افتتاحية حركة مجاهدي خلق:
إيران... موازنة الثقب الاسود
يرجح خبراء الاقتصاد ووسائل الاعلام في ايران زيادة التضخم، ارتفاع اسعار المواد الاساسية، تفاقم ظاهرة الفقر، وتقليص حجم المائدة، على ضوء مشروع قانون موازنة الثقب الاسود الذي تقدم به ابراهيم رئيسي لمجلس الشورى، مما يبقي على دوافع الشارع الايراني للتغيير.
وصفت صحيفة “رسالت” الحكومية ميزانية عام 1402 بأنها “انكماش للشعب وتوسع للحكومة”، جاء في صحيفة ابتكار الرسمية انه سيتم ” رفع الأجور بنسبة 20٪ على الأكثر” لكن الموائد ستكون أصغر بنسبة 30٪، يحتسب تقرير الصحيفة ذلك على أساس معدل تضخم بنسبة 40٪ في الوقت الذي وصل المعدل حسب مركز الاحصاءات الرسمي إلى 70٪ بالنسبة للمواد الغذائية، وتعود اسباب التضخم المتزايد، والارتفاعات المتلاحقة على الاسعار، ومن ثم تفاقم الفقر إلى أن نفقات الحكومة في الموازنة حقيقية، لكن الإيرادات غير حقيقية ووهمية.
جمعت حكومة رئيسي الكثير من الأموال من خلال الضرائب البالغة زيادتها 60٪ قياسا بالعام السابق، ولا يرى خبراء الاقتصاد الحكوميون ان توفير هذه الضريبة يتم من خلال منع التهرب الضريبي، بل بالضغط على وحدات الإنتاج والمجتمع، مما يؤدي الى تدمير الإنتاج وزيادة اعداد جيش ضخم من العاطلين عن العمل، تكفي زيارة المدن الصناعية المحيطة بطهران، لفهم عمق الأزمة، ومعرفة كيفية إغلاق الوحدات الصناعية أو بيعها.
يكمن السبب الرئيسي للفقر في الفارق الهائل بين “النفقات الحقيقية” و “الإيرادات الوهمية”، فهو الثقب الأسود في الموازنة، حيث يبلغ العجز 500 ألف مليار تومان، ويمكن أن يزيد إلى ضعف هذا الرقم، حسب عضو البرلمان ميرتاج الديني.
بامكان هذا الثقب ابتلاع كل القوة الاقتصادية للمجتمع، وجر طبقاته وفئاته خطوة تلو الاخرى نحو قاع دوامة الفقر والعدم، فيما تلجأ الحكومة إلى الاقتراض من البنك المركزي أو طباعة النقود لتمويل نفقاتها.
بلا قيود تطبع حكومة رئيسي الأموال لتسديد مدفوعاتها، مما يؤدي الى استمرار انخفاض قيمة العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية، حيث وصل سعر صرف الدولار، الذي كان يساوي 26000 تومان عندما تولى رئيسي منصبه إلى 45000 تومان، وانخفضت القوة الشرائية للتومان بنسبة 73٪، بما يساوي معدل التضخم الحقيقي.
تحدد مؤشرات الموازنة مسارات الاوضاع السياسية في البلاد خلال المرحلة المقبلة، فمن المفترض زيادة أجور العمال والأجراء بنسبة 20٪، لكن الواقع يتجه نحو انخفاض قوتهم الشرائية بأكثر من 50٪، وتقلص موائدهم المتواضعة بنفس المقدار، الامر الذي يدركه المحرومون في ايران رغم الارقام التي يوردها رئيسي في مشروع الموازنة، ويحاول تسويقها في خطاباته، وفي ذلك استمرار لدافع الخروج الى الشارع والمشاركة في التغيير.
يتم احتساب القاعدة الرئيسية لدخل الحكومة، الذي يعود إلى بيع النفط، على أساس 85 دولارًا للبرميل وبيع أكثر من مليون برميل يوميًا؛ فيما يبلغ سعر النفط حوالي 70 دولارًا ويضطر النظام إلى بيعه بسعر أقل بسبب العقوبات، ولنفس الاسباب وحظر مجموعة العمل المالي، من غير الواضح تمكن النظام من الحصول على المال من بيع النفط.
عقد مؤتمر واشنطن بعنوان “انتفاضة إيران في الشهر الرابع، آفاق وخيارات سياسية صحيحة”، والمسيرة المجيدة للإيرانيين الذين اجتاحوا شوارع العاصمة الأمريكية بعد هذا المؤتمر، فجرت قنبلة رعب في النظام الفاشي الديني المتخلف الحاكم في إيران .. وزعزعت أركان دكتاتورية ولاية الفقيه في خضم انتفاضة وطنية.
بعد عدة تقارير مليئة بالخوف والتأوه في وكالات الأنباء الحكومية حول مؤتمر واشنطن، سأل صحفي تابع للنظام، وزير خارجية النظام أمير عبد اللهيان في مؤتمر صحفي أنه بعد هذا المؤتمر وكلمات بومبيو عن مريم رجوي وجمهورية إيران المستقبلية، هل هناك مبرر لمفاوضات خطة العمل الشاملة المشتركة ؟! وصف وزير خارجية حكومة إبراهيم رئيسي الجلاد، الذي فقد صوابه، بغضب بومبيو ومجاهدي خلق بأنهم “منتهية الصلاحية” وغادر المؤتمر الصحفي بسرعة (تلفزيون النظام 19 ديسمبر).
في الوقت نفسه، انفجرت مشاعر الحقد والبغضاء لدى الولي الفقيه لتنعكس على قنوات تلفزيونية مختلفة للنظام، وأصبحت الواحدة تلو الأخرى مسرحًا لصيحات الرعب من المخابرات وفيلق القدس الإرهابي.
وقالت قناة جام جم في تقريرها: “قال وزير التجارة الأمريكي الأسبق، يجب أن أقول إنه لشرف وميزة خاصة أن أتابع خطط مريم رجوي. وقد أيد أكثر من 250 ديموقراطيًا وجمهوريا في الكونجرس الأمريكي خطط رجوي من قبل. وتقول ليندا (تشافيز)، المديرة السابقة للعلاقات العامة في البيت الأبيض، بطريقة مختلفة: إن مريم رجوي تقود هذه الحركة منذ فترة طويلة”.
وتعالت أصوات القناة الثانية التابعة للنظام لتعبر عن هلعها ورعبها قائلة “وزير الخارجية السابق ووزير التجارة الأمريكي الأسبق زعما دون الإشارة إلى دور مجاهدي خلق في اغتيال 17 ألف شخص منا، بأنه سيتم تشكيل مجتمع حر وديمقراطي في إيران بانتخاب مريم رجوي كرئيس للبلاد “.
في عدة تقارير بثتها قناة خبر النظام، أجرت مقابلة مع عنصر المخابرات (جواد هاشمي نجاد)، في نظام الملالي والجلادين في مشهد في ثمانينات القرن الماضي، وسألته: “أنت مسؤول عن جمعية تسعى لمطاردة مجاهدي خلق قضائيا لاغتيال 17 ألف شخص. باعتقادك ما هي الرسالة التي تحملها في قول المسؤولين الأمريكيين السابقين بأن (زعيمة مجاهدي خلق) ستصبح رئيسًا لإيران؟ أجاب عنصر المخابرات: “هذا يظهر بوضوح أن الحريات التي يقول الأمريكيون إنها بوابة على الإرهاب” و “الآن أنت أكدت أنه في نفس الفيلم الذي ظهر أنه صحيح أن قسمًا مهمًا من الكونجرس الأمريكي يدعم مجاهدي خلق، أي أنه يوضح مسؤولية السياسيين والأمريكيين، وبنفس الطريقة في أوروبا “.
أرسل خامنئي المصاب بالدهشة قائد فيلق القدس الإرهابي وخليفة قاسم سليماني الملعون، المدعو “قاآني” إلى الساحة، ليظهر المذكور عمق غضب الولي الفقيه المصاب بجنون البقر ضد مجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية بألفاظ نابية وإظهار محتواه القذر الخاص للحرس.
ان هستريا وهلع وكالات الأنباء ووزير خارجية النظام في أعقاب مؤتمر واشنطن والهجمات المنسقة لشبكات التلفزيون الحكومية المختلفة وقادة فيلق القدس الإرهابي – الذين هم على وجه التحديد تحت قيادة بيت خامنئي – يظهر أكثر من أي شيء آخر التوازن المضطرب للولي الفقيه وشدة وأبعاد خوف الملالي، من مجاهدي خلق ووحدات المقاومة في خضم انتفاضة تبلغ ذروة جديدة مع الغضب والنار، رغم عمليات الإعدام.