افتتاحية حركة مجاهدي خلق:
إیران… الثورة في طور التکوین
شاركت في انتفاضة الشعب الإيراني نحو 282 مدينة، في جميع المحافظات ال 31، ومعظم الجامعات والمدارس الثانوية الرئيسية. وسرعان ما تحولت الاحتجاجات، إلى دعوة على مستوى البلاد لتغيير النظام والثورة الديمقراطية.
ويقدر عدد الشهداء بأكثر من 700 شخصا، من بينهم أكثر من 70 طفلا. عدد الاعتقالات المقدرة يتجاوز 30,000 شخص .
رسالة المتظاهرين موحدة في جميع أنحاء إيران وتركز على الإطاحة بالنظام. الشعار الرئيسي هو “الموت للديكتاتور، الموت لخامنئي”، في إشارة إلى المرشد الأعلى للنظام. بينما ترفض حكم الحزب الواحد مثل عهد الشاه السابق، كما هو ظاهر في هتاف “الموت للظالم، سواء كان الشاه أو المرشد [خامنئي] “.
لعبت النساء دورا قياديا في الانتفاضة. لكن هدف هذه الثورة يتجاوز الحجاب القسري. وتردد النساء في تظاهراتهن “”محجّبات أو سافرات، إلى الأمام نحو الثورة”.
الانتفاضة ليست بلا قيادة. تتجلى القيادة في شعارات وتكتيكات المتظاهرين، وفي صمودهم الشجاع والشرس في وجه القوة الغاشمة. التنظيم والقيادة متأصلان في مطالب المتظاهرين ومثابرتهم واستمرارية انتفاضتهم.
نشرت وحدات مقاومة مجاهدي خلق لمدة ست سنوات ثقافة التحدي في مواجهة الديكتاتورية الدينية من خلال إحراق رموز النظام والملصقات والتماثيل ومراكز الحرس والباسيج ورفع شعار السعي لتغيير النظام.
الآن تساعد شبكة وحدات مقاومة مجاهدي خلق في توجيه الاحتجاجات وتنظيم الشباب والنشاط لاستمرار الانتفاضة وتوسيع نطاقها.
وتلاحمت في هذه الانتفاضة جميع مكونات الشعب الإيراني من الكرد والفرس والعرب والبلوش والأذريين واللور وغيرهم من القوميات المضطهدة من الشيعة والسنة لرفع شعار واحد وهو إسقاط نظام الملالي المعادي للبشر واللاإسلامي.
وفي المقابل، يحاول خامنئي تعزيز معنويات قواته وخلق أجواء الخوف بين الشباب حيث أعدم لحد الآن اثنين من المعتقلين خلال الانتفاضة مما زاد من نار غضب الشعب وكراهية المواطنين.
غير أن هذه المحاولات مهما زادت لم يعد توازن القوى إلى ما كان عليه من قبل. وهذا ما تعترف به سلطات النظام بأنه لم يعد للنظام حل سياسي واجتماعي لإيران ووصلوا إلى نهاية الخط. وستنتهي هذه الانتفاضة إلى إسقاط النظام الفاشي الديني الحاكم في إيران لا محالة.
النظام لا يسقط بالطرق السلمية، طريق إسقاطه هو زيادة هجمات الشباب النارية وتوسيع شبكة المقاومة. ولهذا السبب يحذر خامنئي ورئيسي وقادة قوات الحرس من دور وحدات المقاومة التابعة لمجاهدي خلق في الانتفاضة.
قمع النظام خلال العقود الأربعة الشعب الإيراني باستغلال سياسة المهادنة والتنازلات التي قدمها الغرب له ووصع نطاق عدوانه في دول المنطقة. ولكن الآن تعرضت سياسة المهادنة والاسترضاء لضربة قوية حيث بات النظام في عزلة على الصعيد الدولي ويزداد يوما بعد يوم.
ومن أجل إرساء ركائز إيران حرة وديمقراطية تعيش في سلام وصداقة مع شعوب المنطقة وتساهم في التقدم والتطور، يستدعي الوضع الحالي دعم انتفاضة الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية.
ان المقاومة الإيرانية تنشط على نطاق واسع في أووربا والولايات المتحدة ليقوم المجتمع الدولي بالاعتراف بحق الشعب الإيراني في النضال ضد النظام ومقاومة هذا الوحش الشيطاني لإسقاطه وإغلاق سفارات النظام ووقف المفاوضات وتقديم التنازلات له.
تبقى الاعترافات سيدة الموقف، حين يتحدث الباحثون الاجتماعيون، المقربون من نظام الملالي في ايران، عن اسباب الانتفاضة الشعبية التي تقترب من نهايات شهرها الرابع، ودلالاتها في المشهد الايراني.
في هذا السياق نقلت صحيفة “فرهيختكان” التابعة لـ علي أكبر ولايتي المستشار المقرب لخامنئي، عن احد باحثي النظام اشارته الى صدوع متقاطعة ومتوازية تؤدي الى اندلاع الانتفاضات، ورغم تعويمه للاسباب الحقيقية التي تقف وراء الاحداث، من خلال التفافه على القاسم المشترك، اكد على حالة الغليان التي يعيشها المجتمع، والتي من شأنها ان تؤدي الى حدوث الانفجارات.
ولا شك في ان القاسم المشترك الذي تم الالتفاف عليه في التحليل هو التخلص من النظام الدكتاتوري، الذي تلتقي طبقات وشرائح المجتمع الإيراني من كافة الاعراق والديانات على انهاء حكمه، باعتبار هذه الخطوة شرط تلبية مطلب الحرية والديمقراطية.
عبر الايرانيون عن عزمهم على اسقاط دكتاتورية الملالي باعتباره طريق الخلاص من الفقر والفساد والغلاء، واثبتت الاشهر الماضية رسوخ ارادتهم في معركة شجاعة وغير متكافئة أبهرت العالم، قدموا فيها ما يقرب من 800 شهيد و 30 ألف معتقل يتعرضون للتعذيب والإعدام.
وكما هي العادة خلال اربعة عقود مضت، ردت ولاية الفقيه على الارادة الوطنية بالقمع و المجازر والاعدامات، ليثبت مجددا عدم امتلاك نظام العصور الوسطى مفاتيح حلول الازمات المتراكمة.
حذر خامنئي، الذي كان على دراية بظروف المجتمع المتفجرة اركان نظامه في حزيران 2016 من وجود الصدوع قائلا “إذا تم تفعيل هذه الصدوع سيكون هناك زلزال” ثم عيّن جزار عام 1988 رئيسا للبلاد، لمواجهة الزلزال المتوقع، وقوبلت اجراءاته بمقاومة منظمة في الميدان، ادركت الظروف المتفجرة للمجتمع الإيراني، وأعدت العدة بتشكيل وحدات المقاومة.
كان التجاوب مع المقاومة واسعا من جيل الشباب الذين استلهموا الدروس من نضال ومقاومة مجاهدي خلق خلال العقود الأربعة الماضية، واشعلوا النار في مراكز القمع، ومظاهر سيادة النظام، وعاقبوا عناصر القمع.
من خلال ملاحمهم في خراسان، سيستان، بلوشستان، كردستان، لرستان، بارانكرد، يظهر الشباب جاهزيتهم واستعدادهم لدفع ثمن معركة الحرية مهما كان كبيرا وداميا، يحاول النظام التظاهر بالسيطرة على الوضع من خلال الإعلان عن اكتشاف وتدمير منظمات شبابية ثورية أو أسلحة وذخائر مهربة، ثم يضطر للاعتراف بأن ما يتم اكتشافه لا يتعدى النسبة الصغيرة مما يحدث تحت جلد المجتمع.
رد الايرانيون على قمع الملالي، خلال الاشهر الماضية من انتفاضتهم، بناء على فهم “النار هي الرد على النار” وما زال الشبان الذين حددوا عدوهم وصانع ازماتهم يلتحقون بالمعركة، طارقين بوابات الخلاص بقوة الواثق من النصر.