كلمة اليوم الثامن..
الصحافة المحلية... بين مطرقة التهديدات وسندان المناكفات السياسية
أصبحت الصحافة المحلية في الجنوب، وعدن تحديداً، تواجه العديد من العراقيل التي ألقت بظلالها على عمل الصحف والصحافيين، ومنها التهديدات التي يلقاها الصحافيون، من أطراف الصراع المحلية ومن الحكومة اليمنية المؤقتة وأذرعها المعروفة بتيارات الإسلام السياسي التي يتزعمها حزب الإصلاح.
إن من ابرز ما يواجهه الصحافيون في عدن، الحصول على معلومة دقيقة، وعرضها مهنية دون ان يتعرض الصحافي إلى أي مشاكل نتيجة قيامه بذلك.
المعلومة قد تكون سهل الحصول عليها، لكن عرضها ونشرها تعد المشكلة الأبرز التي يواجهها الصحافي، فنشر أي معلومة بشأن أي من الأطراف الحكومة قد تعرض الصحفي للتصفية الجسدية، ناهيك ان بعض رموز الحكومة اليمنية يستغلون الصحافة لتصفية خلافات ومناكفات فيما بينهم، وهو ما يضع الصحافي مسؤولا أمام نشر مثل هكذا معلومات، واصبح الصحافي عرضة للمسألة بشأن من "اين اتيت بهذه المعلومة"، وهو الأمر الذي يفكر فيه الصحافي قبل نشر او عرض ما قد يحصل عليه من تسريبات مجملة تندرج في اطار المماحكات والمناكات السياسية.
إن قضايا الفساد الحكومي لبعض المسؤولين يدفع أخرين إلى تسريب وثائق تدينهم بالفساد، وحين تصل إلى الصحافة تكون عملية النشر بحاجة إلى إعادة البحث والتدقيق بشكل أوسع عن مدى مصداقيتها وأنها لا تندرج في سياق الصراع الداخلي في الحكومة، وهذا يتطل جهدا أكبر.
لكن المسألة قد تكلف الصحافي حياته، لذلك، الصحافة في عدن واليمن بشكل عام تحتاج إلى المزيد من الحماية، فقد أصبح الصحافة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، اشبه بالوضع الذي يعيشه الصحافيون في مناطق سيطرة الانقلابيين الحوثيين، حيث زج الأخيرين بالعشرات من الصحافيين في السجون والبعض تعرض للقتل والتعذيب جراء قضايا نشر، كان من المفترض ان تذهب قضاياهم إلى المحاكم المختصة.
ان القمع الذي يمارس على الصحافي في العديد من مدن الجنوب، لم يقتصر على الصحافيين بل طال الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، وتتصدر شبوة قائمة المحافظات التي شهدت انتهاكات طالت ناشطين تم الزج بهم في السجن والبعض قتل جراء اعمال تعذيب طالتهم في سجون سرية اعتقلوا قبلها في قضايا نشر على فيس بوك.
إن الصحافة بحاجة إلى حماية الحكومة اليمنية عليها ان تتعاطى مع الحقوق الصحافية بما يكفل للصحافي نشر المعلومة دون أي تهديدات، لكن بقاء هذه الحكومة بهذا الشكل دون اجراء أي تغيير قد يزيد من معاناة الصحافين وقد يعرض وسائل الإعلام إلى الاغلاق وربما يتم التغطية على قضايا عنف يصعب نشرها خشية ما قد يتعرض له الصحافيون عقب النشر.
عن تشكيل حكومة مناصفة بين الشمال والجنوب، ربما يساعد في إعادة تصويب العمل الإعلامي والصحافي بما يحمي الصحافيين من أي انتهاكات قد تطالهم، لكن بقاء هذه الحكومة بشكلها الحالي قد يجعلهم بين مطرقة التهديدات والمناكفات ويهدد حياة من بقي يعمل في هذا الحقل المليء بالألغام السياسية.