خالد سلمان يكتب:
إستدراك ما بعد العاصفة: هل تصريحات العليمي تكفي؟؟
نمت على جلبة وغضب جنوبي وصحوت على توضيح يشبه الإعتذار من قبل رئيس مجلس القيادة ، جراء إنكشاف موقفه المضمر من قضية الجنوب ، وإعتماد قانون الإزاحة معها بدفعها إلى خارج الأولويات وإحلال محلها قضايا التسويات الناشزة عن مطلب حق تقرير المصير.
بلغة العاطفة الشرقية وتقبيل اللحي ، الإعتذار مفعم بكلمات التهدئة والترضيات الكلامية ، وبلغة السياسة لم يذهب خطوة إلى أمام المطالب التي خلفها إعصار تصريحات العليمي ، من أن لا قضية جنوبية قبل تشكيل الدولة مع الحوثي، وبقي كلامه الأخير ، حديث رجل أمن يعرف متى يستدعي فرق تفكيك المفرقعات ، بعد أن وضع قدمه على لغم في توقيت سيء ، فجاء البيان ليحرر خطواته من تبعات ذلك الإنفجار.
نجح العليمي في تسكين روع الإنتقالي ، باعه سمكاً في الماء ولم يمكنه من تحقيق المطالب التي رفعها عقب الأزمة الأخيرة معه، بقي الوضع على ماهو عليه وإلغاء هذه الحالة من الإرتياب المتبادل لا يتم عن طريق العودة خطوة إلى الوراء فقط ، بل بإتخاذ تدابير مطمئنة تكرس واقع الشراكة وتعزز الرؤى التوافقية، من تلك التدابير الشروع بتشكيل الوفد التفاوضي المشترك مناصفة ، وخطوات أُخرى تعزز الثقة وتصل ما أنقطع وتعيد بناء جسور الحوار ، ومغادرة مربع المناكفات وسياسة جس النبض ، والحديث المزدوج ضد الجنوب في الغرف المغلقة والتراجع عن تلك السياسات في حال وصول الإحتقان إلى حافة الهاوية.
عدائية موقف رئيس المجلس الرئاسي من القضية الجنوبية ما قبل الإعتذار ، لها حسنة سياسية إذ رمى بحجر في بركة ركود الموقف الإنتقالي ، وشد لحمته وأخرجه من موقع التابع ووضع الأواني المستطرقة إلى الفاعل الرئيس والمبادر ، الذي يصنع موقفاً ولا يستجيب ببطء لمواقف تطاله ، وبالتالي إن إستدعت الضرورة السياسية يمكن له أن يقلب الطاولة ،متى ما شعر ان هناك تجاوزاً يصل حد التطاول على قضيته المركزية والقفز على مشروعه السياسي.
الإنتقالي عليه أن يستثمر هذا النهوض الشعبي والإلتفاف حوله ، بإستمرار ممارسة الضغط ليس من أجل التراجع عن تصريحات العليمي وقد فعل الرجل، بل لنقل هذا التراجع من الكلام المرسل إلى التدابير والمعالجات العملية ،التي تصوب المواقف وتجعل من القضية الجنوبية مدخلاً رئيساً ، لتسوية شاملة وعادلة وجامعة ومستدامة.
ما لم يتم تشكيل الوفد التفاوضي المشترك والتدابير الأُخرى المنصوص عليها في إتفاق الرياض وإجراءات نقل السلطة وغيرهما ،يبقى إعتذار رأس المجلس الرئاسي مجرد حبة سبرين ، لمغادرة صداع ردود الفعل ،دون معالجة جذر المشكلة المتمثل بالإعتراف بوجود قضيتين يجب أن تُطرح بالتساوي والتوازي على طاولة واحدة ، قضية الجنوب والقضية الثانية سموها ماشئتم.