جمال المحرابي يكتب لـ(اليوم الثامن);

ورحل عنا من كان يستحق الحياة .. (وداعا ابا احمد)

مضى في صمت بعيداً عن الأضواء شأنه في ذلك شأن الكثيرين من العظماء... 
الأستاذ #سمير_الاحمدي احد فرسان وأعمدة إدارة التربية والتعليم بمديرية الأزارق محافظة الضالع .
فمنذ ايام جاء نعيُه ولم أكن مستعداً لأي كمد، فقد تحدثت قبيل أن أفجع بوفاته هاتفيا معه للاطمئنان عليه فأخبرني ان حالته الصحية تزداد صعوبة الى ان تكسرت النّصال على النّصال ومضت سنة الله في خلقه...
يالله...ما أقسى الفراق، هل قدر لنا أن نفقد أعزتنا وزملائنا  بهذه السرعة، فمنذ دخوله المستشفى مع شراسة الجائحة في ربوع بلدنا الحبيب، وجميعنا يبتهل الى المولى القدير سبحانه وتعالى أن يشفيه من هذا الطارئ اللعين، الا أن سهم القضاء يأبى الا أن ينفذ، فهذا سنة الله في الكون منذ أن خلق الله أدم عليه السلام وحتى تقوم الساعة، لكنه الم الفراق... ما أقسى البعد وما أثقله الفناء.
نحن نعلم جيداً أن لا شفاعة في الموت.. فهكذا اقتضت مشيئة الرحمن، وتلك هي سنة الله في الخلق، ففي الموت مواعظ وعبر، فيه تذكرة بالدار الاخرة، وليتنا نتعظ، لكن يبقى الم الفراق ..!
 كم هي جارحة لحظات الوداع، اما فقد الاحبة فيترك في النفس انكسارات لا تنسى، ولكنه الموت، الحقيقة الكبرى التي لا تقبل الجدل.
فقدان الأستاذ سمير الأحمدي ابا أحمد الذي عرفناه منذ سنوات طويلة خسارة وطنية جديدة لما يتمتع من حس وطنى، بوفاته تخسر الأزارق والضالع والجنوب مناضلا ثائرا صلبا وشخصية اكاديمية وعلمية مميزة حيث تميز بأدبه الرفيع وعلمه الغزير فهو صاحب الارث الكبير  في تربية الأجيال  ..
ونحن نخسر زميلا عالما وصديقا كبيرا مخلصا  كونه احد أعمدة إدارة التربية والتعليم بمديرية الأزارق الذي لم نعرف عنه إلا الوفاء والتجرد والاعتدال.
 
رحلت عنا أبا احمد  تاركاً لنا ذكراك الطيبة وحسن سيرتك ونقاء سريرتك  وكنت حاضراً مع الجميع في السراء والضراء، ولا ننسى عنك يا ابا احمد مواقفك الرجولية وفزعتك وشهامتك ومرؤتك وسلامة قلبك وسعة صدرك وما كنت يوماً إلا خير سند وعزوة للجميع نسر بإطلالتك علينا ومثالاً طيباً في طيب المعشر صادقاً للوعد ومن خيرة من عرفنا ترسم لنا الأمل والفرحة برؤياك في أجمل لحظات وذكريات الصداقة.
لقد اعطيت كل ما لديك بلا حدود، ودون كلل أو ملل، ان مهنتك ورسالتك هي من أصعب المهن وأهم الرسالات، رسالة العلم والتربية، بكل ما تحمله في طياتها من المعاني، التي في صلبها بناء الانسان، وبناء الوطن وبناء المجتمع .
ما أقسي الوداع يا ابا احمد ..
لم يكن سمير الأحمدي ابا احمد بالنسبة لي زميلا ولكنه كان اخا بكل معنى الكلمة انسان بما تحمل الكلمة من المشاعر والاحاسيس استاذا لأجيال من طلبة وطالبات تعلموا منه الكثير بلا بخل معطاء بلا حدود كان يحرص الا يغضب احدا، بابتسامته الرقيقة يستقبلك ويستضيفك بكرم وبفرحة يرحب بك وبأحضان يودعك.
الإخلاص والرجولة ليست عملة نادرة في مجتمعنا وشبابه العاملون في كل المجالات، لكن لهذه النماذج واجب في رقابنا، أقله الوفاء والتقدير والاحترام.
فربما قرأ الكثيرون في الصحف والمواقع الاخبارية خبر وفاة الاستاذ والمربي سمير الأحمدي خلال اصابته ومعاناته من جائحة كرونا. 
ربما اعتبروه خبرا عاديا، لكن الحكاية تمتد إلى حياة شاب وعائلته وأهله، وقبل هذا فهو قدوة ونموذج يستحق أن نقدمه لشبابنا في وقت نشكو فيه من ممارسات سلبية لفئات من شبابنا ولا مبالاة وانشغال بما لا يفيد.
وحين نُعلّم أبناءنا وبناتنا في المدارس و المؤسسات التعليمية "التربية الوطنية"، ونحاول بناء الانتماء والإخلاص، فمثل هذه النماذج من الرجال هم عنوان هذه التربية.
 الانتماء ليس أغنية أو خطابا، انه منظومة متكاملة  من العطاء والبذل لصالح مجتمع يئن تحت وطأة الاحتلال  فكل هذا منظومة متكاملة تجسد الإخلاص والانتماء والمواطنة السليمة.. 
رحلت عنا يا أبا احمد وكلمات الرثاء لا تكفي لمشاعر الحزن بداخلنا وما يشغلنا من ألم فراقك نعتصره بصدورنا فكان فقدك حقا سحابه سوداء.
استمعت وقرأت الى ما كتب، وسافرت في حكاياته كأي جنوبي ذاق مر التشرد والحرمان والتهجير ..
رحمك الله ابا احمد  ..
 ولا نجد ما نقوله سوى أننا فقدناك حقاً .. طلابك ومحبيك ذرفوا الدموع والجميع يبكيك وتأثر برحيلك عنا ولكن ستظل ذكراك محفورة في القلوب والوجدان.
ندعو الله العلي القدير أن يتغمدك بواسع رحمته ورضوانه ويلهمنا وذويك وكل محبيك الصبر والسلوان ويجمعنا فيك بالفردوس الأعلى. 
«إنا لله وإنا اليه راجعون». 
إلى جنة الخلد مع الصديقين والشهداء، رحمك الله يا أعز من عرفنا ، فإن قدر المبتسمين ان يذهبوا سريعا.
فإننا كبشر أعطانا الله تعالى أن نختار أخلاقنا وسلوكنا، لهذا اختار أبو احمد أن يكون رجل علم ومعرفة معطاء وصاحب خلق وأن يقدم للشباب الجنوبي نموذجا كريماً,  
فعلى روحك السلام.
#جمال_المحرابي