توفيق جزوليت يكتب:

موقع جنوب اليمن ( الجنوب العربي) في القانون الدولي

عدن

ما هو  موقع جنوب اليمن ( الجنوب العربي) في القانون الدولي، في ضوء التعقيدات و المؤامرات و المعارك العسكرية التي تجري عادة في المحافظات الجنوبية

سقطت عدن و  باقي المحافظات الجنوبية بين ايدي القوات الشمالية التي كان يقودها الرئيس علي عبد الله صالح، و تدعمها مليشيات الإصلاح الإخوانية ، و انتهت حرب صيف 1994,و معها انتهت تلك الوحدة الإندماجية، ليصبح الجنوب مدمرا ، مستعمرا، و اهله مواطنين من الدرجة الثانية....و لا يزال أهل الجنوب العربي في المحافظات الستة يدفعون ثمن تلك الوحدة التي تحولت الى انتكاسة و معاناة

هذه رؤيتي من وجهة نظر القانون الدولي لإنهاء الصراع في اليمن.
في ضوء تعثر و ضبابية الموقف السعودي من المطالب المشروعة لاهل جنوب اليمن في استعادة دولتهم، و إصرار التجمع الوطني للإصلاح الإخواني على الحيلولة دون التوصل إلى حل سياسي لأزمة اليمن بدعم خارجي خصوصا من قبل قطر و سلطنة عمان و  تركيايتطلب مصارحة مع دول التحالف العربي ،وموقفهم من استعادة الجنوبيين لدولتهم، فالوضع لايطمئن . والتلكؤ والتخاذل من قبل الرياض  يخدم إخوان اليمن، و يزيد الطين بلة في معانات الجنوبيين، كما يعقد من إمكانية إحلال السلم و السلام في اليمن بشطريه .

من الناحية القانونية عقدت العام 1990،اتفاقية وحدة بين الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديموقراطية، و تم توقيعها في أبريل 1990 ، كانت اتفاقية دولية، دخلت حيز التنفيذ عندما تم المصاقة عليها من قبل عدن و صنعاء، المادة الأولى من هاته الإتفاقية تنص على ما يلي " تقوم بتاريخ 22 مايو1990 بين دولتي الجمهورية العربية اليمنية و جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية وحدة اندماجية كاملة" هاته المادة أنهت الشخصية الدولية لكل منهما في شخص دولي واحد يسمى الجمهورية اليمنية ، لهذا فإن دولة جنوب اليمن انتهت قانونيا بحكم الوحدةالإندماجية و مقتضياتها الدستورية.
فماهي البدائل المطروحة من قبل القانون الدولي ، لينبعث جنوب اليمن من تحت أنقاض دولة الوحدة التي فشلت بل و انتهت مع انطلاق الرصاصة الأولى لحرب 1994.
الخيار الأول هو تبني الفيديرالية، أو الأقاليم ،علما أن هذا الخيار لا يخرق بنود الدستور الحالي،و لكن يتطلب تنازلات واسعة بين الطرفين التي مما لا ريب فيه غير متاحة بسبب الحروب و مواقف الطرفين المتباينة و المحتدمة. كما أن هذا الخيار لا و لن يخدم مطالب الشعب الجنوبي في فك الإرتباط 
الخيار الثاني هو اللجوء الى الحكم الذاتي، وهو بديل غير واقعي، لكون الحكم الذاتي سلاح ذو حدين نجاحه و ضمان استمراره يعتمد على أربع ركائز أساسية لا تتوفر عند الحكومة المركزية في صنعاء ( أيالحوتي) و لا عند ما تسمى بالشرعية التي فقدت شرعيتها عمليا و قانونا و سياسيا.هاته الاعتبارات الاربعة يحددها فقهاء القانون الدولي فيما يلي :
-الحكومة المركزية التي تقترح الحكم الذاتي يجب ان تمارس حكمها في مناخ ديموقراطي
-الحكومة المركزية التي تقترح حكما ذاتيا يجب ان تحترم حقوق الإنسان و بالتالي حقوق الأقليات
-أن تسود الثقة بين الحكومة المركزية و حكومة الحكم الذاتي
-أن تعمل الحكومة المركزية على ضمان الحد الأدنى من الازدهار الاقتصادي في منطقة الحكم الذاتي هاته الاعتبارات لا توجد بأي شكل من الأشكال في منطقة اليمن.
لهذا و ذاك يظل الاستقلال هو الخيار المنطقي و الذي يتجاوب مع متطلبات الشعب الجنوبي، مع الأخذ بعين الإعتبار أن وضع الجنوب وضع خاص ،لأن جنوب اليمن كان دولة معترف بها دوليا قبل الوحدة.
فأين يتجلى دعم القانون الدولي لجنوب اليمن في اقامة دولة فوق أراضيه؟
The Montevideo convention on the rights of states is an international treaty signed in Uruguay,on december 26, 1933
اتفاقية مونتيفديو للعام 1933، التي صادقت عليها الأمم المتحدة بعد إنشائها العام 1945،كما صادق عليهالاتحاد الاوروبي، وأضحت بالتالي قاعدة ومبدأ صريحا في القانون الدولي،وفقا للمادة الأولى بخصوص أشكال الدول،الدولة يجب أن تتوفر فيها المؤهلات التالية:
-سكان مقيمون بشكل دائم
-أراضي محددة بوضوح
-حكومةقادرة على إنشاء علاقات مع دول أخرى
بالنسبة لليمن الجنوبي من المؤكد أنه قادر على تلبية هذه الشرو ط ما دام أن الحراك الجنوبي الذي يقوده المجلس الإنتقالي بدعم من الرأي العام الجنوبي،(المطالب بفتح حوار جاد مع التنظيمات السياسية التي تختلف معه لتقوية الجبهة الداخلية الجنوبية)يضع فك الإرتباط مع جمهورية اليمن هدفا استراتيجيا لا تراجع عنه ،فيجب التفكير في التحول من عقلية مجلس تحرري الى عقلية حكومة تضم كوادر جنوبية

لا ريب أن القانون الدولي لا يتعارض مع رغبة أهل الجنوب في الإستقلال بل يدعمه،على القيادة السياسية أن تنهج أسلوبا مقنعا و ذكيا في استعمال مقتضيات القانو ن الدولي

دكتور توفيق جزوليت
أستاذ حقوق الأنسان و القانون الدولي الإنساني
جامعة محمد الخامس