خالد سلمان يكتب:
الحوثي والوساطة العمانية.. مشروع أكبر من الهدنة
الأحد غادر الوفد العماني صنعاء بعد زيارة لخمسة أيام كانت حصيلتها صفر تقدم، لجهة تذليل الصعاب أمام مقترحات تجديد الهدنة، هذا ما رشح عن الزيارة وما تم تخريجه للإعلام.
الحوثي لم يتزحزح في مواقفه المتصلبة خطوة واحدة إلى الأمام، وما زال في المربع الأول، إما كل شيء أو لا شيء.
الظاهر في العلن أن المبعوث العماني حمل في حقيبته تصورات محددة لم يفصح عنها، لمنح الهدنة نفساً جديداً ووصلها بفرص التجديد، إلا أن الوضع في مسرح العمليات المستقر إلى حد كبير يجعل هذا العنوان للزيارة مجرد جزئية في مشروع أكبر من الهدنة وأقرب للصفقة الشاملة، تبدأ من استدامة اللا حرب وتنتهي بتصورات ذات صلة بالحل الشامل.
الحوثي محمد عبد السلام فليته مسؤول التفاوض، لا يقدم في تصريحاته لقناة “المسيرة” باسم جماعته قدراً من المرونة المسؤولة، بل يذهب بعيداً في شطحات القوة حد تنصله من أي التزامات، ووضع جماعته في حلٍ من أي تعهدات لجهة وقف إطلاق النار.
الحقيقة أن الحوثي أخضع الإقليم ومصالح الدول الكبرى لمطالبه، من خلال فرض قواعد اشتباك جديدة تتخطى الممنوعات الدولية وخطوط العالم الحُمر، وجعل منشآت النفط والغاز والمياه الإقليمية والجُزر، تحت مظلة نيران قوته الصاروخية الضاربة، ما لم يستجب العالم لإملاءاته:
تقاسم عوائد الثروات والمنافذ الضريبية والاقتصادية، رواتب مقاتليه وفتح الموانئ والمطارات بلا رقابة مسبقة، ما يعني تدفق السلاح وتعظيم مصادر القوة لآلته العسكرية.
مرة أُخرى:
مع أن الحوثي يصِّدر زيارة الوفد العماني تحت يافطة محاولة تجديد الهدنة، إلا أن المؤشرات تشير إلى أن الجولات المكوكية للدبلوماسية العمانية، وزيارات الوفود الأمريكية الأممية الغربية الإقليمية لمسقط، تقطع أن البريد الذي تحمله السلطنة لصنعاء أكبر من مجرد الهدنة.
وأهم هذه المؤشرات أن الهدنة بقوة الأمر الواقع قائمة على الأرض دون الإعلان رسمياً عن تجديدها، وأن جبهة الحدود اليمنية السعودية في حالة تهدئة مستمرة، وأن مباحثات مباشرة تجرى بين الطرفين، وأن تفاهمات في العمق تتواصل بين طهران وصنعاء بشأن الملف اليمني.
هل الشرعية المنفية قسراً عن كل هذا الحراك الدولي الإقليمي، في صورة مباحثات الغرف المغلقة ومسودات الحلول المتداولة سراً؟
يقيناً لا.