سهى الجندي تكتب:
"أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم" (البقرة 44)
المظاهرات في تونس شاهد على ازدواجية المعايير لدى الأحزاب الاسلامية التي لا يوجد لديها دستور ولا تعترف بالديمقراطية ولا التعددية، فنظام الحكم في الاسلام قائم على أساس أن القرآن هو الدستور والحاكم هو خليفة الله في الأرض وطاعته واجبة، وما سوى ذلك، فالناس صنفان: مسلمون وكافرون يدفعون الجزية وهم صاغرون أي محتقرون، والمرتد يقتل حتى لو كان مسلما بالولادة والحاكم يفرض على الشعب فرضا، وسارق البيضة فيه نص صريح على وجوب قطع يده، أما ناهب المال العام ففيه نص صريح على أنه يُستتاب ويُرَد المال المنهوب ولا يُقطع، وأي إنسان يحتج على مثل هذه الأحكام يخرج من الملة ويهدر دمه لأنه يعتبر اعتراضا على حكم الله والرسول.
إن الإسلاميين يركبون موجة أي شيء يستفيدون منه، وقد جاءتهم الديمقراطية والانتخابات فسارعوا للاستفادة منها واستدرجوا الناخبين الى الفقر والفوضى، ورفضوا الإقرار بأنهم فاشلون، وخرجوا الى الشارع يطالبون بالدستور والديمقراطية، ونسوا أن البلاد كانت على وشك الانهيار إبان حكمهم وكان لا بد من عملية إنقاذ سريع لما تبقى منها، واليوم يرددون الشعارات الرنانة ويبتزون الناس عاطفيا لكي ينصروهم.
يحكى أن نحويا أعرابيا كان يتحذلق بالكلام ويستخدم جميع أدوات البلاغة والبيان في حديثه العادي الذي لا يستوجب ذلك، ثم حدث ذات مرة أن وقع في حفرة امتصاصية، فصار يصرخ وينادي، فجاء إليه رجل يريد أن ينقذه، فقال له الأعرابي "أحضر حبلا غليظا وشد وثاقي شدا وثيقا....." فقال له الرجل "هلا كففت عن هذا وأنت في ال...... الى الحلق." ألا يفهم إسلاميو تونس ما يجري على أرضهم من بؤس وشقاء؟ لماذا لا يتركون الحاكم المنتخب يرتق الشرخ الذي أحدثوه؟
عندما يطالب العلمانيون بعلمنة نظام الحكم، إنما يريدون ذلك لكي لا يكون هناك أحد لديه حصانة من المساءلة والمحاكمة والمسؤولية، ولكي لا يجوع أو يتشرد أو يقتل أحد والإسلام لم يضع أدوات فعالة للقضاء على هذه الجرائم، فالنهب والفساد يملآن العالم الإسلامي لأن الحاكم وحاشيته محصنون عن المساءلة ولديهم رجال دين يصدرون لهم الفتاوى بالمواصفات والمقاييس التي يطلبونها، والمرأة تسلب حقوقها لأنه ليس لها حقوق في الاسلام أصلا ومصيرها متوقف على أخلاق ولي أمرها لأنها ناقصة عقل ودين، ولا يوجد حكم في الإسلام إلا وعليه اختلاف، ولهذا فإن الحكم الاسلامي يحظى بالدعم الأميركي، لأنه يدمر البلاد دون عناء من جانب الولايات المتحدة.