ميلاد عمر المزوغي يكتب لـ(اليوم الثامن):

في ذكرى ثورته... الشعب التونسي بين مطرقة النهضة وسندان الكرامة

عشر سنوات على انطلاقة التغيير,اطلق عليها ثورة الياسمين لعدم استخدامها العنف كما ان النظام السابق لم يواجهها بالعنف,فكان التحول سلسا,ومع اول انتخابات اتضحت الرؤية جليا بصعود نجم الاخوان والعلمانيين الذين حكموا البلاد لفترة انتقالية محدودة,لم ينعم التونسيون بالازدهار الذي كانوا يأملون.

تغلغل الاخوان في مفاصل الدولة,لكنهم اظهروا زهدا في الحكم  ,لأنهم لا يجيدون فن الادارة وخوفا من السقوط المدوي,عملوا تحت عباءة العلمانيين,لكنهم عملوا في الخفاء لتفتيت الخصم الحميم ونعني به نداء تونس,حدثت الفرقة بين رئيس الجمهورية (السبسي) ورئيس حكومته (الشاهد).

تشظى النداء وأصبح هشيما تذروه الرياح,تلقفت الاحزاب المختلفة بعض اعضائه,لتكون النهضة المتصدرة في الانتخابات الاخيرة إلا انها لم تتحصل على الاصوات الكافية لتشكيل الحكومة بمفردها,فشلت اول حكومة شكلتها,تحصلت على رئاسة البرلمان بالتواطؤ مع الاحزاب المماثلة لها في النهج ونذكر تيار الكرامة الصاعد المتشدد ويعتبره البعض الذراع العسكري لجماعة الاخوان(النهضة),قد يكون جهازها السري الذي اقدم على اغتيال بلعيد والبراهمي وتكتم على الجرائم,فلم تفضي التحقيقات بالخصوص الى اية نتيجة.

تدخل رئيس البرلمان في السياسة الخارجية للدولة المنوطة اصلا برئيس الجمهورية ووزارة الخارجية,أحدث هرجا ومرجا ينم عن مدى استخفاف النهضة بمؤسسات الدولة,حاول ولا يزال ان يجعل من تونس موطئ قدم للعنف بشمال افريقيا من خلال ارتباطه الوثيق بنظامي قطر وتركيا وقد تم تجنيد آلاف الشباب التونسي العاطل عن العمل للقتال في سوريا وليبيا وجنوب اليمن بتمويل قطري وتسهيلات لوجستية تركية.

النظام السياسي الذي انتهجته تونس بعد الثورة والذي تبنته النهضة يمازج بين الرئاسي والبرلماني يعتبر هشا وهناك تداخل في الصلاحيات ما عرقل الحياة السياسية,حيث ظهرت الى السطح العديد من قضايا الفساد ارتكبها كبار الساسة وأصحاب رؤوس الاموال الذين تدور حولهم الشبهات,سقط الفخفاخ في فخاخ النهضة.

المؤكد ان الذين امتطوا ظهر الثورة قد خيبوا امال الشعب التونسي ولم يحققوا ما كان يصبوا اليه,ربما اغرت الاحزاب الشعب بشعاراتها البراقة فكانت الاختيارات غير موفقة,ما ساهم في تفاقم الازمة بمختلف شُعُبِها.

أعداد العاطلين عن العمل في ارتفاع,وشهدت البلاد الكثير من الاحتجاجات بسبب الوضع الاقتصادي المزري,الناتج عن سوء تصرف الحكام وعدم استغلال الموارد الطبيعية ومنها الفوسفات,اضافة الى انخفاض اعداد السياح نتيجة جائحة كورونة,هناك ايضا تهريب الوقود من ليبيا والذي مثّل في احدى السنوات اكثر من 40% من استهلاك تونس من الوقود ومشتقاته دون تحصيل رسوم للخزينة العامة التونسية.ربما تغاضت الحكومة عن ذلك نظرا لاعتماد المناطق الحدودية على التهريب وسد احتياجاتها من عوائده,حيث تقف الدولة عاجزة عن اقامة مشاريع تنموية بتلك المناطق.

الشعب واقع بين مطرقة النهضة وسندان جناحها العسكري المسمى زورا وبهتانا تيار الكرامة ,ولن يفلح التونسيون في الخروج من مأزقهم إلا بإسقاط كافة الرموز التي تداورت على كرسي السلطة طيلة الفترة الماضية واختيار نظام سياسي يتماشى مع واقعه الاقتصادي وموقعه الجغرافي وتطلعاته نحو المستقبل الواعد.