حركة مجاهدي خلق تكتب:
إيران... قشة الحوار وصرخة الوحدة الوطنية
انتفضت المدن الايرانية خلال الايام الماضية، بمناسبة اربعينية شهداء جمعة زاهدان الدموية، مرددة هتاف “من زاهدان إلى طهران، أضحي بحياتي من أجل إيران” الذي رُفع أول مرة من بلوشستان.
جاءت الفعاليات التي جرت في طهران وتبريز ومشهد وسنندج وكرمنشاه وسقز وبانه وبوكان ورشت وخاش والمدن الاخرى تكريمًا وطنيًا وقوميًا للمنتفضين البلوش وأبنائهم الذين قدموا أكبر عدد من الشهداء خلال الانتفاضة الشعبية، في جمعتي زاهدان وخاش الدمويتين، وتظاهرات اخرى ضد نظام ولاية الفقيه.
اكدت فعاليات الاربعينية على الوحدة الوطنية والتضامن بين جميع المكونات العرقية والقومية والدينية للشعب الإيراني، لتساهم في ابطال مساعي نظام الملالي لتصنيف الجماعات الإثنية الإيرانية المختلفة على أنها انفصالية، وتثبت مرة أخرى أن استبداد سلطة ولاية الفقيه وسياسة القمع والتمييز والقتل العامل الرئيسي للانقسام .
واستعصت علاقات القوميات وتصطدم سياسات الملالي اليوم مع اعماق وجذور الروابط الانسانية المستندة الى تاريخ وثقافة مشتركة، وقيم الحرية والمساواة، وهي اسس وضوابط أقوى وأكبر من أن يستطيع خميني وخامنئي المساس بها.
يتردد من حين لآخر حديث حول الوحدة والتضامن، لكن الاصداء الوطنية والقومية التي اوجدتها الصرخة التي انطلقت من بلوشستان وزاهدان علامة فارقة في التاكيد على عمق العلاقة بين الايرانيين.
تعيد هذه العلامة الى الاذهان ما قاله قائد المقاومة مسعود رجوي عن “الشهداء والمضطهدون في سيستان وبلوشستان” حين اشار في 4 نوفمبر الى الثمن الذي دفعوه بدمائهم خلال الانتفاضة، والذي يعد الاعلى في كل إيران.
يدفع الايرانيون ثمن الوحدة الوطنية والتضامن من دمائمهم، كما يدفعون اثمان بقية القيم السامية، وفي مقدمتها الحرية، ويأتي الحضور المؤثر للبلوش ومظلوميتهم في المشهد، وانتصار كافة القوميات لحقوقهم، مؤشرا اضافيا على الروح الايرانية التواقة الى الاطاحة بنظام الملالي وبناء المستقبل على اسس جديدة.
والقى الايرانيون قفازاتهم في وجه دعوات نظام الملالي المخادعة للحوار، مع نزول البلوش الى الميدان مجددا، في اجواء التضامن الوطني، تاركين الباب مفتوحا امام العودة لمواجهات يومي 30 سبتمبر في زاهدان، و 4 نوفمبر في خاش.
شكل التحرك الجديد للبلوش يوم الجمعة صفعة لنظام خامنئي، وعلامة فارقة في الانتفاضة الشعبية، وفرض على النظام اتخاذ اجراءات وتدابير واسعة للحيلولة دون وقوع حراك ثوري، من قبيل اطلاق الوعود الفارغة والتهديد والوعيد واستعراض المخالب وتكشرالانياب.
كان ابرز الاجراءات التي اتخذها الملالي إرسال موكب مسلح مكون من ألف مركبة تحمل قوات قمعية إلى بلوشستان، لكن المقاومين البلوش تجاهلوا هذه التهديدات وتدفقوا إلى شوارع زاهدان وخاش وسراوان وإيرانشهر وجابهار التي تحولت الى ميادين غضب، أطلِق فيها الرصاص والغاز المسيل للدموع، وترددت شعارات “الموت لخامنئي”، “اللعنة على خميني” و “من زاهدان إلى طهران ، روحي فداء إيران” وتدفقت حشود كبيرة من المواطنين إلى الميادين في مختلف مدن البلاد من طهران إلى سنندج ومن دزفول إلى خرم آباد تكريما لشهداء الانتفاضة، مطلقة هتافات “الموت لخامنئي” و”سأقتل من قتل اخي” تأكيدا على التضامن الوطني مع المواطنين البلوش.
قدمت الرئيسة المنتخبة من المقاومة الايرانية مريم رجوي قراءة واضحة للمشهد في رسالتها الخاصة بهذه المناسبة، بقولها ان مجزرة الإبادة الجماعية في 30 سبتمبر 2022 و 4 نوفمبر 2022 ضاعفت من إرادة الشعب للإطاحة بالفاشية الدينية وإرساء الديمقراطية وحكم الشعب، الامر الذي تؤكده مسارات الاحداث يوما بعد يوم.
لم تعد اتهامات النزعة الانفصالية والتكفير الموجهة للمواطنين البلوش مجدية في تبرير القمع والقتل، حيث اثبتت الانتفاضة وحدة جميع الإيرانيين من كافة الاعراق والاديان حول مطلب الحرية، والاصرار على الإطاحة بالاستبداد الديني الحاكم.
ووجه الشعب الايراني، من بلوشستان الى كردستان، ومن طهران الى خوزستان رسالة للنظام مفادها انه لا قول لديه سوى الإطاحة بالنظام واسقاط مبدأ ولاية الفقيه، ليفشل حيل الملالي، ويكسر قشة دعوات الحوار، التي يحاولون التعلق بها خشية الغرق.
يجدد مسار الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها البلاد التاكيد على استحالة السيطرة على الانتفاضة، وحسم الايرانيين خيارهم باتجاه الاستمرار فيها، مما يكشف عن اسباب و دلالات إستعراض قادة الفاشية الدينية الحاكمة لمخالبهم وتكشيرهم عن انيابهم، ويفسر رعبهم وعجزهم عن ادارة الازمات المتفاقمة التي يواجهونها.