د. ابراهيم ابراش يكتب:
التبشير بالخير القادم لغزة ومعادلة "الاقتصاد مقابل الأمن"
في الأيام الأخيرة تواترت تصريحات السفير القطري في قطاع غزة محمد العمادي ومسؤولين حمساويين وأحياناً مصادر مصرية التي تبشر بالخير والرخاء القادم لقطاع غزة والحديث عن أموال ومشاريع بنية تحتية ستغير الأوضاع جذرياً في قطاع غزة. مع أن هذه البشرى ما زالت مجرد كلام إلا أن تزامنها مع المعادلة الإسرائيلية للتصور للتسوية مع الفلسطينيين والتي تقوم على قاعدة "الاقتصاد مقابل الأمن"، ومع المفاوضات المباشرة وغير المباشرة بين حركة حماس وإسرائيل وأطراف أخرى لتوقيع هدنة طويلة المدى والمبالغة في الحديث عن الفقر والبطالة ومشاهد المواطنين يزدحمون أمام مكاتب الشؤون المدنية من أجل العمل في إسرائيل، كل هذا يدفع للتساؤل حول الصلة ما بين تصريحات العمادي وغيره والمعادلة أو الرؤية الإسرائيلية للتعامل مع الفلسطينيين (الاقتصاد مقابل الأمن)، وما هو الثمن المطلوب دفعه من حركة حماس وفصائل المقاومة مقابل الرخاء القادم لغزة؟ وما هو مستقبل المقاومة وفصائلها في القطاع؟ وأين منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية مما يجري في غزة ولغزة؟ وماذا بشأن المصالحة والوحدة الوطنية؟ الخ.
قد يقول قائل إن الوضع المعيشي في قطاع غزة من فقر وبطالة وصل للحضيض بالفعل ويجب انقاذ أهالي غزة من حالة البؤس والفقر وتوفير حياة كريمة لهم، أما القضايا الوطنية الكبرى فسيأتي دورها لاحقاً ولا يجب أن تطلب من الجائع والفقير أن يناضل من أجل الوطن لأن لقمة عيش الأولاد لها الأولوية!
ولكن أليس منطلق وفلسفة المعادلة الإسرائيلية (الاقتصاد مقابل الأمن) تقوم على نفس الفكرة وان إسرائيل أوصلت الوضع العام في مناطق السلطة وخصوصاً في قطاع غزة إلى التفكير بهذا الشكل؟ أليس تأخير المنحة القطرية وشيكات الشؤون الاجتماعية عملا مقصودا يصب في نفس التوجه؟ وبالتالي فإن تصريحات العمادي تلتقي مع المخطط الإسرائيلي إن لم تكن أحد ادواته التنفيذية.
لا أحد ضد رفع المعاناة عن سكان غزة وسكان القطاع يستحقون حياة كريمة تتناسب مع دورهم النضالي عبر التاريخ، ولكن هناك حلول وطنية بديلة عن الحل غير الوطني الذي يتم الاشتغال عليه.