هبة فهيم حيدر يكتب لـ(اليوم الثامن):
فعاليات اسبوع المال العالمي في ظل الأزمة الاقتصادية ؟!
تستضيف مدينة عدن حالياً فعاليات "أسبوع المال العالمي"، حيث تجتمع البنوك والمؤسسات المالية لمناقشة قضايا الشمول المالي ومحو الأمية المالية لدى الأطفال والشباب. على الرغم من الأهداف النبيلة التي ترمي إليها هذه الفعاليات، فإنها تثير سخرية واستياء الكثيرين من المواطنين. حيث يرى البعض أنها مجرد ترف لا يملكون القدرة على مواكبته في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها.
وبالذات في ظل أزمة اقتصادية طاحنة في الفتره الاخيره التي شهدت ارتفاع جنوني لأسعار الصرف . ومما لا شك فيه فإن الحرب والانهيار الاقتصادي قد تركا أثرهما بشكل عميق على المواطن. ولهذا فإن البعض يرى ان في مثل هذه الظروف، يكون التركيز على الشمول المالي ومحو الأمية المالية للأطفال والشباب أمرًا بعيدًا عن الواقع، بل يعتبر استفزازًا للمواطن الذي يكافح من أجل تأمين احتياجاته الأساسية.
ومن الجانب الاخر فإنه من المهم أن نفهم أن الشمول المالي ومحو الأمية المالية هما أدوات قوية تسعى إلى تحقيق التنمية المستدامة في المجتمعات. إذ يساعدان في دعم النمو الاقتصادي وتعزيز فرص العمل وتعزيز الاستقرار المالي للأفراد. ومع ذلك، يجب أن نكون واقعيين في تقييم مدى جدوى هذه الفعاليه في بلد مرهق اقتصاديًا مثل بلدنا .و يجب أن نتساءل عما إذا كانت هذه الفعاليات تأتي مرفقة بجهود حقيقية لتحسين الوضع الاقتصادي للمواطنين. هل هناك " تدابير عملية " تتخذ لتعزيز الشمول المالي وتعليم الأطفال والشباب في مجالات المال والاستثمار؟ هل توجد "فرص عمل "ملموسة تنشأ كنتيجة لهذه الفعاليات؟ فإذا كان الهدف الحقيقي هو خلق تأثير إيجابي وتعزيز الاقتصاد المحلي، فإنه يجب أن يتم توجيه الجهود نحو تحقيق التغيير على الأرض. ويمكن أن تشمل هذه الجهود "تقديم الدعم المالي للمشاريع الصغيرة والمتوسطة"، وتوفير التدريب المهني والمهارات المالية للشباب بشكل مدروس مع مراعاة التوزيع العادل للفرص في الحصول على تلك التدريبات ،كذلك تطوير برامج تعليمية "طويلة الأمد " تستهدف الأطفال في المدارس خلال العام الدراسي من خلال توفير مناهج اختيارية خاصة بذلك او انشطة تنطلق من اسبوع المال وتستمر على مدار العام الدراسي او غيرها من ما هو اكثر من مجرد نشاط عابر لمره واحده وحيده في السنه !
علاوة على ذلك، يجب أن تكون المنصة الخاصه بأسبوع المال تفاعلية اكثر مع المواطنين بحيث تسمح لهم بالمشاركة في وضع مقترحات الأجندة المالية وتحديد الأولويات. كما يجب على البنوك والمؤسسات المالية أن تستمع إلى احتياجات المجتمع المحلي وتعمل على توفير خدمات مالية ملائمة ومتاحة للجميع، بما في ذلك الفئات الأكثر ضعفًا.
واذا ما تحقق ذلك ، فإنه يمكن أن تكون هذه الفعاليات فرصة للتوعية والتثقيف المالي و سيصبح لها القدرة على أن تساهم في تعزيز الوعي المالي لدى المواطنين وتمكينهم من اتخاذ قرارات مالية صحيحة ومستدامة، حتى في ظل الظروف الصعبة.
في النهاية، يجب أن نتذكر أن الأزمة الاقتصادية لا تعفي أحدًا من الحق في التعليم المالي والوصول إلى الخدمات المالية الأساسية. يجب أن تتكاثف الجهود ويتم الدعوه الى توفير فرص للتنمية والتحسين المالي للمواطنين ، بغض النظر عن الظروف الراهنة. إذا تم تنفيذ هذه الفعاليات بطريقة تستجيب لاحتياجات المجتمع وتعزز التنمية المستدامة، فقد تكون لها جدوى حقيقية وتأثير إيجابي على المستقبل المالي في الوطن.
لذا، يجب أن نعمل جميعًا على توجيه الجهود وتوفير الدعم اللازم لتعزيز الشمول المالي بطريقة اكثر فعالية ، بما يساهم في بناء مجتمع أكثر استقرارًا وازدهارًا للجميع.