نجمي عبدالمجيد يكتب لـ(اليوم الثامن):
الهدنة مع صنعاء وسياسة ترحيل الازمات
في السياسة عندما تصل الأمور الى نقاط مشتركة بين طرف واخر كانت بينهما عداوات يتم الجلوس على طاولة الحوار لتحديد مسافة لكل طرف يقف عليها كالقلعة قتالية تستعد لكل الاحتمالات.
واليوم نسمع عن هدنة مع صنعاء طويلة نوعا ماء غير انه هذه الهدنة تطرح نفسها امام عدة تساؤلات أولا: هل فشلت الشرعية في العودة الى صنعاء تانيا: الحوار مع جماعة أنصار الله يؤكد شرعيتهم في عاصمة دولة الوحدة ثالتا: بقاء الشرعية ما بين الإقامة المضربة في عدن والهروب الى الفنادق في الخارج هل يؤكد على انها قد وصلت الى مرحلة التفكك النهائي؟
وهذه الهدنة قد يرى البعض فيها مخرجا من الازمات والحروب والحل المنقذ لكل الأطراف ولكن البعض قد يرى فيها حالة أخرى من تمكين جماعة الحوثي من السيطرة النهائية على اليمن، بينما الجنوب العربي هو تحت إدارة الانتقالي.
هذا يجعلنا نسأل هل فعلا مسالة تقسيم اليمن الت ثلاث او اربع دول هو ما يجري الان وهل هذه الهدنة ضمانه اكيدة لجعل حدود السعودية بعيدة عن مرمى الصواريخ الإيرانية؟
في مناطق التوتر وصراعات الهيمنة ليس من السهل الرهان على هدنه او اتفاقية لأنه بعض الازمات ذات البعد الإقليمي والدولي والتي تحدد مساراتها قوة عظمى لها أكثر من مصلحة لا تترك لأوراقها المتصارعة من طوق نجات.
فصنعاء قد اثبتت انه الشرعية غير قادرة على اختراقها وغياب الحاضنة الشعبية لها قد جعلها مهزوزة الثقة في الشارع السياسي وكنا قد شاهدنا في السنوات الماضية كيف تسلم المعسكرات ومختلف أنواع الأسلحة من قبل ضباط وجنود الشرعية لجماعة الحوثي بل هناك من حولها الى مكسب وتجارة، طالما دول التحالف تدفع الأموال.
وربما يرى البعض في هذه الهدنة مع صنعاء عملية لتهدئه الأمور وحقن الدماء، وهناك من يرى فيها مجرد ترحيل الازمات بعد ان أصبحت مسالة عودة الشرعية الى صنعاء من المستحيلات.
وهناك من يؤكد ان الحوثي سوف يدخل كالطرف رئيسي في أي تسوية، ولكن أي هدنه واي تسويات تقف على أراض ضربتها هزات الحروب وجعلتها متصدعة لا يستقيم عليها أي بني ادم.
ومن هنا نرى في الهدنة او حتى عملية التسوية مجرد بالونات تطلق في الهواء وتنطلق ولكنها لا تستطيع ان تنزل على الأرض وتتحول الى قواعد ثابتة وركائز متينة ، ولعل شرط طرح من سابق ، وربما يطرح مرة أخرى حول تسليم جماعة الحوثي السلاح الى الشرعية وهذا لن يكون وهناك قضية توحيد العملة هل توافق جماعة الحوثي على الدخول في العملة الموحدة مقابل اسقاط العملة القديمة ولو حدث هذا سوف تدخل كل المناطق الواقعة تحت نفوذ الحوثي في انهيار سعر صرف العملة لان العملة القديمة كما قيل مطبوعة مع الضمان ، بينما العملة المطبوعة في المناطق المحررة ليست لها ضمان .
وإذا جلس جماعة الحوثي على طاولة الحوار والتوافق هل تقبل بشروط تحد من مصالحها ام تمرد وهي صاحبت هذا التاريخ في الرفض والتمرد على قرارات المجتمع الدولي.
ان هذه الهدنة علينا ان ننظر لها مثل عملية السير فوق رمال متحركة قد تصل الى الهدف بعد مسافا طويلة وربما تبلع هذه الرمال كل من يسير عليها، ومنذ أيام قليلة مضت نشرت صحيفة الايام في الصفحة الأولى خبر حول تهديد جماعة الحوثي بضرب السعودية والامارات وهذا يؤكد ان عقلية القتال لن تسقط من حسابات هذه الجماعة وهذا الهدنة مثل الطفل الذي يولد وهو غير قادر على التنفس الا بواسطة جهاز التنفس ولو تم سحب هذا الجهاز لمات.
نجمي عبدالمجيد