عبدالواسع الفاتكي يكتب لـ(اليوم الثامن):

مفارقات يمانية !

في اليمن تنحرف البوصلة من معالجة إشكاليات لخلاف شخصيات ، لا يتم النظر لجذور المشكلات ويتم التركيز على وجهة نظر الآخرين حولها ، لا نبت في أي معضلة قبل أن تستفحل وتمتلئ القلوب والنفوس ، وتتحول لأزمة ،  يتم مراعاة أطراف الخلاف حولها ،  ومن يقف معهم دون الأخذ في الاعتبار إنهائها والفصل فيها ، والعمل على عدم رجوعها  قدر  الإمكان ، قضايانا تكن صغيرة ثم تكبر ، وحلولنا تكن كبيرة ثم تصغر ، أحزابنا حاكمة ثائرة معارضة في آن واحد ، رئيس راحل ما استطعنا إقناعه بالخروج من الوطن ، ورئيس مهاجر ما استطعنا إقناعه بالعودة للوطن.
 لوحاتنا الإعلانية على واجهات المتاجر  والمكاتب والعيادات اختزال تراجيدي مكثف ساخر ، للمشهد اليمني برمته ، محلات الحافي للأحذية والكوافي، معرض العريان للملابس الجاهزة ، عيادة الكفيف لطب العيون ، مركز الأصنج للأذن والأنف والحنجرة ، مركز الأثرم لطب الأسنان ، مكتب الخوان للمحاماة والاستشارات القانونية .
قد نجد الأب يؤيد السلطة الشرعية ، والابن يتبنى موقف المليشيات الحوثية أو العكس ، وكأن الحرب الدائرة خلاف أسري ، حتى أسماء الأسر والقبائل جعلناها أسماء أمراض ؛  لنرهب أعداءنا ، ابتداء من بيت الأحول ، مرورا بالأطرش فالأبرص فالأعرج إلى غير ذلك من الأسماء .
المواطن  والمسؤول ينتقد كل منهما الفساد ، ويشتكي منه ، وكأنه عدو خارجي ، بل إن  المسؤول يرى أنه ضحية الفساد الأولى ، نتحاور ثم نتقاتل ، ثم نعود للحوار مرة أخرى ، نتحدث كلنا باسم اليمن ، ويبيد كل منا الآخر باسمه أيضا ، ننظر للديمقراطية ، ومرجعياتنا هي القبيلة والإملاءات الحزبية  ، نتحدث عن المستقبل ، ونحن نحاكم الحاضر بفلسفة وفكر ماضويين، عفى عليهما الزمن ، ونظل نحن - اليمانيين - لغزا يصعب فهمه ، وفك رموزه ، طالما بقيت حياتنا مليئة بالتناقضات ، ورهينة تواطؤ الأضداد وصراع المصالح .
#عبدالواسع_الفاتكي