نجمي عبدالمجيد يكتب لـ(اليوم الثامن):

لعبة الأمم وسياسة زحف الافاعي تحت الرمال

عدن

ليس من المستغرب ان نجد القوة العالمية قد وضعت منطقة الشرق الأوسط منذ عقود عديدة في اطار لعبة تغير المقاعد فجعلت من كل دولة مربعات منقسمة وافرغتها من عقليات وطنية حتى أصبحت مثل الطبول المجوفة.
وهذه حالة يطلق عليها في علم النفس السياسي هدم المباني القديمة واحداث مساحات خالية ومن ثم إقامة مباني جديدة حسب مواصفات اهداف القوى العظمى.
وكل من ينظر الى العديد من دول الشرق الأوسط وبالذات التي تشهد أزمات وحروب يدرك ان هذه النظريات قد حققت اغراضها علة مراح، فكانت الانقلابات والحروب وما عم هذه الدول من تطرف وفساد وصراعات مناطقية ومذهبية وحزبية على السلطة قد ذهبت بها الاحداث نحو تصدعات ليس من السهل ترميمها.
واليوم ندرك حالات التشرذم في هذه الدول التي لم تعد من السهل السيطرة عليها من قبل أي طرف كان لأنه دورات التناحرات قد قضت على كل دعائم المشاريع الوطنية واسكتت كل لغة للحوار ولم تبقي غير لغة السلاح التي أصبحت الصرخة الأعلى في وادي الضياع.
اما سياسة زحف الافاعي تحت الرمال فهي تعني تجنيد العملاء من الداخل وعبرهم يثم زرع الفتن وتأجيج النزعات وخلق مستويات من التعصب، فئة ضد فئة، وهذا يساعد على زرع حالة من التكسرات في عظام المجتمع بحيث تتحول الامة الواحدة الى عدة كيانات منعزلة عن بعضها البعض تحمل مشروعها السياسي بالانغلاق عن الذات ونفي الاخر، وقد لا تظهر هذه الأمور للأعيان بشكل سريع ولكنها مثل الخلايا السرطانية التي تتكاثر في الجسم بشكل مفاجئ.
وخاصية هذه الأفعال تضرب أساسا بنية المجتمع من القاع فهي تجد ملاذها عند منذ يعانون من التهميش والافقار والقهر السياسي والتعصبات الدينية والمذهبية وهيمنة السلطة على كل الثروات، هنا تمتلك هذه النظرية (زحف الافاعي تحت الرمال) مقدرتها في نفث السموم بين تركيبة السكان في هذه القاع مما يدفع الى ظهور التطرف والإرهاب والمخدرات وارتفاع معدلات الجرائم وهذه الاعمال، مثل الذي يجمع عناصر تصنع منها قنبلة قابلة للانفجار حسب التوقيت السياسي.
وقد مثلت مثل هذه الأفعال في دول مثل لبنان والصومال والعراق واليوم في السودان حيث انها لا تقف حدود لعبتها عند اشعال الحروب الاهلية ، بل هي ذاهبة في تقسيم الدول لعدة كيانات مما يعطل أي مشاريع للخروج من أزمات هذه الدول حيت تصبح مصاير الأمم مرهونة باجتماعات وقرارات ومشاورات وفي النهاية لا تعطي لشعوب أي حلول.
ومن ينظر الى التركيب الداخلية لهذه المجتمعات المتهالكة سوف يرى كيف ثمت  عملية استدعاء ارثها التاريخي من التناحرات والانقسامات فعززت بأفكار واموال واسلحة ورجال كي تدخل بدوامات ( حروب الدوائر المغلقة ) .
هنا نستحضر مقولة الدكتور هيلري كسنجر  ( بان القوى العظمي  لا تحل المشاكل ولكنها تعمل على إدارة الازمات )  وقد تأكدت هذه النظرية من التلاعب بأوراق وملفات الشعوب كان لها من الممكن ان تحل بعدة اشهر فاذا بها قد أصبحت في عدد من السنوات الطويلة وكأنها قضايا معلقة وملفات مؤجلة .
ان مثل هذه النظريات كيف علينا ان نتعامل معها، فلا توجد سياسة الا بفلسفة ونظريات علمية وأفكار ثقافية منها ما يبني وغيرها يعمل على الهدم فالمجتمعات المتطورة في الغرب قد صنعت مشاريع الهيمنة نحو الشرق ولكن ماذا صنع الشرق من أفكار في الفلسفة السياسية حتى يتجاوز هذه المحنة ام ان العقل العربي كما وصفه العلامة ابن خلدون الدائرة المغلقة التي لا تستطيع الازمة الخروج منها في تدور ولكنها تعود الى نفس نقطة البداية.