عماد الاطير يكتب لـ(اليوم الثامن):

الإعلام والمجتمع الديمقراطي

تأثير خصخصة الإعلام في المجتمعات العربية على المواطن والمجتمع كثيراً ما نٌردد كلمة ديمقراطية ونقول اننا في عصر الديمقراطية ونعيش في بلد ديمقراطي ولكن هل فعلاً هذا صحيح فأول خطوة في الديمقراطية هي أن تكون المنابر ملك للشعب للتعبير عن طلباتهم ومشاكلهم ويكون صوتهم مسموع فهل هذا يحدث فعلاً أم تلك المنابر تم خصخصتها لصالح فئة معينة امتلكتها وأصبحت تعرض فيها ما تريد من مفاهيم وموضوعات وتأخذ الاغلبية في الطريق الذي تريده؟
ومن أثار خصخصة الإعلام ظهر علينا عمليات النصب والاحتيال على المواطنين وتدمير أخلاقهم فلا تستغرب لإن برامج المسابقات التي تعرض على شاشات بعض القنوات ماهي إلا أتفاق بين القناة وشركات الاتصالات من أجل الترويج لها ومن ثم مضاعفة أجور المكالمات، ولأنها تعرف ظروف وأوضاع الناس الذين يعانون الظروف المادية ويحلمون بالقشة التي تنقذهم يقومون بالاتصال فهي عمليات نصب مقنعة تستغل ظروف المجتمع.
نشأة الإعلام المضلل نتيجة غياب الديمقراطية الحقيقة والأعلام المحايد
نتيجة أن بعض المنابر الإعلامية الرئيسية التي تمتلكها الدولة ليس فيها مجال للنقد أو التعبير عن الرأي المعارض فنتيجة لذلك، تم ضهور الإعلام المسموم حيث قامت بعض القنوات الإعلامية في نشر وبث التضليل الإعلامي من خلال قنواتها المسمومة والهادفة الى إشعال الفتن في الشعوب العربية، فتلك القنوات قد استغلت فقدان الاعلام المحايد الذي يعرض الإيجابيات والسلبيات بمنتهى حيادية وأطلقت منابر عديدة لها تبث سمومها في أذن وعيون المشاهدين لإثارة الفتنة وإشعال نيران الغضب.
هناك فرق بين حرية التعبير من أجل الإصلاح وبين حرية التعبير من أجل الفتنة والخراب
مما لا شك فيه إنه يوجد هناك فرق بين حرية التعبير الذي يهدف الى الإصلاح وبين حرية التعبير التي تهدف الى التدمير من أجل مصالح معية فنحن نحتاج الى ثقافة الحوار وحب البلد الذي نشأنا فيها ونتخلى عن الانانية والطمع وألا نبيع أنفسنا للشيطان من أجل بعض الأموال وأن نجعل النقد من أجل الأصلاح وليس من أجل غاية وهدف تدميري.
مما جعل ذلك فرصة لانتشار أعلام مسموم يبث علينا من إحدى القنوات العربية والتي تستهدف إشعال الفتنة حيث إنها تركز على مشاعر المواطن الذي يعاني من صعوبات الحياة وتضغط على الجراح لكي يثور ضد بلده وتبدأ عمليات التحريض تنتقل من بلد ألي أخر.
وهنا كان لابد على الشعوب العربية لمواجهة ذلك أن يكون هناك أعلام محايد يعرض الإيجابيات وكذلك يعرض السلبيات حتى يشعر المواطن إنه في بلد ديمقراطي فعلاً وأن الحكومات ليست ببعيدة عن حال المواطنين.
فعندما يتغاضى الإعلام عن سرد المشاكل والاعتراف بها كخطوة أولى في طريق الأصلاح يجعل المواطن يبحث عن مصادر أخرى وهنا الخطورة لإن يصبح مصدره قنوات فاسدة لا تعرض الحقيقة ولكنها تعرض ما يلهب مشاعره فيزيد عمليات الحقن لديه ضد بلده.
الإعلام المضلل والمسموم أكثر فتكاً بالشعب من الإرهاب فهو يمثل قتل ببطء للمواطن
إن الإعلام المضلل يدمر ويقتل الانسان ببطء من خلال التلاعب بالعقول وتأجيج المشاعر فهو يهتم بالجزء الذي يسيطر على الجسد وهو العقل ويقوده الى التدمير والخراب بأفكار مغلوطة قد نشرها بصورة خادعة ووضع عليها بعض المؤثرات الكاذبة لكي تظهر كأنها الحقيقة، ففي تلك اللحظات نحتاج الى الديمقراطية الفعلية التي تخاطب الانسان من خلال عقله أيضاً وتعرض الحقائق بصورتها الحقيقية دون تجميل مغلوط وزائف.
الوعي الإعلامي والديمقراطية تحقق على مواقع الإنترنت وليس في التلفاز
لقد حدث ذلك الوعي الإعلامي في الأنترنت من خلال المواقع المحترمة التي تشجع على الديمقراطية وعرض الرأي والرأي الاخر بحرية وحيادية وتوضح زيف ومغالطات المواقع المسمومة ومنها على سبيل المثال موقعنا اليوم الثامن الذي تبنى مساعدة الشباب في عرض الأفكار ونشر الحقائق وكذلك مساهمته الفعالة في كشف المغالطات والزيف التي تنشرها علينا يوميا إحدى قنوات الضلال.
ولكن نحتاج أن يمتد الوعي والحرية الى وسائل الاعلام لا نها تخاطب جميع الفئات المجتمعية فيوجد فئات مجتمعية لا تدخل الى الانترنت وليس لديها القدرة على فرز البيانات.
لذلك نحن في حاجة إلى أعادة هيكلة الاعلام في مجتمعاتنا العربية وتطبيق مفهوم الديمقراطية الحقيقي بأن المنابر الإعلامية هي ملك للشعب للتعبير عن المعاناة اليومية وعن طلباتهم ويكون هناك وعي حقيقي من المواطن عن حجم الفساد التي تنشره بعض القنوات الأخرى.