عماد الأطير يكتب لـ(اليوم الثامن):
عفواً أيها الفقراء
لو شاهدنا ما يحدث حالياً في مجتمعاتنا العربية عندما ترى الامور من حولك بنظرة دقيقة سوف تلاحظ إنها تتجه الى الأسوأ ولا يوجد رد فعل من أصحاب القرار في تلك المجتمعات، وأصبح المواطن الفقير يعاني من أشياء عديدة فهو يعاني من الإرهاب والفكر المضلل.
وفى نفس الوقت يعاني من ظروف الحياة القاسية والتي لا يقوى على العيش بهذا الأسلوب الذي يجد فيه مغالاة واضحة في كل شيئاً وكأن الرسالة التي تريد أن تقولها بعض الحكومات في تلك الدول عفواً أيها الفقراء رصيدكم نفذ ولم يعد لكم مكان معنا.
فإننا بلا شك نقف على حافة الهاوية فنحن نرجع الى عصر الاستبداد وعصر الديكتاتورية وعصر تحكم رأس المال في حياتنـــا، فهي الحقيقة التي أصبحت موجودة في معظم بلادنا العربية، وخير شاهد على ذلك هو ما يحدث حالياً من ارتفاع رهيب في الأسعار، فأصبحنا نعيش في عصر من يملك المال فهو الذي يحيا ومن لا يملك المال سيكون خاضع وذليل للفئــــــة الأخـرى.
والغريب في الأمر أن الجميع يطبطب ويغنى في قرارات الحكومة برفع الدعم عن الطبقة الفقيرة والمتوسطة بحجة إنه نوع من بناء الدولة واتخاذ السياسات الرشيدة من أجل مصلحة المواطن، ولكن للأسف لا تعلم تلك الحكومات أن هذه السياسات تمثل أشد أنواع العقاب للمواطن الفقير الذي رضى أن يعيش بأقل القليل.
فهو لم يجد أي فرض رسوم من جانب الحكومة على أصحاب المليارات وذلك بإجبارهم بالمساهمة في إقامة مشروعات تخدم الفقراء والشباب، ولكن يرى العكس فتقوم الحكومات بإزالة الصعاب من طريقهم وتجميع تلك الصعاب وإلقائها في طريق الفقراء، على الرغم من أن ثروات وقوة أصحاب المليارات تم تجميعها من قوت ودم هؤلاء الفقراء.
أن الفقراء هم وقود ثروات الأغنياء ولولا وجود الطبقة المتوسطة والطبقة الفقيرة فما كان هناك وجود لطبقة الأثرياء ولكن للأسف لم يفهم رجال الأعمال أو الحكومات القائمة في معظم تلك البلدان هذه المعادلة حتى تستطيع أن تحقق التوازن بين مصالح جميع الطبقات.
إن الحكومات في تلك البلدان لا تنظر إلى خطورة هامة وهي تكمن في إنه عندما لا يجد الشخص فرصة للعيش ولم يجد ما يعينه على المعيشــــة من مأكل ومشرب ومسكن فهو سيتجه الى طرق أبواب أخرى من أجل غريزة البقاء التي تتحكم فيه ومن هنا سنجد انتشار عادات سيئة جديدة على المجتمع منها السرقة والقتل والرشاوي وسوف ينتشر الحقد والغل بين طبقات المجتمع.
فكيف يرى الأغلبية من الشعب أن القليل منهم هو من يملك المال والسلطة والقوة والسيارات الفاخرة والقصور المشيدة؟ وهو لا يملك لقمة العيش التي تعينه على مواصلة مسيرة الحياة، لقد أصبح الفقير في معظم البلاد العربية حالياً لا يملك رغيف العيش والأشياء البسيطة الذي رضى أن يعيش بها فهو لا يحلم بعالم البزخ والترف والاستجمام على سواحل البحار أو الذهاب برحلات سفاري ولكن هو يريد فقط لقمة العيش التي تعينه على الحياة.
ومع بساطة تلك الأحلام فهو لا يجد رد فعل من الحكومات في الوقوف بجواره بل يجد قرارات أدت إلى ارتفاع الأسعار مما أدى إلى قلة الدخل التي لا تتناسب مع الزيادة الكبيرة التي تحدث كل يوم في الأسعار سواء في أسعار المتطلبات اليومية أو في أسعار الخدمات التي يحتاجها من نقل وكهرباء وسكن وأخرى.
ويجب أن يعلم القائمون على الحكم أن الحياة لم تعد تتحمل المزيد فأنتم تركتم المواطن في منتصف البحر بدون توفير وسائل الأنقاذ حتى يتمكن من الوصول الى شاطئ الأمان والنجاة، ولكن وفقاً للمعطيات الحالية ومن القرارات ومن نظرة تلك الحكومات لهذه الطبقة فالأمر ليس غريباً أن يكون ذلك هو تفكير الحكومة فكيف لهم أن يشعرون بمعاناة الطبقة الفقيرة؟
وذلك لأنهم يعيشون في أفخــم المنازل ويركبون أرقى أنـــواع السيارات ويعملون تحت المكيفات ويتمتعون بمزايا عديدة من علاج واشتراكات في النوادي بأسعار زهيدة، فهم لا يعملون تحت الشمس الحارقة، وكذلك لم يعانوا من عدم وجود أموال للكشف والعلاج وأنتظار البعض لدوره في إيجاد سرير في مستشفى فربما يكون الشخص مات قبل أن يأتي دوره ويخرج علينا الفاسدين ويقولون هذا قضاء وقدر وهذا أجله.
ولا يلقون باللوم على الحكومات التي لم توفر فرص الحياة الكريمة لمواطنيها فمن لا يستطيع عمل ذلك فعليه أن يترك منصبه لغيره فربما يكون لديه القدرة على إيجاد الحل في توفير سبل الحياة الكريمة لهذه الطبقة المطحونة والتي تعاني من ظروف الحياة القاسية.
للأسف الشديد نحن نعيش في عصر التطبيل والرقص سواء أكان هذا الرقص سياسي أو رقص إعلامى أو الرقص على نغمات النفــاق من أجل استمرار المصالح الشخصية للحاشية التي تحيط بمتخذي القرارات، فنحن في حاجـــة إلى الضمير وإلى التخلص من الديكتاتور الذي يسيطر على عقول أصحاب الرأي واتخاذ القرار في بلدنا.
فمن الواضح لنا حالياً من خلال قراءة الأحداث إننا نعيش بلا تخطيط أو هدف فالجميع يتحرك في عشوائية بدون أي وعى أو فكر للفترة الحاليـــة وللهروب من المأزق يقولون من خلال الأعلام الموالي والمؤيد لهم في جميع القرارات التي يتخذونها إنها خطط طويلة الأجل.
إن الطبقة الفقيرة حالياً تعيش أسوأ فترات حياتها في أغلبية الدول العربية فهي فقدت متعة العيش ومتعة الحيــاة فأصبح كل تفكيرها في السباق مع الزمن من أجل توفير لقمــة العيش وكذلك تفكيرها في الطرق التي تجعلها تعبر الشهر بأقل الخسائر في ظل الغلاء الفاحش وطوفان ارتفاع الأسعار.
إن المواطن الفقير يعيش حالياً أسوأ فترات حياته فهو مكبل بالقيود من جميع الاتجاهات ويشعر كل يوم أن الحياة تضيق عليه من كل جانب، وهذا الشعور سوف يدفعه الى الانفجار فلذلك على الحكومات والقائمين في تلك البدان أن يتم إعادة التفكير في فرض الرسوم والضرائب وكذلك في إعادة النظر في ارتفاع الأسعار وأعاده الدعم الكامل للمواطن الغلبان والفقير.
هناك أساليب عديدة لزيادة دخل موارد الدولة أفضل من استقطاع دعم المواطن الغلبان في رغيف العيش أو زجاجة الزيت أو رفع سعر تذكرة المواصلات أو ارتفاع رسوم التعليم وخدمات الكهرباء والغاز والمياه وخصوصاً على الطبقات الفقيرة والمتوسطة التي تعيش على هامش الحياة.
إن هذا الوضع الذي يحدث حالياً سوف يدفع البلاد الى الهاوية فلو أستطاع أصحاب الطبقات الفقيرة أن تتحمل لبعض الوقت فلن تستطيع التحمل طوال اوقت وسيحدث انفجار وغضب لن يستطيع أن يقف أمامه أحد وسيكون الخاسر ليس أصحاب السلطة فقط بل سيكون البلد بأكملها.
فلذلك حان الوقت لكي تعترف الحكومات والقائمين على الحكم بأن تقول للفقراء عفواً نحن على خطأ وسيتم أعادة الأمور الى الطريق الصحيح الذي يجعل الجميع يعيش في أمان وسلام وحياة كريمة.