د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

اليمن في نظر العالم بين الأمس واليوم !!

ظل اليمن لقرون عديدة رمزا للتخلف الحضاري عن ركب الإنسانية كلها ولا زال يعيش في الثالوث البشع : الفقر – الجهل – المرض ..رغم قيام الثورة في السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962م إلا أن هذا الثالوث ظل لصيقا به ومرادفا لأسمه فما الذي تغير فيه ونجن نقف على عتبات الربع الأول من القرن 21 ؟؟!!
لاشيء يذكر ظلت العقلية متخلفة كما هي منذ قرون كما قال أحد أبناؤه (المتعلم فينا أعمى)!! وهذا الواقع المزري لا زال يجسده نظام الحكم الحوثي اليوم الذي اختطف اليمن ويجسد فيه التخلف من جديد امتدادا للقرون البائدة ... ولن نشهد بما لدينا ولكن سندع غيرنا يشهد ويتكلم ففي 16سبتمبر 1887م كتب المعمر الياباني كيمهتو هًنقو يقول في مذكراته :
زرت اليمن ثلاث مرات وأنا في طريقي من اليابان إلى لندن وكانت عدن وقتها تعتبر ثاني اكبر ميناء في العالم ، ثم زرت اليمن في العام ١٩٢١ ولكن ليس لعدن وإنما الحديدة ثم أحببت أن اكتشف صنعاء وصدمت من الفجوة المخيفة بين عدن وصنعاء وبين كل سكان الأرض وسكان صنعاء في ذلك الوقت يقول كيمهتو :
وجدت أشخاص لهم كروش وقصيري القامة يدعون ب آل البيت أو العترة الطاهرة كانوا يأكلون بشراهة في عامة الطرق والناس من حولهم جياع ، وكان في كل قرية شخص من العترة الهاشمية يحكمها وكان كل ما يقوم به هو سرقه محصول المزارعين .
يقول في الصفحة ٢٨٤ من مذكراته ، اليمن بلد غني وهي ثاني أقدم حضارة في العالم و كانت اليمن تساعد إمبراطور اليابان في العام ٦٠٠ قبل الميلاد كانت اليابان والصين تقترض من اليمن وتأخذ مساعدات من اليمن ودرسنا عنها في كتب التاريخ في اليابان ولكن عندما جاء الهاشميون إلي اليمن سرقوا كل ما فيها وجعلوها من ثاني أغني بلد في العالم إلى أفقر بلدان الأرض !!.
ويضيف أنه كان نائم في احد البيوت المخصصة للمسافرين ثم جاء حاكم الإمام وقال له أنه يريد أخذ حذائي ونظارتي الشمسية ورفضت وهددني بالسجن وقال لي :
نحن أحفاد النبي ولنا الخُمُس مما تملك وأخذها عنوة فقررت بعدها الرحيل ، وحين وصلت الحديدة اخبرني قبطان السفينة أن مندوب الإمام في الحديدة أخبر الناس أن إمبراطور اليابان بعث للإمام هدية نظارات شمسية وأحذية تقديرا لموقف الإمام في الحرب العالمية الأولي ومساعدته اليابان في إرسال قمح و شعير .
ضحكت وقلت سارق الأحذية هو الإمام نفسه ، لن يطول حكم هذا اللص .
ويختم كيمهتو الياباني :
لم أصدق أن هناك أشخاص يعيشون عيشة الحيوانات إلا عندما زرت اليمن في العام ١٩٢١ولم اصدق أن هناك جيش حافي وشعب لا يعرف الراديو والطائرة والسيارة إلا عندما زرت اليمن !!
ولكن لم افهم لماذا في اليمن يتم تقديس من يسمون ب العترة الهاشمية رغم إنهم لصوص وليسوا من اليمن ؟
ومن كتاب "أحداث عشتها في اليمن " للفرنسيه مارسيل فيفرييه كتبت تقول :(سراق الشعوب ..أئمة) مايلي :
في مايو 1947م قبل أن تشد أسرة والدي الطبيب فيفرييه رحالها إلى اليمن، كان الانطباع الوحيد لدى الأوربيون عن هذه البلاد هو : ( أخبرونا في باريس أن اليمن بلد معزول عن الخارج، ولن نكون إلا ضمن حياة القرون الوسطى، والأوروبيون هناك يعيشون حياة عسيرة!!
لكن مارسيل اكتشفت بعد وصولها اليمن أن الواقع أعظم بؤسا مما تخيلت، إذ تروي: مأساة حقيقية لحال الإنسان اليمني في كنف آل حميد الدين, لا يكاد المرء يقوى على تذكرها مرة أخرى.. فهي تمر ببعض الأرياف، وتصف حالهم قائلة:
( يعيش هؤلاء الريفيون الجبليون شبه عراة، فهم يغطون أجسادهم بجلد الماعز فقط، الأمر الذي أدهشنا في هذا المكان المرتفع، وحيث البرد القارص جدا.. وقد بلغنا أن هؤلاء القبائل يعيشون في فقر مدقع، إلى درجة أن عددا من النساء يتشاطرن الثوب نفسه، ويعار هذا الثوب لمن تذهب لجلب الماء من البئر.. كان منظرهم يخيفنا، لكنهم كانوا ودودين ومسالمين!!
ثم تنتقل لوصف موقفا في بيت عامل باجل عندما همت وأمها دخول الحمام للاغتسال، فتقول" ( صرخت أمي: أنظري ما على الماء من شعر، ربما هو شعر حيوانات!! اقتربت لألقي نظره، فرأيت شيئا يطفو.. إنها يرقات بعوض. ما من حل غير إزاحتها بالكف وشرب مما تحتها..).
فإذا كان حال الماء في بيت العامل على تلك الصورة المقززة، فما بالنا عند عامة الناس .. وتضيف: ( لقد اضطررنا لإغلاق نوافذ السيارة، إذ كان الذباب يدخل علينا أفواجا.
وكثيرا ما تحدثت الكاتبة عن الحشرات والقاذورات، حتى أنها عندما وصفت المطبخ اليمني قالت: ( هذه الغرفة هي المكان الذي يغزوه الذباب على الدوام، وكان من المألوف جداً لنا أن نجد بعض الذباب في طعامنا وأطباقنا).
ثم تعرج على الكيفية التي يسخن بها اليمنيون الحمامات، وكيف تقوم النساء بصنع أقراص من روث الجمال أو البشر ثم يَدُسنه حافيات الأقدام كان يذهلنا هو قيام النساء بعمل أقراص الروث بأيديهن، ثم يقمن في نفس الوقت بالاعتناء بأطفالهن دون غسل أيديهن، ويمسحن وجوهم بأطراف أثوابهن، أو المقرمة)
وتستأنف" ( فوجئت ذات يوم برؤية خادمنا يرفع السجاجيد، ويرش روث الخيول على أرض الغرفة قبل تنظيفها لمنع الغبار).
وتستعرض لوسيل فيفرييه مشهدا مؤلما من واقع ظلم الأئمة لأبناء شعبهم، فتقول " وكما هو الحال في الحديدة، يتكفل السجناء، وأقدامهم مكبلة بالسلاسل، بمهمة تنظيف مدينة صنعاء.. وما كان يبعث على الأسى دائما هو رؤية هؤلاء التعساء والجروح تدمي كعوب أقدامهم جراء احتكاك السلاسل بها!!
وإذا اليمن هكذا بالأمس فما هو حاله اليوم ؟؟ لم يتغير شيء إلى الأفضل بل إلى الأسوأ انه التاريخ يعيد نفسه ولكن بوجه أشد ظلما وظلاما وبؤسا ... والأشد ألما أن كل ذلك يتم باسم الدين والسلالة والعترة الشريفة التي أناخ رجالها رحال غربتهم وكربتهم في اليمن التماسا لكرم أهلها وفتحوا لهم ديارهم حبا لرسول الله صل الله عليه وسلم هذا إن صدقوا في نسبهم إليه واليوم تخول هذه العصابة لنفسها استحلال دماؤهم وتخريب ديارهم باسم الدين !! فأين هم ممن يدعون نسبه وأنهم من أهل بيته الذي قال فيه الحق سبحانه وتعالى (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159 آل عمران- صدق الله العظيم .
د.علوي عمر بن فريد