د. سامي خاطر يكتب لـ(اليوم الثامن):

تستر غربي وتصعيدٌ للملالي متفقٌ عليه يتزامن مع الإبادة في غزة

ملالي طهران يصعدون على حدود الأردن بعد أن دافع عنهم الغرب وبرأهم من جرائمهم وتستر عليهم وليس بغريب أن يتزامن هذا التصعيد مع العدوان الوحشي على قطاع غزة فكل الدلائل تشير إلى تعاون بين الملالي والغرب لتقاسم الهيمنة بالمنطقة تحت عناوين ومصطلحات مختلفة.

أشرنا في المقال السابق إلى هذا التزامن الفج ويمكن تفسير هذا التزامن على أنه مسعى لإستنزاف الأردن وإرباك مساعيه منأجل القضية الفلسطينية التي هي بالإضافة إلى التغيير اللازم في طهران مفتاحا الحل بالمنطقة، وحساسية الموقف بالنسبة للأردن تأتي من كونه يقع في حدود جغرافية يهيمن عليها نظام الملالي كلياً وجزئياً من خلال ميليشياته المتنفذة بقوة السلاح، وهنا نجد أنه من المهم أن تكون الدول العربية عامة والحكومة الأردنية خاصة على دراية بالتهديدات التي تشكلها الميليشيات الموالية لنظام الملالي على المنطقة، ويجب أن تعمل هذه الدول على تعزيز التعاون الأمني فيما بينها لمنع هذه الميليشيات من زعزعة استقرار المنطقة.

من بين الميليشيات المستخدمة في سوريا لاستهداف الأردن ميليشيات لنظام الملالي وأخرى موالية له، وتتمثل الاعتبارات بتلك الاستهدافات في تهديدات أمنية وصراعات إقليمية، ومن المعروف أن العلاقات بين الأردن وسوريا تأثرت بشكل كبير بتدخلات مختلف الميليشيات في المنطقة، أما فيما يتعلق بغزة فإن الصراعات المتصاعدة في المنطقة تشمل العدوان الإسرائيلي على غزة ومعاناة السكان هناك نتيجة لتلك الصراعات، ويتهم بعض المراقبون الدول الغربية خاصة الولايات المتحدة الأمريكية بالدفاع عن النظام الإيراني والتستر على جرائمه، واستند المراقبون في ذلك الإتهام لأسباب عدة من بينها التغاضي عن انتهاكات حقوق الإنسان والتستر على عمليات القتل الحكومي وقتل وتسميم الأطفال وقتل واغتصاب وتعذيب المتظاهرين في الشوارع والسجون، وغير ذلك من الجرائم التي يرتكبها ملالي إيران، بالإضافة إلى دعم الغرب للملالي في إثارة الفتن والإضطرابات بدول المنطقة دون أدنى إكتراث لسيادة هذه الدول.  

ومن أمثلة دفاع الغرب عن النظام الإيراني:

الدفاع عن النظام الإيراني في مجلس الأمن: عارضت الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، العديد من القرارات التي تطالب النظام الإيراني بوقف دعمه للإرهاب وتطوير أسلحته النووية. 
السعي إلى التوصل إلى اتفاق مع النظام الإيراني: سعى الغرب والولايات المتحدة الأمريكية إلى التوصل إلى اتفاق مع النظام الإيراني بشأن برنامجه النووي وذلك على الرغم من أن النظام الإيراني يواصل دعمه للإرهاب وتطوير أسلحته النووية. 
السعي إلى إعادة إدراج النظام الإيراني في النظام الاقتصادي الدولي: سعى الغرب وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، إلى إعادة إدراج النظام الإيراني في النظام الاقتصادي الدولي وذلك على الرغم من أن النظام الإيراني يواصل انتهاكه لحقوق الإنسان ودعم الإرهاب.

موقف الدول العربية من النظام الإيراني

تعارض الدول العربية، وخاصة الدول الخليجية النظام الإيراني وترى فيه تهديداً لأمنها القومي،وقد اتخذت هذه الدول العديد من الإجراءات لردع النظام الإيراني منها:

تعزيز التعاون الأمني: عززت الدول العربية وخاصة الدول الخليجية، التعاون الأمني فيما بينها وذلك لردع التهديدات الإيرانية. 
تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية: عززت الدول العربية وخاصة الدول الخليجية العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية وذلك لتنسيق الجهود مع الولايات المتحدة الأمريكية في مواجهة التهديدات الإيرانية.

ماذا يعني تزامن التصعيد على الحدود الأردنية السورية من جانب عصابات الملالي المسلحة في سوريا مع العدوان على غزة

لتزامن التصعيد على الحدود الأردنية السورية من جانب عصابات الملالي المسلحة في سوريا مع العدوان على غزة تأثيرات سلبية على الاستقرار في المنطقة وقد يؤدي إلى تفاقم الصراعات وزيادة العنف، ويتطلب التعامل مع مثل هذه الأوضاع تنسيقاً دولياً وجهوداً دبلوماسية للحد من التصعيد والعمل على إيجاد حلول سلمية للنزاعات، وتأتي هذه المعلومات استناداً إلى مفهوم التزامن في السياسة والعلاقات الدولية، وتأثيرات تصاعد الأحداث في مناطق مختلفة، وللحصول على معلومات محددة حول الأحداث الحالية يجب مراجعة مصادر الأخبار ذات الصلة، ولتزامن التصعيد على الحدود الأردنية السورية من جانب عصابات الملالي المسلحة في سوريا مع العدوان على غزة له عدة دلالات محتملة منها:

محاولة النظام الإيراني تشتيت الانتباه عن جرائمه في سوريا، ومحاولة إظهار نفسه كضحية للعدوان الإسرائيلي. 
محاولة النظام الإيراني زعزعة استقرار الأردن ومحاولة الضغط عليه لوقف دعمه للقضية الفلسطينية. 
محاولة النظام الإيراني اختبار رد فعل العرب المجتمع الدولي على استهدافه للأردن.

نظام الملالي يستغل الأزمة الدائرة في فلسطين والمنطقة والعدوان على غزة

يستخدم نظام الملالي في إيران الأزمة الدائرة في فلسطين والمنطقة والعدوان على غزة كجزء من استراتيجيته السياسية والتأثيرية في المنطقة  حيث يدعم نظام الملالي جماعات مسلحة في المنطقة، مما يزيد من تصاعد الصراع وعدم الاستقرار..  كما يستغل هذه الأزمة لتحقيق أهدافه السياسية والدينية ولكسب تأييد داخلي وخارجي وتعزيز النفوذ والتأثير حيث يستخدم نظام الملالي الأزمة في فلسطين والمنطقة لتعزيز نفوذه وتأثيره إقليمياً من خلال دعمه للجماعات المسلحة ساعياً لزعزعة استقرار المنطقة وزيادة تدخله في شؤونها وتحقيق أهداف سياسية بغطاء ديني من خلال استغلال الأزمة في فلسطين والمنطقة وذلك كجزء من رؤيته الإستراتيجية إقليميا.

السر وراء تزامن عدوان ميلشيات الملالي على حدود وسيادة الأردن مع العدوان على غزة

بشكل عام هناك عوامل تؤثر على تزامن عدوان ميلشيات الملالي على حدود وسيادة الأردن مع العدوان على غزة، من قبيل الديناميات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية والتحديات الأمنية، وتتميز المنطقة العربية بديناميكيات إقليمية وصراعات جيوسياسية معقدة،و تنشأ هذه الديناميات والصراعات من مجموعة متنوعة من العوامل من بينها:

- الصراعات الطائفية: تقسم المنطقة العربية إلى مجموعة متنوعة من الطوائف الدينية على رأسها السنة والشيعة، ويمكن أن استخدام هذا الاختلاف في إدارة الصراع ونشر التطرف والعنف.

- التنافس على النفوذ: تسعى القوى الإقليمية الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين إلى تعزيز نفوذهم في المنطقة يمكن أن يؤدي هذا التنافس إلى التوترات والصراع، ويناور ملالي طهران بين المعسكرين.

ما يخفيه الملالي مع الغرب خلف الكواليس

هناك عدة احتمالات حول ما يخفيه الملالي مع الغرب خلف الكواليس نشير إليها على النحو التالي:

الاحتمال الأول: سيناريو التحالف المُرتبك ضد الإرهاب الذي تم استعراضه في الحرب على داعش.. داعش التي قال قائد الحرس أنهم هم من أوجدوا داعش، وهذا الاحتمال قمة في التناقض والتضارب في الاقوال والافعال خاصة أنه لطالما كان ملالي إيران مصدر قلق للغرب بسبب أن ميليشيا حرس الملالي هي جماعة إرهابية، وبسبب دعمهم لمجموعات سماها الغرب بنفسه بالإرهابية مثل حزب الله ومجاميع أخرى.

الاحتمال الثاني: أن يكون هناك تعاون بين الملالي والغرب في مجال التجارة والطاقة إذ تمتلك إيران موارد طبيعية كبيرة من بينها النفط والغاز وكذلك مصالحهم في العراق الذي يقع تحت هيمنة الملالي، ويمكن أن يكون التعاون مع الغرب في مجال التجارة والطاقة مُبررا مفيدا في العلاقة بين كلا الطرفين.

الاحتمال الثالث: أن يكون بين الملالي والغرب ما لا يسر العرب ولا يرضيهم كالتوافق بين الملالي والغرب بشأن الهيمنة على المنطقة العربية وترويضها ومراقبة التمدد الصيني فيها.. ويتفق على هذا الاحتمال الكثير من النخب والخبراء.

من المهم أن نلاحظ أن هذه مجرد الاحتمالات ولا توجد أدلة مؤكدة على أي منها، ومع ذلك من الممكن أن يكون هناك تعاون بين الملالي والغرب في بعض المجالات حتى لو كان ذلك تحت السرية.

من المحتمل أن يستمر التعاون بين الملالي والغرب في المستقبل، وهنا يجب أن نكون على دراية بالمخاطر المحتملة لهذا التعاون كأن يؤدي هذا إلى تشجيع ملالي إيران على الاستمرار في سلوكهم العدواني.

مخططات الملالي تتوافق مع مخططات الاحتلال الصهيوني ضد العرب

وكما أوردنا في مقال سابق فإن هناك بعض أوجه التشابه بين مخططات الملالي ومخططات الاحتلال الصهيوني ضد الأمة العربية وتكمن أوجه الشبه:

التوسع الإقليمي: تسعى كل من إيران والكيان الإسرائيلي إلى توسيع نفوذها الإقليمي إذ يسعى ملالي إيران إلى إنشاء إمبراطورية تحت غطاءٍ ديني مذهبي، بينما يسعى الكيان الإسرائيلي إلى ضم المزيد من الأراضي الفلسطينية ويطمح في بناء إسرائيل الكبرى من غرب النيل صعوداً إلى الفرات وبشعار ديني أيضاً. 
التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية: تتدخل كل من إيران والكيان الإسرائيلي في الشؤون الداخلية للدول العربية، تدعم إيران الميليشيات المسلحة في دول عربية مختلفة، بينما يدعم الكيان الإسرائيلي الأنظمة الموالية لها. 
التحريض على العنف الطائفي: يسعى كل من ملالي إيران والكيان الإسرائيلي إلى إثارة العنف الطائفي بين المسلمين السنة والشيعة، ويدعم ملالي إيران كل الجماعات المسلحة التي تنفذ مخططاتها، ويدعم الكيان الإسرائيلي نفس النوع من التوجه.

التأثير على العرب:

للتعاون المباشر وغير المباشر بين الملالي والاحتلال الصهيوني تأثيره السلبي على العرب، ويمكن أن يؤدي إلى مزيد من التوترات والصراع في المنطقة والمزيد من المعاناة للعرب، وعلى العرب أن يعملوا على إحباط مخططات الملالي والاحتلال الصهيوني.

والحقيقة المؤكدة هي أنه لا خلاص للعرب من سطوة الملالي على رقابهم حتى وإن طبَّعوا جميعاً مع الاحتلال الصهيوني؛ ما لم يتخلصوا من الملالي ودعَّموا إقامة إيران ديمقراطية حرة تحترم الجوار وبسقوط ملالي طهران ينقطع ماء الحياة وتموت كل أسماك الشر وتتراجع المؤامرات، وليس مطلوباً من العرب سوى رجاحة رأي وصلابة موقف.

د. سامي خاطر/ أكاديمي وأستاذ جامعي