سلام محمد العبودي يكتب لـ(اليوم الثامن):

الأمل وشيطنة الإحباط

" لا غِنى عن شيئين في حياتك, الأول العقل, الذي يحتفظ حتى في أحلك ساعة, ببعض من بصيص الضوء الداخلي الخافت, الذي يوصلك إلى الهدف, وثانيا الشجاعة, لإتباع الضوء الخافت أينما كان" كارل فون كلاوزفيتز/ جنرال ومؤرخ حربي بروسي.

أساليب الشيطنة السياسية, من أجل الحصول, على فتات الدنيا, لم تدخر جهداً في إحباط المواطن, وترسيخ فقدان الأمل بالتغيير, بالرغم من معرفتهم التامة, أن يوماً لابد آتٍ لا يستطيعون فيه, العودة لإصلاح ما أفسدوه, إنه يوم القصاص العظيم, الذي وعد الخالق الفاسدين الطغاة, حيث قال في كتابه المبين" أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ" سورة البقرة آية 16.

يمارس بعض الساسة المرشحين, أساليب جبلوا عليها لعدة دورات, لفقدانهم المشروع الحقيقي للتغيير, خلافاً لما يريد المواطن العراقي, وخلافاً لما تم تحديده لواجباتهم المستقبلية, إن فازوا بمقعد برلماني, فما بين وعود كاذب, وشعارات أكل الدهر عليها وشرب, وأصبحت مستهلكة لا ثقة بها, لكثرة تكرارها التي خلقت حالة, بل أصبحت تلك الممارسات, محض استهزاء جماهيري, لم يتخذوا العبرة مما كان, ولا يأبهون بما صرحوا به, من أنهم قد أفسدوا فشلوا, في خدمة المواطن العراقي, بل راح بعضهم يصرح دون خجل, من أنهم المتسببين بكل ما جرى من فساد.

" أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ" سورة البقرة_ آية 44, المصيبة أن أولئك الساسة, المعروفين بالفساد والفشل, يأمرون الشعب الالتزام بقوانين سَنوها, في دوراتهم السابقة, بينما يتناسون ما كتبوه, فلا يطبقوه على أنفسهم, ليعيدوا ثقة المواطن على أقل تقدير, ولا يصبحون حديث الاستهزاء, والندرة في المجالس الشعبية, وبرامج السوشل ميديا, ومع إنهم يعلمون, ولكنهم لا يستحون بعد اعترافهم بالفساد.

بغض النظر عن بعض السلبيات, التي رافقت التظاهرات الشعبية, والمندسين الذين كان هدفهم إفشال المطالب, فتكاثرت أوصاف التشكيك, بين جوكر وذيل وسفارة وغيرها, إلا أن شعارا تم رفعه في تلك التظاهرات, مفاده أن العراقي يبحث عن وطن, فماذا كان قصد المواطن بذلك؟ فالوطن كأرض موجود, فكان الجواب من بعض الشباب الواعي, نريد وطن يحمل صفة دولة, لا حكومة محاصصة فاسدة, مقسمة ثروات العراق كغنائم, وطنٌ ينتصر به الحق, ضد الفساد والباطل.

الشفافية من استراتيجيات الإصلاح, ومن متعلقات تلك الفقرة, الصرفيات في الموازنة العامة, التي يجب أن لا تصبح فقراتها, عرضة للضياع لسيطرة الأحزاب السياسية على مفاصلها؛ والخلاص من البيروقراطية, ممارسة أخرى للخلاص من الفساد, عقد الاتفاقات الدولية, بعيداً عن الرشاوى, التي تطلب من قبل جهات سياسية, من أجل الموافقة على تلك الاتفاقيات, دون حساب قانوني, يوقف ذلك الفساد, ويبعد الاستثمار الحقيقي عن البلد.

الشرعية الدستورية وسيادة القانون, أساس بناء الدولة, وعدم تغيير النظام, كما حدث عندنا في العراق, فعندما رٌكِن الدستور, واعتمد التوافقيات السياسية, ومشاركة جميع الأحزاب بالحكم, تَفشى الفساد والفشل, لفقدان الرقيب والمحاسبة, وهنا يجب العودة للنظام الديمقراطي, وحكم الأغلبية الحاصلة, اعتماداً على نتائج الانتخابات, ليكون الجزء الأخر, في صف المعارضة البرلمانية, لمراقبة أداء الحكومة.

بناء الدولة يعتمد على, توفير بيئة أمنية مستقرة, سياسياً واجتماعياً واقتصادياً, بعيدا عن النزاعات الدينية, والانتماءات الحزبية والأثنية, للانطلاق بالمتصدين للحكم من الأغلبية, للتفرغ للتنمية الاقتصادية وتحقيق الرفاهية.

" بناء الدولة وسيادة القانون مشروعنا, وتشغيل العاطلين عن العمل, وازدهار الزراعة والصناعة والاستثمار, من أوليات أهدافنا, في العمل الحكومي والسياسي" السيد عمار الحكيم/ رئيس تحالف قوى الدولة الوطني.