فاروق يوسف يكتب:
تحتاج الامم المتحدة سفيرا إيرانيا في اليمن!
وصل سفير إيران إلى صنعاء. سيسلم أوراقه إلى حكومة غير معترف بها دوليا. هي حكومة الحوثيين التي هي صنيعة إيرانية يديرها الحرس الثوري.
السفير الإيراني هو ضابط في الحرس الثوري. وهو ما يعني أنه سيكون مشرفا عسكريا على الحوثيين وما من حاجة إلى أن تضفى عليه صفة دبلوماسية ما دام لن يمارس عملا دبلوماسيا.
ما معنى ذلك؟
أولا أدركت إيران أن المجتمع الدولي ليس متمسكا بالدفاع عن الشرعية وهو من خلال ممثل الأمين العام للأمم المتحدة انما يساوي بين الشرعية والانقلابيين، بل أنه يبدو في بعض الأحيان منحازا ضد الشرعية.
ثانيا لو كان هناك اعتراض عالمي لمُنع ذلك الضابط السفير من استعمال الطيران العماني في الوصول إلى صنعاء. قد لا تكون هناك سفارة إيرانية ولكن سيكون هناك سفير إيراني. إنها مسألة رمزية.
اللافت أن الإيرانيين يتصرفون بطريقة توحي كما لو أن هناك دولة في اليمن يديرها الحوثيون.
ولكن هل تحتاج إيران إلى سفير في صنعاء؟ من أجل ماذا؟
ليست لدي معلومات في ما يتعلق المسعى الإيراني الذي يهدف إلى انتقال الحوثيين من المذهب الزيدي إلى المذهب الشيعي الإثني عشرية. ولكن سياسيا كل شيء صار هناك تحت هيمنة إيران. عبدالملك الحوثي صار يقلد حسن نصرالله في خطاباته بطريقة مضحكة.
ولكن ذلك السفير يصل في وقت ضائع.
ما لا يهم إيران أن الحكومة التي تستقبله غير معترف بها دوليا.
إيران لا تعترف أصلا بالقوانين الدولية. سفيرها في صنعاء لن يكون سوى رمز لوجودها هناك. ولكنه وجود متهالك في ظل العقوبات الأميركبة.
تفكر إيران بطريقة خاصة بها. وهي طريقة عبثية بحيث أن الشرعية لم تعلق على مسألة وصول سفير إيراني إلى صنعاء. ذلك مجرد تفصيل.
عرفت الشرعية ذلك الضابط باعتباره حاكما عسكريا لصنعاء.
يحتاج الحوثيون إذا ما بدأت المفاوضات تحت إشراف الأمم المتحدة إلى مستشار إيراني من مستوى رفيع يكون مخولا باتخاذ القرار الذي يفصل بين الحرب والسلم. تلك هي مهمة الضابط السفير.
كما أن ذلك الضابط السفير سيكون قادرا على فهم المتغيرات اليمنية من الداخل وهو ما سيجعله مؤهلا لمعرفة حقيقة ميزان القوى ونقلها مباشرة إلى قيادة الحرس الثوري التي يقع في يدها القرار النهائي بالنسبة لمصير الحوثيين الذين فقدوا صلتهم بالوفاق الوطني.
لن يكون ذلك الضابط السفير حاكما عسكريا لصنعاء غير أن كل ما يتعلق بالمفاوضات المتوقعة من خلال ممثلية الأمم المتحدة سيكون رهن يديه ولن يتخذ الحوثيون قرارا إلا بعد أن يوافق عليه.
وما لا يتوقعه الكثيرون أن وصول ذلك الضابط السفير قد يكون محل ترحيب من قبل الامم المتحدة. فبدلا من الذهاب إلى إيران صارت إيران ممثلة في صنعاء. هكذا يمكننا أن نتوقع مستوى الوقاحة التي صار المجتمع الدولي يتعامل من خلالها مع قضايا الشعوب ومصائرها.
في كل الانقلابات التي حدثت في العقود الأخيرة كانت الأمم المتحدة تقف مع الشرعية وتجبر الانقلابيين على إعادة السلطة إليها إلا في اليمن.
لقد خيبت الأمم المتحدة آمال الشعب اليمني وهو ما قوى حجة إيران في التدخل وتسليح الحوثيين والإشراف على تدريبهم ودعمهم بمقاتلين من حزب الله والميليشيات الإيرانية الأخرى.
وصول الضابط السفير ربما يكون نتيجة تنسيق بين إيران والأمم المتحدة. ذلك مجرد استنتاج يمكن أن يكون واقعيا استنادا إلى معطيات الواقع.
ولكن هل ستتمكن إيران من إدارة الملف اليمني في ظل أزمتها الاقتصادية؟
ذلك سؤال لا يجيب عليه الضابط السفير بقدر ما سيجيب عليه ممثل الامم المتحدة الذي سيبحث عن مسوغ للتدخل الإيراني.