خالد سلمان يكتب:
أزمة اليمن وسيناريوهات الاذرع الايرانية
مشروع "إكليد" الأمريكي لتحليل الأزمات، أضاء على وقائع الكل يعرفها ويتغاضى عنها أو يتعاطى معها كأمر واقع يجب التعايش معه وغير قابل لتغييره.
ذلكم هو تعاظم تدفق التكنولوجيا الإيرانية ذات الصلة بتعزيز القدرات التسليحية للحوثي، ما يفتح اليمن على أكثر من سيناريو، أضعف حلقاته الحفاظ على الوضع الراهن من تخفيض مناطق التصعيد، وأخطره توسيع نطاق استهداف مناطق تصدير النفط في شبوة وحضرموت والجوار السعودي، وأعلاها خطورة توسيع نطاق الاستهدافات لتشمل خطوط الملاحة الدولية، وضرب عصب الاقتصاد العالمي عبر الممرات المائية، وبالتالي نقل صراع اليمن من الحالة المحلية الإقليمية، إلى قضية دولية تدفعه من وضع الحرب المنسية ثانوية الاهتمام، إلى رأس جدول أعمال وأولويات الدول الكبرى.
التدرج بالمراحل الثلاث واختيار مواعيد تصعيدها تظل رهن الحسابات الإيرانية، وتداخلها مع مصالحها وملفاتها الحساسة، وفي المقدمة تسوية ملفها النووي والعقوبات وإنهاء حصار الطاقة والإقرار بمصالحها في المنطقة.
المباحثات المباشرة السعودية الإيرانية والمفاوضات السعودية الحوثية وتنشيط القناة العمانية وحوارات المبعوث الأمريكي والأممي مع الحوثي، كل هذه المسارات تتحرك لإبقاء الوضع الراهن كما هو، حالة غير نشطة ومن ثم البناء عليه تفادياً للمرحلتين الثانية والثالثة، استهداف منشآت السعودية النفطية، ونقل ثقل الصراع من تخوم الحدود البرية إلى خطوط الملاحة والتجارة الدولية.
الحوثي بتدفق السلاح النوعي بات جاهزاً لتوسيع نطاق المواجهة، ما لم يتم استيعاب مطالبه ومعه داعمه الإقليمي إيران.
هنا يمكن رصد مؤشرات هذا التحول النوعي في القوة، من خلال تهديد مصر العلني بخنق قناة السويس، والمناورات البحرية باستعراض ترسانة صواريخ الحوثي البحرية، وقبلها ضرب عدد من الناقلات التجارية السعودية وقرصنة أُخرى إماراتية، ووصول القوة الصاروخية إلى العاصمتين، وكشف المدى الجغرافي الذي تصل إليها الصواريخ المطورة وهو "إيلات" وعمق إسرائيل وطبعاً مصر والأردن وقت الضرورة، ما يضيف لاعباً آخر في مساحة الصراع "تل أبيب" وأكثر من عاصمة عربية، ما يعقد المشهد ويوسع نطاق الأطراف المعنية بملف الحرب في اليمن، لضمان أمن الجوار وما بعد الجوار.
علينا الإقرار برغم هذا الجسم السياسي الهجين، أن الحوثي يكسب المزيد من المزايا الاستراتيجية، ويراكم بين يديه أوراق الضغط والقوة، يهمش فكرة الحل اليمني- اليمني، ويضع نفسه وجهاً لوجه كندٍ لقوى الإقليم وصناع السياسات الدولية، مفاوضاً مباشراً وعلى طاولة واحدة، دون أن نغفل وجود طهران في خلفه.
طبعاً لا مجال هنا للحديث عن الشرعية وتوازن القوى، لقد تم تحييدها بالمعنى السلبي للتحييد، ورميها خارج الصورة، لم تعد لاعباً معنياً بكل ما يجري من حولها من حراك وتفاعلات، كما لم تعد طرفاً أصيلاً في مفاوضات التسوية.