افتتاحية حركة مجاهدي خلق:
إيران... الهيبة المشروخة
اخفق اتباع الولي الفقيه في اعطائه جرعة قوة ترمم هيبته، ورفع معنويات اجهزته القمعية، بتنظيم تجمع 30 ديسمبر، الذي جاء بعد اسبوع من التحشيد، جاب خلاله الوكلاء والقادة مدن البلاد، وضخت وسائل الاعلام اقصى جهودها لانجاحه.
اظهرت كلمات المتحدثين في الميادين التي جرى تجميع عناصر النظام فيها مدى التناقضات والمخاوف التي يعيشها حكم الولي الفقيه والقضايا التي تشغله في الوقت الذي تقترب الانتفاضة الشعبية من انهاء شهرها الرابع.
خلال كلمته في مدينة مشهد، شبه ممثل خامنئي في قوات الحرس الملا حاجي صادقي تاييد انصار الولي الفقيه بوقفة أصحاب الإمام الحسين ليلة عاشوراء، وحذر جيل الشباب والمراهقين من “استهدافات العدو” وطالبهم بان يكونوا جنودا لولاية الفقيه، مما يظهر محاولة تعويض التشوهات التي لحقت بصورة المرشد الاعلى وانكشاف النظام امام الاجيال الشابة، التي تعد القوى المحركة لعملية التغيير في البلاد.
في كلمة القاها امام مجموعة من قوات الحرس، شارك المتحدث باسم الحرس شريف رمضان في محور الخطب المتمثل بالتحريض على مجاهدي خلق، بدء من معزوفة “النصب التذكاري لـ 17000 شخص قتلوا على يد المجاهدين” ومرورا بتقديم الرئيسة المنتخبة من المقاومة مريم رجوي رئيسة لايران خلال المؤتمرات البرلمانية والسياسية التي عقدت في عدد من عواصم الدول الديمقراطية، واكد في كلمة أخرى ألقاها في مدينة قزوين مسؤولية المجاهدين عن الاحداث التي تشهدها البلاد، لينتهي بالتحذير من “ضجيج اعلام العدو” والتاكيد على قوة النظام، ليظهر بذلك حجم المخاوف من دور مجاهدي خلق في الاحداث، والانزعاج من حضور رجوي في المشهد الاقليمي والدولي، وتدني معنويات انصار النظام.
يقود مضمون الكلمات التي القيت في يوم التحشيد للنظام الى القيام بجردة حساب سريعة لمنجزات الانتفاضة على مدى اكثر من مئة يوم مضى، والتي يتمثل بعضها في حالة الانهيار التي وصلت اليها قوات النظام، الامر الذي عبر عنه مستشار قائد قوات الحرس حميد اباذري قبل ايام، لدى مخاطبته خواص النظام، اضافة الى انهيار هيبة خامنئي ـ عمود خيمة النظام ـ تحت أمواج هتافات “الموت لخامنئي” التي تتردد يوميا في مدن البلاد.
أحدثت انتفاضة الشعب الإيراني، التي تقترب من اكمال شهرها الرابع تغييرات عميقة في المجتمع الإيراني والنظام الحاكم والمعادلات الدولية، لتعيق نجاح اية محاولة لاعادة مياه الملالي الى مجاريها، وتحول مساعيهم لاستعادة هيبة الولي الفقيه الى فرص لاظهار الشروخ التي لحقت بصورته امام الايرانيين.
تحول “خواص” الملالي الى مادة للسخرية في اوساط خامنئي، مع تلكؤهم في الاستجابة لطلباته المتكررة، وتهربهم من الانجرار للمساهمة في قمع الولي الفقيه للانتفاضة الشعبية، التي تقترب من اكمال شهرها الرابع.
خاطب حميد اباذري مستشار ابراهيم رئيسي لقوات الحرس والنائب السابق لرئيس جامعة الإمام الحسين “الخواص” وكبار المسؤولين “المنهارين” في النظام قائلا “سيدي أنت تحمل العديد من الألقاب، بيتك مزدحم دائما، لماذا لا تتحدث، الا ترى ما يفعلونه بهذا النظام، ماذا يقولون للسيد خامنئي، كيف يتم التعامل مع هذا المجتمع، والإهانات الموجهة، قف وتكلم، أكلت خبز الثورة، وتصمت الآن، حين جاء الوقت للدفاع عنها” مبديا عتبه على الذين كانوا من مسؤولي الدرجة الاولى قبل انهيارهم.
وكان اباذري واضحا في تشاؤمه وشكوكه حين قال “أنا قائد في الحرس، لا أعرف ماذا سيحدث غدا، بعد ان رأيت بأم أعيني تساقط القادة العظماء، وتخاذل قادتي الذين اصيبوا في الحرب، بوقفوهم في وجه سيدهم ، ونظامهم”.
ينطوي هجوم اباذري على ابعاد عديدة، علاوة على الاشارة الى مستويات المنهارين، هناك تاكيدات على وقوفهم ضد القيم وخامنئي والنظام، في اشارة واضحة لنشرهم بيانات ورسائل، وتصريحاتهم وخطاباتهم الناقدة لادارة ازمة النظام المتفاقمة.
تظهر هذه الابعاد مدى إضعاف راس النظام الذي خاطب خواص نظامه في بداية الانتفاضة قائلا “افهموا إذا كنتم لا تفهمون، وإذا فهمتم اعلنوا عن موقفكم” لكن “الخواص” الخائفين على مصير حكم ولاية الفقيه الهالك لامحالة، اكتفوا ببعض المديح والإطراء على خامنئي وخميني مستخدمين مصطلحات “إمام وقائد” مع التأكيد على ضرورة “حفظ النظام” واستنكار “الفوضى والشغب” و”المؤامرة”، واستمروا في ابداء التذمر والخوف والقلق من الوضع الخطير الذي يهدد سفينة الحكم بالغرق، والاشارة الى أخطاء خامنئي.
وتوحي المؤشرات بزيادة النزيف الداخلي للنظام كل يوم، مع استمرار الانتفاضة ، مما يعزز القناعة باستحالة عودة الاوضاع الى ما كانت عليه ـ حسب تاكيدات اباذري ـ الذي دعا الى الاستعداد لمواجهة فتن اكبر.
تعيد امواج بحر الانتفاضة الى الاذهان الرؤية التي عبر عنها قائد المقاومة مسعود رجوي في وقت سابق، حين اشار الى طريق الملالي المليء بالتشققات والانهيارات، والذي ينتهي الى مصير الشاه ودكتاتوريته، في المرحلة الاخيرة من مراحل نظامه، حين عجزت الدبابات والرشاشات عن حمايته، وبذلك لن تكون مناشدات خامنئي وسخرية اباذري غير لعب في الوقت الضائع.