واثق الجابري يكتب لـ(اليوم الثامن):

أبعد من القمة

تُعقد في العاصمة العراقية، قمة ثلاثية؛ عراقية مصرية أردنية، الواضح منها تعزيز المشتركات بين دولها، من الجوانب السياسية والأمنية والإقتصادية والطاقة والإعمار، إللاّ أنها لن تتوقف بملفات هذه الدول، بل سيكون لها أثر أقليمي ودولي، وتبعات لمحادثات وقمة بشكل أوسع.

 وقف العراق طيلة السنوات السابقة، حياداً على أرض تتقاذفها الصراعات السياسية المحلية منها والخارجية، وصار في أحيان كثيرة ساحة لتصفية حسابات دولية أبعد من محيطه الأقليمي، وأبتعد عن التمحور والدولي، ولم يتحور عن متبنياته الداعية للسلام وإشاعة الحوار، وبموقعه الإستراتيجي؛ سعى أن يكون شريكاً مع دول مؤثرة في الملفات الأقليمية، مكملاً دوره في تقديم الرؤى والأفعال التي تخدم إستقرار المنطقة.

مصر العربية واحدة من أهم الدول العربية في السياسة، تاريخياً وحاضراً، وذات دور ريادي ومؤثر في القرار الإقليمي والدولي، إضافة لإحتضانها للجامعة العربية، وخبراتها في العمران والأيادي العاملة، والأردن واحدة من الدول التي وقفت على الحياد  في كثير من ملفات صراعات المنطقة، ناهيك عن حاجة هذه الدول الثلاثة الى تبادل المصالح وتعزيز المشتركات، وحاجة كل طرف للآخر، وبالخبرات المتبادلة والإحتياجات، والأردن ممراً بين العراق ومصر، والعراق يحتاج الطاقة والتبادل التجارية والإقتصادية وإعادة البنى التحتية، والشروع بمشاريع كبيرة في مقدمتها دبلوماسية الوسطية.

 لن تتوقف القمة بالدول الثلاث، وفق الحسبات العراقية، وستكون قاعدة للإنطلاق الى حوارات أقليمية ودولية، في منطقة سأمت الصراعات، وسيكون العراق مقراً لحل ملفات أربكت السياسة والأمن، وعطلت الإقتصاد والتعاون  وحاجة الدول لبعضها في ظل جائحة كورونا، والبيئة المناسبة لعقد الإجتماعات ستكون بغداد، مع مساندة مصر والأردن، ودعوة بقية الأطراف للجلوس في أرض حياد وهي بغداد.

ستعزز القمة الأواصر بين دولها، ودول أخرى  حسب علاقة كل طرف منها بأطراف أقليمية ودولية، وستشجع الدول الاقليمية على الإنخراط بلقاءات مباشرة وحورات جدية، لحل كثير من ملفات المنطقة، التي أصبحت ثقلاً على كاهل الحكومات والشعوب، وكانت سبب في تراجع علاقاتها السياسية والإقتصادية، وأوقفت تعاونها في العمل المشترك الذي يؤدي الى التكامل من أجل نهوض كل أطرافها.

إن تجربة القمة الثلاثية في بغداد، التي أجلت لأسباب طارئة سابقاً، ستفتح الأبواب أمام قمم أقليمية ودولية، ثم قمة تجمع الأطراف المختلفة، وتعزز أمنيات الحكومات في حل المشكلات العالقة، التي أحدثت شرخاً في العلاقات بين الدول الأقليمية، وتتجاوز إنعكاس ذلك على واقعها السياسي والأمني والإقتصادي.

أنهكت الحروب والصراعات الدول الأقليمية، وأستنزفت ثرواتها، ووصلت الى قناعة ضرورة الحوار، ويبدو أن بعض الحلول ترتبط بملفات عالمية في طريقها للتسويات، وهذا ما يفرض على المنطقة الإقرار بالحاجة الفعلية للحوار والجلوس القممي بشكل مباشر دون وسيط، والإنطلاق من القمة الثلاثية؛ على أن تمارس الدول الثلاث في تقريب وجهات النظر الأقليمية والدولية.