وضاح الهنبلي يكتب لـ(اليوم الثامن):

العلاقة بين المملكة العربية السعودية والجنوب

واشنطن

السعودية الحامي الأمين للجنوب من صنعاء وعصاباتها ، وحديثي هذا من قرأءة لعدة أبعاد تاريخية وسياسية وإستراتيجية ، أسردها لكم بقالب مختصر حتى أصل بكم إلى ما وصلت له من نتيجة أن الجنوب بعيون السعودية .
أولاً تاريخ العلاقات والصراعات بين الرياض وصنعاء والرياض وعدن .
ما بين الجنوب والسعودية لم تحدث إلا معركة واحدة  عبر التاريخ ، وهي معركة الوديعة في نوفمبر ١٩٦٩ وهي معركة بسبب خلاف على حدود كل دولة ، وهذا أمر حدث بين جميع الدول بالعالم عند تأسيسها ، واستمرت المعركة اسبوع وانتهت بـ ٣٩ شهيدا سعوديا وحوالي الـ70 شهيدا من الجنوب.
وما دون معركة الوديعة كان هناك صراعا سياسيا وخلافا فكريا، ليس بين الجنوب والمملكة فقط بل بين كل دول المعسكر الشرقي الاشتراكي والمعسكر الغربي الرأسمالي كنتيجة للحرب الباردة .
اما الحروب والصراعات بين السعودية واليمن فهي مستدامة منذ تأسيس المملكة حتى يومنا هذا انتصرت المملكة بكل تلك المعارك .
حرب ١٩٣٤ في جيزان ونجران بعد محاولة الإمام يحى إحتلال نجران وانقلاب الأدارسة اندلعت الحرب تمكن الملك عبدالعزيز من سحق قوات الأمام بقيادة الملك فيصل آنذاك واحتل الحديدة وحجة وانتهت بإتفاق الطائف ورسمت الحدود بعدها .
الحرب الملكية الجمهورية ١٩٦٢ عندما دفع عبدالناصر بالقوميين لإسقاط صنعاء وحصار المملكة بالقوميين وانتهت بإتفاق حرض فرضت المملكة أجندتها.
عودة القوميين في بقيادة الحمدي والانقلاب على اتفاق حرض وكان له توجه بالذهاب للاشتراكية بقيادة العسكر ، وكان الهدف المملكة ولكن تمكنت منه القوى القبلية والعسكرية قبل استكمال مشروعه اليساري .
حرب الخليج وشعارات " بالكيماوي يا صدام " واتفاق علي عبدالله صالح مع صدام لاحتلال الكويت والمملكة .
قيام نظام عفاش بتسعينات القرن الماضي بدعم التنظيمات الارهابية اليمنية والسعودية وتسهيل تحركاتها وتسليحها ، تحت علم مخابرات عفاش لضرب أمن المملكة .
دعم حزب الإصلاح " أخوان اليمن " في تسعينات القرن الماضي للمعارضة السعودية من السرورية والأخوان ، ونقل بعضهم لأوروبا كالمسعري وفقيه .
أندماج أخوان اليمن وبقايا السرورية بالمملكة وبالتعامل مع تركيا وقطر في ثورات الربيع العربي بعد إسقاط الانظمة العربية ، وكان توجههم بأتجاه المملكة لإنشاء دولة خلافتهم .
٢٠١٤ وحرب الحوثيين والمستمرة حتى الآن حيث أصبحوا الأداة الايرانية المستخدمة لضرب السعودية في ظل الصراع الإقليمي.

ثانياً : واقع وتوجهات المملكة وارتباطها بصنعاء وعدن من خلال التسلسل التاريخي الذي ذكرته سابقاً .
المملكة لا تثق بصنعاء قولاً واحداً ولن تثق بها مستقبلاً ، وذلك يعود للتجربة المريرة مع صنعاء بكل أنظمتها الأمامية والمؤتمرية والإخوانية والقبلية والدينية والعسكرية ، فجميعها نكث العهود والمواثيق وتحالف مع اعداء المملكة لضربها وإسقاط نظامها ، لذلك ومن أجل أمن المملكة القومي والاستراتيجي والذي يمكنها من تنفيذ رؤية ولي العهد وتنمية واستقرار مستدام تحتاج إلى جوار آمن ، وكي تصل المملكة لذلك تحتاج إلى بتر اي نفوذ يعزز ويعظم من مخالب صنعاء ، مما يدفعها لتمرد ومعادة المملكة .
هنالك سؤال يطرح لعقود لماذا ترفض المملكة وحدة اليمن ؟
يردد اليمنيون " أن المملكة تكره اليمن ولها مطامع ، وتريد تمزيق وإحتلال اليمن " حتى أصبح هذا الصوت يُسمع بالجنوب عند بعض العقول المتأثرة بالوعي اليمني الذي صُدر للجنوب .
الحقيقة ليست كما يصدرها الأشقاء باليمن ، ليبرروا لأنفسهم أحتلال الجنوب بإيجاد أعداء ومخاطر ، والحقيقة فعلاً المملكة ترفض الوحدة اليمنية وعلى مدى التاريخ ، والشواهد كثيرة على ذلك وهنا سأذكر بعض تلك الشواهد وأطرح لكم مبرراتها الواقعية .
أهم تلك الشواهد :
* قبل التوقيع على الوحدة ١٩٩٠ أنطلق وزير خارجية المملكة المرحوم الأمير سعود الفيصل من الرياض إلى عدن ، لينصح البيض ويحدثه عن مغبة الذهاب للوحدة ، وأخبره إنه من الممكن تغيير النظام بعد سقوط الإتحاد السوفيتي ، وأن الجنوب مقبل على نهضة حيث كان من المقرر تصدير النفط نهاية العام ١٩٩٠ بكميات كبيرة ، وعرض عليه دعم المملكة بكل النواحي حتى لا تتم الوحدة .
* في حرب صيف ١٩٩٤ دعمت المملكة الجيش الجنوبي بالأموال والسلاح ، و وصلت لميناء عدن سفن تحمل أنواع السلاح والذخائر وحتى طائرات الميج 29 وبقيت جديدة بمطار عدن ، وعقدت المملكة قمة أبها لدول مجلس التعاون تندد بأحتلال الجنوب ودخول عدن وفرض الوحدة بالقوة وكل ذلك حتى تنتهي الوحدة .
* خطاب ولي العهد السعودي في ٢٠١٥ بعد سقوط صنعاء والشمال بالكامل بيد الحوثيين والمؤتمرين لأحمد عفاش ، عندما ذهب للرياض لتسوية الأمور مع القيادة السعودية ، وتم طرده وقال له بالحرف الواحد " عدن خط أحمر " ، وهذا يعني إقفال ملف الجنوب او العودة للوحدة من جديد مهما كان الثمن ، ونفذ ما قاله بن سلمان وانطلقت عاصفة الحزم وتحرر الجنوب .
ومن خلال هذه الحقائق التي سردتها لكم ، فأن مبررات رفض المملكة للوحدة ليس كرهاً ولا أطماعاً ، وإنما لحماية أمنها القومي والاستراتيجي من تقلبات وخيانات العربية اليمنية ، وأن الجنوب صاحب المساحة الجغرافية الأعظم والسكان الأقل والموارد النفطية والغازية والمعدنية والبحار المفتوحة على المحيطات وخطوط التجارة الدولية والموانئ المميزة والممرات البحرية ، كل تلك الثروات هي مخالب للقوى في صنعاء ، وفي حال تمكنت قوى صنعاء منها تكبر مخالبها وأنيابها ، وتعود مرة أخرى للتحالف مع أعداء المملكة ومحاربتها ، وهذا ما قام به عفاش بعد الوحدة مباشرة تحالف مع صدام ، وكذلك الأخوان الملسمين تحالفوا مع تركيا وقطر ، ثم الحوثيين تحالفوا مع إيران وكل ذلك لضرب المملكة بعد سيطرتهم على الجنوب .
خلاصة القول صنعاء لا تؤتمن مهما وقعت من معاهدات ومواثيق ، لذلك يجب تعميد تلك المواثيق ببقاء العربية اليمنية تحت حاجة المملكة ودعمها اقتصادياً وتنموياً وإداريًا ، ولن يتم ذلك إلا بقطع إيادي قوى صنعاء من الجنوب للأبد واستعادة الدولة الجنوبية ، حتى تبقى العربية اليمنية محصورة بين دولة الجنوب والمملكة والبحر ، حينها ستذعن قوى صنعاء السياسية والقبلية والعسكرية والدينية ، ولن تتعاظم مخالبها وأنيابها مرة أخرى وولن تخلف بالمعاهدات مع المملكة والجنوب .
لذلك ثقوا بالسعودية وقيادتها بأنهم أحرص من الجنوبيين على أستعادة الدولة الجنوبية ليس حباً أو تعاطفاً وإنما لارتباط أمانها القومي والاستراتيجي بعودة دولة الجنوب .