في ذكرى رحيله الأولى

جعفر الذي عشق عدن حتى الشهادة

كان تعيين اللواء جعفر محمد سعد محافظاً للعاصمة عدن بمثابة نافذة الأمل التي فتحت لهذه المحافظة المنكوبة منذ عقود عانت فيها وعانى أهلها من الظلم والفساد الذي ظل ينخر في جسدها المضني .. ولم يخيب الظن ذلك الرجل الشجاع والذي هو أيضاً من وضع الخطة العسكرية لتحريرها من براثن مليشيات العبث والتخلف الحوثيعفاشية اليمنية متبنية الشكل الجديد للإحتلال اليمني ..
فبعد التحرير عين محافظاً لمحافظة عدن في 9 أكتوبر 2015. وكان قبلها مستشاراً عسكرياً للرئيس عبدربه منصور هادي . وهو شخصية عسكرية وسياسي جنوبي من أبناء مدينة الشيخ عثمان / عدن
إذ لم تحضَ عدن من قبل بمحافظ يخلص لها ويهتم لأمرها وأمر أهلها لا في رخائها ولا ضيقتها مثلما حضيت بالشهيد المحافظ اللواء جعفر محمد سعد الذي منذ توليه أمرها بادر في معالجة مشاكلها وعللها ومحاربة الفساد والعشوائيات ويبدو أنه كانت لديه الكثير من الأفكار والخطط للتنمية وإنتشال هذه المدينة الغالية على قلبه في محاولة منه لإلحاقها بكبريات مدن المنطقة والعالم كيف لا وهي كانت في منتصف القرن الماضي رائدة في كل مجالات التطور من علوم وثقافة ومدنية وتحضر وتجارة وإقتصاد وعلم وتعليم وصحة حتى حين كانت تحت نير الإستعمار البريطاني لم تفقد عدن رونق جمالها ولا مركزها الحضاري .. لكن إرغامها وسحبها إلى العقد المحرم ووحدة الشؤم والدمار لم يأتي عليها غير بالوبال والويل وكانت الحرب الأخيرة في العام 2015 حصيلة حقد أسود دام عشرات بل مئات السنين على هذه القطعة الطاهرة هي وأخواتها في الجنوب العربي من جارة لها ..
ولكن الله منحها هبة غالية إذ كان اللواء جعفر هو تلك الهدية التي أهداها الله لعدن ليعيد لها مجدها من جديد وقد فعل إذ أهداها حريتها بخطته العسكرية الذكية التي نفذها ورفاقه ومعهم دول التحالف وبدأ يعد نفسه ويعد مدينة عدن للتطهر من عبث الفساد والفاسدين بها وينقذ أهلها من وبال التهميش والإقصاء الذي ظل سيفاً حاداً مسلطاً على رقاب أبنائها وكان اللواء جعفر هو الفارس المنقذ لها .. لكن خفافيش الفساد والظلم والظلام أبت ذلك الذي يهدد مصالحها ووجودها ودبرت له في ليلٍ حالك السوادِ مكيدة إغتيال كانت جريمة إهتز لها صباح عدن المكلومة الموجوعة بجراحٍ مازالت تنزف إلى اليوم دماء أبنائها لتفزع المدينة عن بكرة أبيها لخسارة أمل وحلم أوشك أن يتحقق لولا أنه كان خط معارض لأحلام مريضة تحملها نفوس نتنة لا تحمل غير السواد لغيرها كي تنعم هي بكل ما في الكون من بياض وكان لها ما أرادت وتوشحت عدن بالسواد على جريمة إغتيال الحلم وفارسه المبجل جعفر محمد سعد ويترجل عن فرسه في 6 ديسمبر2015 بعملية انتحارية تمثلت بتفجير سيارة مُفخّخة استهدفت موكبه أثناء مروره في منطقة التواهي بعد خروجه من السكن المخصص للمحافظ وقد أدت العملية لمقتله وعدد من مرافقيه، وقد تبنى العملية تنظيم داعش. تاركاً خلفه حلماً جميلاً تحاول اليوم المدينة ومن فيها من أبنائها المخلصين أن يحققوه رغم الصعوبات والمآسي التي يحاول الظلم بكل أدواته وأشخاصه وضعها في طريقهم لكن الأبطال آلوا إلا أن يعيدوا لعشقهم الأبدي عدن وجهها الجميل وثقافتها وروعتها وقد يستغرق هذا العمل عدد من السنين وعدد كبير من الشهداء لكن في الأخير لابد له من التحقق هو حلم جعفر الذي عشق عدن حتى الشهادة وكل أبناء عدن هم جعفر وكل يوم عدن ستلد جعفراً جديداً كي يحقق أو على الأقل يشارك في تحقيق حلم جعفر .
سعاد علوي
5/12/2016