د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
الرفاق الماركسيون والزمن الأغبر!! (2)
عندما اختطفك الرفاق يا عدن .. يا سليلة الملوك وابنة التاريخ الذي وضع غاره و إكليله على هامة ..جبل شمسان ..!!
ودار عليك الزمن الردئ.. وباعك سماسرة الشعارات الكاذبة من غير أهلك ،وجلبوا لك كل ساقط ولاقط.. وظلوا يصرخون في الشوارع بالشعارات والخطابات الثورية..حتى بحت أصواتهم، و يخاطبون أبناء الجنوب بمفردات ومصطلحات دخيلة..وثقافة غريبة لا يعرفونها ولا يفهمونها .. !!
لم نكن نعرف إلا لهجاتنا الدارجة البسيطة ..ولغتنا العربية الفصحى ، التي كان ينسجها لنا النخبة المثقفة أمثال : الشاعر لطفي جعفر أمان .. والدكتور محمد عبده غانم.. والأستاذ المحامي محمد علي لقمان.. وباشراحيل.. وبازرعه.. وجهابذة الفكر والصحافة مثل : محمد علي لقمان ، أحمد شريف الرفاعي، محمد علي باشراحيل ،. وغيرهم كثيرون كانوا يتغنون فيك شعرا ونثرا..وعندما غدر بنا الزمان اتضح لنا أن استقلالنا لم يكن إلا وهما وسرابا وأكذوبة كبرى.. وسرعان ما اكتشفنا أنهم باعوك للغرباء والسماسرة وهم قوم دخلاء أغراب .. أجلاف بيض البشرة ، زرق العيون، شقر الشعر، جاءوا من أصقاع سيبيريا.. لم يجلبوا لنا غير السلاح..والفودكا يدمرون بها كل فضيلة وحياة مستقيمة !!
لا توجد في قواميسهم كلمات التسامح ولا الرحمة ولا الشفقة ولا المحبة،ولا يعترفون بالقرآن والإنجيل وهم كفرة ملحدون. قتلوا العلماء في محاريب الصلاة ..وسحلوهم في الشوارع .. وطاردوا كل حر شريف من أبنائك ..ولديهم مفردات معاكسة لكل فضيلة مثل: الفساد، القتل، الإجرام، الرذيلة والسفور والفجور !!
وينشرون أدوات سقوطها معها لتدمير الإنسان مثل: الخمر،والفحشاء والموبقات والنهب والسطو على ممتلكات الناس !!
جثموا عليك يا عدن.. أسقوك المر والعلقم، وأخرجوا جلاديهم وثعابينهم وعناكبهم من الرعاع والأوباش والأوغاد تلدغ جمالياتك .. يرقصون ويطبلون في الساحات والشوارع ويرفعون شعارات الماركسية – البروليتاريا- الصراع الطبقي – واستباحوا أرواح الناس وأموالهم،و أعراضهم!!
وخرجت تلك المسيرات الصاخبة تقتل الأبرياء بالرصاص و بالفؤوس تقطف الأعناق وتزهق الأرواح تنفيذا لفكر عرابيهم وأسيادهم الجدد!!
نشروا الفتن والرذائل، والحقد والموت والكراهية ويحملونها معهم أينما حلوا..وارتحلوا ، طاردوا الشرفاء والكفاءات وقتلوا شجعانك وفرسانك وأصحاب الرأي والفكر من أبنائك..غيلة وغدرا وتركوك يا عدن تنزفين وتبكين وتتألمين وأنت تشاهدين أبناء الجنوب في كل قرية ومدينة يتساقطون كأوراق الخريف برصاص الغدر، وقسم منهم يذوون في السجون كما تذوي الزهور والزنابق ،ويشيخون وهم في عز الشباب من القهر والألم والمعاناة تحت وطأة التعذيب .. في جبل حديد.. وسجن مربط ..والمنصورة..وتحولت بلادنا كلها إلى سجن كبير من المهرة حتى باب المندب !!
كان السجانون يخرجون ضحاياهم ليلا.. ويحصدون رؤوسهم بالفؤوس والرصاص.. ويخنقونهم بالحبال في الجبال والشعاب والآبار المهجورة وشواطئ بحر العرب ويتركون البعض منهم في العراء لنشر الرعب في نفوس المواطنين العزل و يخفون أجسادهم حتى لا تشهد على وحشيتهم !!
اغتالوا قياداتك يا عدن . ..ورؤساء نقاباتك..وخيرة شبابك .. أدواتهم الحقد والكراهية ..والتجسس على الناس في منازلهم ..يحصون أنفاسهم بواسطة جواسيسهم وكلابهم ... والأوغاد التابعين لهم..!!
رملوا نسائك يا عدن ..ويتموا أطفال الجنوب من المهرة حتى باب المندب.. هاجر السكان والنحل والطيور والأفاعي والحيوانات !!
شاخت الأشجار وذوت حزنا عليك يا وطني العزيز .. وبكت الشموع وانطفأت المصابيح ..وخلت الساحات وجف الزرع والضرع .. وبقيت وحدك تنزفين وتنتحبين يا عدن وأنت تحاولين أن تخاطبي الزمان الذي عشت فيه أمجادك وأحلامك وتطلبين عودته و تبكين زمانك الذي ولى .. ولكن هيهات للزمان أن يعود ... لقد تخلى عنك الجميع وتشتت أبناؤك في أصقاع الأرض ..وبقيت وحيدة سجينة مكبلة أسيرة بقيود الذل والهوان.. تلتحفين هجير الحقد .. وتحرق جمالك نار.. الكراهية التي نشروا سمومها في كل شبر فيك !! وتحولت قرى ومدن الجنوب إلى مأوى للجن والأشباح وأصبح ميناء عدن الشهير إلى وكر للبوم والعناكب والغربان تنعق وتلدغ ثعابينه كل حي فيه !!
د. علوي عمر بن فريد