عبدالواسع الفاتكي يكتب لـ(اليوم الثامن):
الشرعية اليمنية والتنازل بالتقسيط المريح !
ستستمر السلطة الشرعية في تقديم تنازلات للمليشيات الحوثية ، ستكسب من ورائها شهادة حسن سيرة وسلوك من الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص لليمن ، في كل اتفاق أو جولة مفاوضات تنتزع المليشيات الحوثية مكاسبا سياسية واقتصادية وعسكرية ، بينما تخسر السلطة الشرعية تدريجيا استحقاقات شرعية ، هي استحقاقات للشعب اليمني ، وتفقد ببطء مشروعيتها السياسية ، طيبت الشرعية خاطر المبعوث الأممي هانس جرودنبيرج ، فقبلت السفر من مطار صنعاء بجوازات صادرة من المليشيات الحوثية ؛ كي لا يقال : إن الهدنة فشلت ولم يتحقق منها شيئا ، ماذا عن حصار تعز ؟ هل يستحق أبناء تعز أن تطيب الشرعية خاطرهم وتشترط فك الحصار عن تعز مقابل فتح مطار صنعاء ؟!
اتفاق استكهولم أوقف تحرير الحديدة ، هدنة الشهرين الأممية الأخيرة ، أكسبت المليشيات الحوثية 90 مليار ريال جمارك وضرائب 18 سفينة مشتقات نفطية ، ضمنت المليشيات بذلك توفير مبالغ ضخمة ؛ لتمويل جبهات القتال لسنوات قادمة ، وفك الحصار عن قادتها وأنصارها بفتح مطار صنعاء ، بينما ستمنع من تريد من السفر ، وستكسب أيضا موارد مالية أخرى من رسوم تذاكر الطيران .
لم تكسب السلطة الشرعية من اتفاق استكهولم أو من اتفاق الهدنة الأخير شيئا ، المتحججون بأن الضرورة الإنسانية للمواطنين في مناطق سيطرة المليشيات الحوثية ، تقتضي أن تتصرف الشرعية بهذا الأسلوب ، يتجاهلون حقيقة أن المليشيات الحوثية لا يعنيها أمر المواطنين ، ولا تهتم بشؤونهم، بل تستخدمهم كرهائن لتجبر الآخرين على تلبية مطالبها .
كل ما بوسع السلطة الشرعية هو إصدار بيان تنديد ومطالبة للأمم المتحدة ومبعوثها الخاص ، يالضغط على المليشيات الحوثية ، بوقف التصعيد واختراق الهدنة لماذا لا تعلن عدم استمرار التعاطي والتعامل مع الهدنة مادام والمليشيات الحوثية تنتهكها وتضرب بها عرض الحائط ؟ وتوصل للأمم المتحدة ومبعوثها رسالة صارمة ، أن مسؤولياتها تجاه الشعب اليمني ، تحتم عليها مغادرة مربع التنازلات لمليشيات لا تعرف للسلام طريقا ، وأنها لن تفرط في حقوق اليمنيبن ، طالما ظلت المليشيات الانقلابية لا تحترم اتفاقا ولا تلتزم بميثاق .
نحن أمام اضمحلال وتآكل لمرتكزات القوة الشرعية والدستورية للسلطة الشرعية بالتقسيط المريح ، مقابل حصول المليشيات الحوثية على مغانم ، تخرجها من دائرة التمرد والانقلاب ، وتمنحها البقاء جاعلة لها معادلا موضوعيا للقوى الوطنية اليمنية .
السلطة الشرعية بين خيارين : إما أن تحصل على رضا المجتمع الدولي والأمم المتحدة ، وتستمر في الاستجابة لما يطلب منها ، ولو كان فيه خسارة لها وللشعب اليمني ، وإما أن تضع نصب أعينها دماء الشهداء وتضحيات ومعاناة اليمنيين ، ولا تفرط باسترداد الدولة ومؤسساتها من براثن المليشيات الحوثية ، مخلدة ذكراها في سجل ناصع البياض .