فاروق يوسف يكتب:
لغز أردوغان الذي هو مجرد كذبة
لا أصدق أن الغرب عاجز عن مواجهة أردوغان. ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا تذهب لمقابلته من أجل التعرف على رأيه بما يجري في ليبيا من تحولات من أجل الانتقال إلى السلام.
أعتقد أنه كان لقاء مضحكا. لا يعقل أن المرأة طلبت منه أن يسحب مرتزقته وإلا ستتم إبادتهم. في الوقت نفسه فإنها لن تخبره أن تدخله في ليبيا لنصرة الإخوان المسلمين صار ميؤوسا منه.
المرأة تعرف أنه سينكر كل شيء وقد يحدثها عن الجهاد.
ربما كان لقاء شكليا لا معنى له. ولكن هل يستحق اللقاء بأردوغان كل ذلك العناء؟ لقد تم استبعاد تركيا من المفاوضات الليبية التي كانت ليبية خالصة برعاية دولية. لذلك لم يكن ضروريا أن يتم ذلك اللقاء.
أردوغان اليوم هو رجل حرب. تمتد حروبه من سوريا إلى أذربيجان مرورا بالعراق. اما ليبيا فلقد تملكه الوهم أنها صارت جزءا من ممتلكاته بعد أن صارت لديه قاعدة عسكرية في قطر.
كما أن الرجل يقاتل شرق المتوسط من أجل حقول الغاز المختلف عليها مع الاتحاد الأوروبي. حدث خيالي غير أنه واقعي.
كان الحديث يتم بطريقة مجازية عن السلطان العثماني الجديد فإذا السلطنة تتفاوض واقعيا حول أملاكها السابقة.
تحت أنظار الجميع يمارس أردوغان عمله متعهدا للشركات الأمنية التي يزودها بمرتزقة هم تحت يديه بحكم الواقع. فالسوريون هم رهائن لديه، بالرغم من أنه يفضل مَن له خبرة في استعمال السلاح على مَن هو مجرد رقم. والنوع الأول ليس عزيزا. لقد سبق لأجهزة المخابرات التركية أن تكفلت برعاية الفصائل المسلحة التي قاتلت تحت مسميات شتى في سوريا.
لديه من القتلة ما يمكن أن يؤلف جيوشا وهو مطمئن من أن أحدا لن يتهمه بالمتاجرة بالبشر.
هذا الصمت الدولي المريب يقودنا إلى سؤال مبهم "هل يخدم أردوغان مصالح جهة أكبر من تركيا، بحيث لا يجرؤ أحد على مساءلته أو الوقوف في وجهه؟"
ما يحدث يوحي بأن أردوغان يقف في مكان فيما جرائمه في مكان آخر وليس هناك من حاجة إلى التعرف على فاعلها.
كل القرارات المتعلقة بليبيا تتحدث عن اخراج المرتزقة من غير الإشارة إلى الجهة التي تقف ورائهم. لا مَن يمولهم ولا مَن دربهم ولا مَن نقلهم إلى ساحات القتال.
إزاء ذلك الصمت الذي هو بمثابة فضيحة مؤجلة يبرز أردوغان باعتباره لغزا. سيكون الحديث عن لغز أردوغان ممكنا من أجل إدانة المجتمع الدولي الذي صمت منذ سنوات على العربدة التركية في سوريا والعراق.
في مباحثات استانا قدمت روسيا دليلا على قبول العالم بأردوغان باعتباره ممثلا للارهابيين. فتركيا الممثلة هناك انما تنطق باسم التنظيمات الارهابية التي غزت سوريا من غير أن تكون لها علاقة بالثورة السورية. وإلا ما الذي تفعله تركيا هناك؟
كل التهديدات الأوروبية في ما يتعلق بشرق المتوسط هي مجرد كلام فلا عقوبات يمكن أن تُفرض على تركيا وليس هناك مَن يرغب في استعمال القوة لمنعها من التمدد هناك.
ليس من الصعب الاهتداء إلى مفاتيح لغز أردوغان.
أردوغان سياسي وقح ومنافق ومراوغ وصفيق وهو لذلك إن كذب لا يهمه موقف الآخرين من أكاذيبه التي يمكن أن يفجر فقاعات من حولها من أجل أن لا تظهر للعيان. فهو صديق الفلسطينيين فيما سفارته في تل أبيب لم تغلق بابها يوما إلا من أجل صلاة الجمعة.
ذلك وحده لا يكفي.
ما يؤلم أن أوروبا التي تتعرض لضربات الارهابيين الذي ينتمون إلى جماعات دينية هي فروع من جماعة الإخوان المسلمين لا تزال تتعاطف مع تلك الجماعة وتعتبرها الأحق في استلام الحكم في غير بلد عربي إذا لم نقل في العالم العربي كله.
تلك هي المأساة التي تقف وراء أرودغان وتكشف عن خبايا لغزه. فالرجل هو الزعيم السياسي الرسمي للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين. وهو ما يضع له اعتبارا بالنسبة للأوروبيين بعيدا عن صفته الرسمية.
بذلك يكون أردوغان مجرد كذبة وقف الأوروبيون وراءها لتتحول إلى لغز.