د.علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
الأندلس الفردوس المفقود (1-3)
قررت هذه المرة أن أكتب عدة حلقات عن أدب الرحلات بعيدا عن السياسة اللعبة القذرة كما وصفها رئيس وزراء بريطانيا الأسبق أثناء الحرب العالمية الثانية ولجأت إلى ما دونته من مذكرات وذكريات من كتابي (مسافر عبر الزمن ) عن رحلتي في منتصف الثمانينيات التي قمت بها إلى الأندلس أحد أهم الأقاليم الاسبانية التاريخية التي طالما قرأت عن تاريخها منذ الفتح الإسلامي وبطولات طارق بن زياد وموسى بن نصير ،وقيام الدولة الأموية وعاصمتها "قرطبة "بقيادة الخليفة عبد الرحمن الداخل الملقب بصقر قريش ،وكنت قد نهلت مسبقا من كل الكتب التي دونت عن تاريخ الأندلس وكبار أدباءها مثل أشعار لسان الدين ابن الخطيب ،وكتاب العقد الفريد لابن عبدربه وغيره من أمهات الكتب !!
تاريخ حافل وحضارة عريقة امتدت عدة قرون طويلة ما زالت شواهدها قائمة حتى اليوم .لقد فقد العرب الأندلس بسبب خلافاتهم وتفرق شملهم حتى تمكن أعدائهم من قهرهم وإخراجهم من ذلك الفردوس المفقود ،وسيظل حسرة في القلب وغصة في الحلق بضياعه من أيدينا بعد حكم امتد ثمانية قرون و التاريخ وشواهده تؤكدان أننا لا زلنا نكرر نفس الأخطاء القديمة ولم نعتبر أو نتعلم من التاريخ !!
عن طريق روما :
كانت أمامي فرصة ثمينة قررت أن لا أفوتها وهي قضاء الاجازة مع زوجتي في ربوع الأندلس رغم اقتراح بعض الأقارب والأصدقاء الذين نصحوني بالسفر إلى تركيا لقربها من دمشق وعاداتها الإسلامية ورخص أسعارها مقارنة بإسبانيا ولكنني صممت على اسبانيا !!
بعد ليلة العمر والفرح السعيد في دمشق خرجنا من صالة الجلاء بالمزة الواحدة صباحا في ليلة خريفية ممطرة من شهر أكتوبر واتجهنا برتل من السيارات التي كانت تطلق أبوا قها عبر شوارع المزة ثم صعدنا إلى قمة جبل قاسيون المطل على دمشق ثم عدنا إلى فندق الشيراتون وكنا نستقل سيارة أحد الأصدقاء من الدبلوماسيين العاملين في السفارة اليمنية بدمشق وكلف ابنه مشكورا بقيادتها ومرافقتنا .
وفي الصباح الباكر غادرنا الفندق إلى مطار دمشق الدولي وانهينا إجراءات السفر بيسر وسهولة وودعنا الجميع ودخلنا القسم الجمركي ولم يعكر صفو صباحنا إلا موظف سليط اللسان عندما اطلع على جوازاتنا وتعرف على هوياتنا وبدلا من يبارك لنا قال لي بتهكم : ألا يوجد نساء في بلادكم ؟؟ !!َ
ولم أرد عليه ولم انفعل حتى لا يتخذ ذلك حجة لعرقلة سفرنا وكتمتها في نفسي فيما كانت الخطوط السورية تعلن عن قرب موعد إقلاع رحلتنا المتجهة إلى روما عن طريق حلب ..وعلى الفور اتجهنا إلى الصالات الداخلية المؤدية إلى الطائرة وقوبلنا بترحاب شديد من قبل طاقم الطائرة عندما علموا أننا عروسين
وتحدث الكابتن إلى الركاب بذلك وقدمت لنا المضيفة باقة من الورد وطبقا من الشوكلاته وأمام لطفهم وحرارة استقبالهم لنا نسينا ذلك الموظف الهمجي الذي تصبحنا به الذي لا يمثل إلا نفسه ولا يعبر عن الشعب السوري الطيب الكريم المضياف .
استغرقت رحلتنا من دمشق إلى مطار حلب 45 دقيقة من الطيران الهادئ المريح والخدمة المميزة وقدموا لنا وجبة إفطار شهية أثناء الرحلة ، وفي حلب انضم إلينا ركاب جدد إلى روما التي وصلناها ظهرا وحسب رحلتنا المقررة يجب أن نبقى يوما كاملا في روما للتعرف على معالمها التاريخية وختمنا جوازاتنا في مطار روما ثم توجهنا بسيارة أجرة إلى وسط روما ونزلنا بأحد الفنادق وطلبنا الغداء وقد اخذ منا التعب كل مأخذ ونمنا حتى المغرب ثم خرجنا في جولة في المنطقة المحيطة بالفندق ولكنني لم أشعر بالأمان في روما خاصة في الليل لسمعتها السيئة حيث تشتهر بعصابات المافيا والمخدرات والجريمة وعلى الفور عدنا إلى الفندق وفي الصباح الباكر توجهنا إلى مطار روما ثم أقلعت بنا طائرة الخطوط الايطالية إلى برشلونة.
والى اللقاء في الحلقة الثانية
د. علوي عمر بن فريد