عبر إعاقة أي جهود لإعادة بناء المؤسسات والسيطرة على مواردة وحرمان الجنوبيين من استثمارها لتركيع الجنوب للقبول بالتسوية التي لن تنتقض هذه المرة من السيادة فقط بل وستفرض هيمنتها تدريجيا للسير نحو تجزئة واقتطاع أراضي الجنوب.
المعركة القائمة في الجنوب اليوم هي بين بقايا نظام الاحتلال اليمني الذي يحاول التحالف إعادة إنتاجه والمتمثل بمليشيات حزب الإصلاح التي تتخذ من مسمى الشرعية شعار لها وبين المقاومة الجنوبية والحراك السياسي الجنوبي بكل أطيافه. أنها معركة ضرورية فاصلة ومصيرية تأخرت وستكشف الأوراق للكثيرين وخاصة الموقف الحقيقي للتحالف العربي وأهدافه الفعلية من التدخل العسكري التي ليس من بينها إعادة الشرعية أو القضاء على الحوثيين دون أي شك .
المعركة لن تحسم في خور مكسر ويجب أن لا تنتهي بإسقاط الحكومة أو التسويات بل يجب أن يستمر التصعيد والحوار ولنبدأ بإسقاط المحافظات خارج عدن والاستمرار في الحشد حتى نجتث بقايا ومخلفات نظام الاحتلال كله وتأمين الجنوب من مخاطر عودته وهي فرصة للشرفاء في المجلس الانتقالي ليثبتوا قدرتهم على إدارة المعركة السياسية وبلورة برنامج عمل للانتفاضة الشعبية والتحرر من هيمنة التحالف من خلال القيام بدور توحيد الجهود المختلفة وتجنب محاولة التفرد بها لتفادي التشقق في الصف الجنوبي وربط العمل السياسي بالعسكري والتكامل بين المجلس الانتقالي والمقاومة الجنوبية والمكونات السياسية والنقابية والحشود الشعبية في معركتنا المصيرية والحاسمة, معركة الجنوب كله فأما أن نكون أو لا نكون.