ماريا معلوف تكتب:

معركة تشيني ترامب فصول مثيرة

رغم خسارة ليز تشيني عضو مجلس النواب الأميركي عن الحزب الجمهوري، فرصة الاحتفاظ بمقعدها في الكونغرس بعد هزيمتها في ولاية وايومنغ من قبل هارييت هيغيمن التي حظيت بدعم الرئيس السابق دونالد ترامب وبغالبية المصوتين في هذه الولاية المحافظة في الانتخابات الرئاسية السابقة، إلا أن تشيني أعلنت عن إصرارها على استكمال المواجهة مع ترامب وعدم الاستسلام.

ونتيجة لذلك، أُثيرت تساؤلات عدة حول دلالات خسارة تشيني الانتخابات، ومستقبلها السياسي، ومساعيها المحتملة للحد من سيطرة ترامب على الحزب الجمهوري بناءً على تصريحاتها عقب خسارتها.

وصفت تشيني محاولة إعادة انتخابها بأنها معركة للحفاظ على مبادئ الحزب الجمهوري، مشيرة إلى أنها قبل عامين فازت في الانتخابات التمهيدية بنسبة 73 بالمئة من الأصوات، وكان بإمكانها تكرار تلك النتائج بسهولة هذه المرة؛ لكن الأمر كان سيتطلب منها دعم أقوال ترامب حول تزوير الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

وتعد تشيني، الابنة الكبرى لنائب الرئيس السابق ديك تشيني، واحدة من اثنين من الجمهوريين في لجنة التحقيق حول أحداث 6 يناير.
فمن بين أعضاء مجلس النواب الجمهوري العشرة الذين صوتوا لعزل ترامب في يناير 2021، خسر أربعة، بمن فيهم تشيني، الانتخابات الأولية، واختار أربعة التقاعد، وفاز اثنان في انتخاباتهم التمهيدية.

ومنذ تصويت تشيني لصالح إجراءات مساءلة ترامب بالكونغرس بهدف عزله، أصبحت من بين أكثر أعدائه.

يمكن اعتبار خسارة تشيني تحذيرا للجمهوريين الآخرين المناهضين لترامب الذين يفكرون في تبني نهج عداوته، إضافة إلى تبني قاعدة واسعة من الناخبين الجمهورين لأفكار ترامب بشأن سرقة الانتخابات الرئاسية الأخيرة وتزويرها.

ويضاف إلى ذلك، أن الانتخابات التمهيدية تمثل مرآة عاكسة لقوة ونفوذ الرئيس السابق في الحزب الجمهوري، فقد جاءت هزيمة تشيني الكبيرة وبفارق تخطى الـ30 نقطة ليشير لقوة ترامب في إحدى أكثر الولايات ولاء للجمهوريين.

ويعني ذلك قوة وهيمنة ترامب على حاضر ومستقبل الحزب الجمهوري، بالإضافة إلى التحول السريع للحزب الجمهوري إلى اليمين.

ويعد فوز هيغمن أكبر فوز لترامب في جولته الانتقامية ضد منتقديه داخل الحزب الجمهوري وعلى رأسهم تشيني، وعن موقفه من خسارة تشيني لمقعدها في الكونغرس، أعرب عن سعادته لخسارة العضو الجمهورية التي تقود المعارضة ضده في الحزب أمام هيغيمن المدعومة منه في الانتخابات التمهيدية، بالإضافة أنه وجه توبيخا للجنة 6 يناير، واصفا إياها بأنها "لجنة غير منتخبة من المأجورين السياسيين والبلطجية".

تزايدت التكهنات بشأن المستقبل السياسي المقبل لتشيني بعد انتهاء فترة عضويتها في الكونغرس بعد خسارتها، لكنها أوضحت أنها ستستمر في معارضة ترامب وادعائه الكاذب بسرقة انتخابات 2020 الرئاسية، مؤكدة أهمية انتشال الحزب الجمهوري من حالته السيئة الحالية وعودته إلى جذوره، بدلا من التركيز على ترامب، وهذا الأمر سيستغرق عدة دورات انتخابية.

ويبدو أن تشيني لن تستسلم بسهولة حيث أعلنت بعد هزيمتها عن تأسيس لجنة للعمل السياسي، بعد عدة ساعات من إلقائها خطاب التنازل، أنشأت تشيني منظمة جديدة هدفها الأساسي هو منع الرئيس السابق ترامب من استعادة الرئاسة، وأطلقت عليها اسم "المهمة الكبرى"، واستعارت الاسم من عبارة وردت في أشهر خطاب للرئيس السابق أبراهام لنكولن عقب انتهاء معركة غيتيسبيرغ، حين دعا الحزب الجمهوري إلى العودة إلى جذوره.

ومن المقرر أنه سيتم تمويل هذه اللجنة في البداية من الأموال المتبقية من حملتها في مجلس النواب، فقد جمعت تشيني 14 مليون دولار لسباقها في انتخابات عام 2022، وهو رقم قياسي لأي انتخابات أولية في تاريخ وايومنغ، وقد أنفقت حوالي نصف هذا المبلغ.

وجاءت الغالبية العظمى من التبرعات من خارج الولاية، ومن خلال حملة التبرعات، أقامت شبكة يمكنها الاستفادة منها في المستقبل.

وفي السياق ذاته، ذكرت إحدى مساعدات تشيني أن لجنة العمل السياسي تمثل الخطوة الأولى من عدة خطوات تالية.

في الوقت ذاته، أعلنت تشيني عن خططها السياسية المستقبلية، بما في ذلك احتمال خوضها الانتخابات الرئاسية المقبلة ضد ترامب في عام 2024، مشيرة إلى أنها ستتخذ قرارها النهائي بشأن الترشح خلال الأشهر المقبلة، وسينصب تركيزها، في الوقت الحالي، على استكمال فترتها في الكونغرس في خدمة سكان وايومنغ.

وتعهدت تشيني بالقيام بما يلزم لعدم انتخاب قطب العقارات رئيسا من جديد، وإبعاده عن البيت الأبيض، بالإضافة إلى محاولة وقف جهوده المستمرة لتفكيك النظام الديمقراطي، ومهاجمة أسس الجمهورية الأميركية.

ومن أجل تحقيق ذلك، دعت إلى تشكيل ائتلاف من الجمهوريين والديمقراطيين والمستقلين ضد أولئك الذين يُحاولون تدمير الأمة الأميركية، مُشددة على ضرورة مناشدة الجمهوريين في الضواحي مباشرة، وخاصة النساء اللواتي قد يكنّ على الحياد بشأن ألا يصبح الرئيس السابق رئيسا مجددا في المستقبل.

وفي النهاية، يُمكن القول إن المعركة بين تشيني وترامب لم تنتهِ بعد بخسارتها الانتخابات التمهيدية، ولكن ستشهد فصولا مثيرة خلال الفترة المقبلة.

ففي أعقاب إعلان نتائج الانتخابات، استخدمت تشيني خطاب التنازل لمقارنة نفسها بالرئيس السابق أبراهام لنكولن، مشيرة إلى أن هذا البطل العظيم هُزم في انتخابات مجلسي الشيوخ والنواب قبل أن يفوز بأهم انتخابات على الإطلاق، لافتة إلى أن مستقبلها في السياسة قد لا ينتهي بعد.