فاروق يوسف يكتب:
هل صنعت إيران قنبلتها النووية الأولى؟
في الوقت الذي ينشغل فيه العالم بأسره بالفايروس العنيد وتطوراته واللقاحات الوقائية التي توصلت إليها العديد من الشركات حول العالم، لا همّ لإيران سوى الحرب بكل أنواعها، حتى بدا أن تلك الترسانة الغاصة بالأسلحة سوف تنفجر يوما ما من تلقاء نفسها.
يشعر بالمرء بالانزعاج لأن عليه أن يهتم بالتفاهة التي صنعت إيران منها قضية. لكن عليه أن يهتم فالأمر وصل إلى مرحلة تخصيب اليورانيوم إلى الدرجة التي يمكن أن تؤهل إيران لصنع القنبلة الذرية وحسب تعبير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الملطف والمهذب فإن ذلك التخصيب سيجعل إيران قريبة من القنبلة.
هناك فايروس كورونا إذاً يقابله فايروس إيران.
إذا كانت إيران قد خدعت الوكالة الدولية وفعلتها في مكان آخر فإن ذلك يعني أن النظام الإيراني كان قد استطاع أن يخترق الزمان والمكان من أجل أن يفرض مشروعه على العالم
في البدايات ضُربت إيران بعنف حين انتشر فيها الفايروس الغامض وكانت مسؤولة عن نشر الوباء في العراق ودول الخليج العربي. بل إنها وبغباء أسطوري مارست دورها بتعمد في نشر الوباء حين أرسلت مرضى بكورونا إلى كربلاء بالعراق ليموتوا في حضرة الإمام الحسين. غير أن ذلك كله لم يحث إيران ولو لحظة على الالتفات عن مشروعها النووي الذي صار عنوان علاقتها بالعالم بدلا من أن تكون معاناة شعبها من المرض القاتل هو ذلك العنوان.
وليست غريبة على نظام الملالي تلك القسوة. لقد مارستها محاكم الثورة في وقت مبكر من عمر الجمهورية الإسلامية. ولا يزال تنفيذ أحكام الإعدام في حق المعارضين الإيرانيين مثار اعتراض وتنديد بالنسبة إلى دول العالم. كما أن الخميني بنفسه كان قد أحلّ في فتوى شهيرة القيام بقتل المعارضين من غير محاكمتهم.
في وقت سابق كانت دول أوروبية موقعة على الاتفاق النووي قد سعت إلى التخفيف من العقوبات الأميركية في محاولة منها للدفاع عن الوضع الإنساني في إيران. أغضبت تلك الدول الولايات المتحدة وأهدرت وقتا عزيزا كانت إيران تمارس فيه صنوفا من النصب والاحتيال والخداع وفي النهاية لم تكن النتيجة إلا صفرا.
لقد أجهضت إيران المشروع الأوروبي في مساعدتها. لقد كانت تعمل في الخفاء على تطوير برنامجها النووي حسب الأجندة التي وضعتها والتي لم تتراجع عنها بغض النظر عن المتغيرات الدولية والداخلية. انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وفرضت عقوبات دمرت الجزء الأكبر من اقتصادها. هجم وباء كورونا القادم من الصين عليها. حاولت أوروبا أن تعينها في اختراق العقوبات الاقتصادية بطرق شتى. كل ذلك لم يشكل عامل تأثير على إيران لتعيد النظر بما هي مقدمة عليه. لم تثنها التحولات التي شهدها العالم عن المضي في مشروعها.
صار واضحا أنّ ما يجري في العالم يقع في جهة والبرنامج النووي الإيراني في جهة أخرى. وإذ تعلن إيران اليوم أنها ستصل بالتخصيب إلى الدرجة التي تؤهلها لإنتاج القنبلة الذرية، فإنها ترغب عن طريق ذلك الإعلان في ابتزاز العالم.
ولكن لا قلق على الجبهة الأخرى. فهل هي مسرحية تمهد للإعلان عن إيران دولة نووية؟ صار على الولايات المتحدة أن تكون صريحة مع العالم وتكشف عن خفايا ما تعرفه.
لا نريد صينا أخرى.
الصين التي أخفت مسألة فايروس كورونا حتى ضرب العالم والآن إيران التي أخفت انتصارها نوويا في انتظار أن يقف العالم على أعصابه وهو ينصت إلى صوت الولي الفقيه وهو يهدده بالقنبلة الذرية.
ما نحن فيه اليوم أزمة ينبغي على العالم القيام بتفكيكها.
إذ تعلن إيران اليوم أنها ستصل بالتخصيب إلى الدرجة التي تؤهلها لإنتاج القنبلة الذرية، فإنها ترغب عن طريق ذلك الإعلان في ابتزاز العالم
ربما تعرف إسرائيل أن الولايات المتحدة ليست مهتمة كثيرا فيما إذا حصلت إيران على السلاح النووي لذلك تدخلت غير مرة لإبطاء إنتاج ذلك السلاح والحصول عليه. لا أعتقد أن إسرائيل ضربت المكان الخطأ ولا في الوقت الخطأ. يومها لم يكن للولايات المتحدة أي تعليق. فهل كانت تعرف شيئا من الحقيقة؟
ما أعلنت عنه إيران مخيف ومرعب بالرغم من اللغة المهذبة التي استعملتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية في وصف ما يجري. فهل كانت إيران صادقة في نقل ما يجري داخل مفاعلاتها، أم أنها لا ترغب الآن في أن تصدم العالم بالخبر الكارثي؟
لم تبلّغ الصين العالم بمقدمات كارثة كورونا التي نشأت على أراضيها فهل تكرر إيران المسألة في ما يتعلق بسلاحها النووي؟ ذلك يعني أنها تفضل أن يتم الإعلان عن سلاحها النووي تدريجيا من أجل تخفيف حدة الصدمة.
كان على الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن تحذر العالم في وقت مبكر من وصول إيران إلى مرحلة الخطر. أما إذا كانت إيران قد خدعت الوكالة الدولية وفعلتها في مكان آخر فإن ذلك يعني أن النظام الإيراني كان قد استطاع أن يخترق الزمان والمكان من أجل أن يفرض مشروعه على العالم.