د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
أولادنا السنابل الخضراء
أولادنا كالسنابل الخضراء في صحراء حياتنا.. قرّة أعيننا ومهجة أرواحنا ...
وقد لا يتمنى الإنسان الحياة لنفسه، لكنه يطلبها لأولاده فهم زينة الحياة الدنيا
وها هو الشاعر: حَطّانُ بنُ المُعَلى ينشد رائعته الشعرية قائلاً:
لَولا بُنياتٍ كَزُغْبِ القَطا
رُدِدْنَ مِنْ بَعضٍ إلى بَعضِ
لكان لي مُضطربٌ واسِعٌ
في الأرضِ ذاتِ الطُّولِ والعرضِ
وإنّما أولادُنَا بَيْنَنا
أكبادُنَا تَمشي على الأرضِ
لو هَبَّتِ الرِّيحُ على بَعضِهم
لامتنعَتْ عَيْني مِنَ الغَمْضِ
حيث يولد الطفل على الفطرة الخالصة والطباع البسيطة فإذا قوبلت نفسه بنوعٍ من الأخلاق نُقشت في لوحة دماغه وتكبر معه شيئاً فشيئاً وتصبح راسخة فيها متجذرة سواء إيجابية أو سلبية .
فالأب يستطيع أن يرقى بسلوك أولاده صُعداً في مدارج المثل العليا فيغرس فيهم قيم الفضيلة والرحمة والأخلاق النبيلة وهكذا يخرج للمجتمع جيل واعٍ خلوق نفتخر به..
وتتحفنا كتب التاريخ بالقصص المعبرة ومنها: أنه يوماً غضب الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان من ابنه يزيد لأمر ما.. فهجره.. فقال له الأحنف بن قيس وكان مستشاراً اشتهر بحكمته وحلمه : يا أمير المؤمنين إنما هم أولادنا، ثمار قلوبنا وعماد ظهورنا ونحن لهم سماء ظليلة.. وأرض ذليلة.. وبهم نصول على كل جليلة.. إن غضبوا فأرضهم.. وإن سألوك فأعطهم.. ولا تنظر إليهم شذراً ولا تكن عليهم ثقلاً فيملوا حياتك ويتمنوا وفاتك !!.
والسؤال هو : هل تتساوى مشاعر الوالدين نحو أبنائهم؟؟ وهل تتفاوت هذه المشاعر حين يتقدم العمر بالأبوين؟؟ خصوصاً بعد تقديمهما كل ما يمكن أن يقوما به من تربية وتعليم ورعاية تجاه الأبناء .
ففي الطفولة نلاحظ أن المشاعر تجاه الأبناء متساوية تماماً ولكنها تنمو أو تتراجع مع تقدم الأهل في العمر.. لأن العواطف تشبه الغرس في التراب تحتاج للغذاء كي تكبر وتنمو فإن قلّ الماء أو الهواء أو الضوء تنكمش ولربما تموت وهكذا العاطفة تجاه الأبناء، ومن هنا تتفاوت المكانة بينهم في قلوب الآباء!!
فمنهم يكون كالقلب في جسم الإنسان إنهم المحرك الأساس للبيت يهتمون ويسألون عن كل كبيرة وصغيرة.. ويتميزون بالمسؤولية والعطاء اللامحدود.
وآخرون كالرئتين نختنق بدونهم ويصعب علينا العيش بعيداً عنهم.. محبون.. لطيفون فهم أوكسجين الحياة .
والبعض كالكلية يخلصوننا من الهموم ويطرحون عن الأهل كل شرٍ يصيبهم، إنهم السند عند الحاجة ولكنهم قد يؤلمون أحيانا .
وقسم قليل يكون كالزائدة الدودية.. مشغولون بأنفسهم.. يأخذون ولا يعطون، دون التعبير عن أي شكر أو امتنان.
ولهذا ليس كل الأولاد أكباداً.. هذا هو الواقع.. الذي يبدد أوهام الشاعر والصورة الرومانسية للعائلة، والتي تتضح معالمها الحقيقية وجوهرها عند حاجة الأهل للأبناء.. وهذه الحاجة قد لا تكون مادية على الإطلاق، إنها الحاجة لشخص قريب يسمعك دون مللٍ أو تأففٍ ويأخذ بيدك لأنك جزء منه وجذع شجرته التي تفرّع منها
(انتهى الاقتباس ) كما ذكر د . قيصر كباش
هذه خلاصة مقال أردت مشاركته .
د . علوي عمر بن فريد