د. سامي خاطر يكتب لـ(اليوم الثامن):

نظرة مقتضبة على جانبٍ من فضائح نظام الملالي في إيران

 لا يكترث صُناع الأزمات بما قد يمر بهم من فضائح، ونظام الملالي الحاكم في إيران كصانع أزماتٍ على هذا الطريق مر ويمر هذا النظام بمسيرةٍ من الفضائح التي هزت أركانه داخلياً وخارجياً مشتملةٍ على قمعٍ ممنهجٍ لحقوق الإنسان وسوء إدارةٍ للموارد وسياساتٍ خارجيةٍ عدوانيةٍ تُهدد الأمن والاستقرار الإقليمي، وقد اتسمت مسيرة نظام الملالي منذ ثورة 1979 بسلسلة من الفضائح كشفت عن فساده وقمعه وسوء إدارته، ومنها على سبيل المثال لا الحصر/

انتهاكات حقوق الإنسان والقمع المُمنهج: انتهج نظام الملالي سياسةً قمعيةً ممنهجة ضدّ حرية التعبير والتظاهر السلمي؛ فمن عارض ويُعارض النظام أو ينتقد سياساته يُعرَّض نفسه للاعتقال والتعذيب والسجن والإعدام والاغتصاب داخل السجون وخارجها، وكم فضحت منظمة العفو الدولية ذلك بالأدلة في عدة أزمنة، كما وثق الكثير من المنظمات الحقوقية الدولية هذه الانتهاكات كمنظمة "هيومن رايتس ووتش" وكذلك لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة التي فضحت وأقرت ممارسات نظام الملالي وانتهاكاته الجسيمة لحقوق الإنسان ضدّ كافة مكونات الشعب العراقي خاصة الأقليات العرقية والدينية والمذهبية في إيران.

فضائح نظام ولاية الفقيه التاريخية/ 

لنظام ولاية الفقيه الحاكم في إيران سجلٌ حافلٌ بالفضائح منذ استيلائه على السلطة في إيران بدءاً من خداع الشعب وقتل وإبادة أبنائه باسم الدين وصولاً إلى سرقة ونهب موارد بلادهم والمساس بالكرامة والأعراض وخلق وتطبيق أجواء من العبودية المعاصرة ضد المجتمع، وتشويه الدين في الداخل والخارج وارتفاع عدد الملحدين ونسبة المدمنين وشيوع الفقر والجوع في المجتمع، إضافة إلى سلب ومصادرة الحريات وإرادة وصوت الشعب من خلال فرض سياسة اللاخيار على الواقع السياسي من جهة، ومن جهة أخرى مسرحية الانتخابات المفضوحة التي لم تنتهي ولن تنتهي لطالما بقي الملالي في السلطة، ومنه هذه الفضائح:

علاقات الملالي بأمريكا وفضيحة "إيران غيت": كشفت فضيحة "إيران غيت" الشهيرة في عام 1986 عن بيع الولايات المتحدة أسلحة بِشكلٍ سري لملالي إيران مقابل إطلاق سراح رهائن أمريكيين كان قد احتجزهم حزب الله اللبناني في حينها، واستقال على أثر تلك الفضيحة آنذاك مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون.

نهب أموال صندوق التقاعد: هزت الأوساط في حينها فضيحة اختلاس أموال صندوق التقاعد سنة 2018 والتي كشفت عن اختلاس مسؤولين في النظام الإيراني مليارات الدولارات من أموال الصندوق المدين للمتقاعدين وسبيل معيشتهم في حين يحترف كبار المسؤولين في النظام الفساد دون حسيبٍ أو رقيب ويعاني الشعب من الفقر والبطالة والاضطرابات الاجتماعية، ومن أبرز تلك الفضائح التي كشفتها صحيفة "نيويورك تايمز" عام 2021 التي أظهرت كيف اختلس مسؤولون إيرانيون مليارات الدولارات من أموال الدولة.

جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية: بدأت جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية التي قام ويقوم بها نظام الملالي بـ حملات القتل الحكومي تحت مسمى الإعدام في ثمانينيات الماضي عندما أعدم عشرات الآلاف من السجناء السياسيين معظمهم من أعضاء منظمة مجاهدي خلق بقصد الإبادة والقضاء عليهم، وقد كرر النظام حملاته الإبادية تلك بحقهم عدة مرات في إيران والعراق واستهدفهم ويستهدفهم في أوروبا، ومن بين جرائم وفضائح الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية قيام النظام بتجفيف نهرين كبيرين في إيران وكاد أن يهلك الحياة تماماً في جزء عظيمٍ من إيران، هذا بالإضافة إلى كارثة انهيار مبنى "متروبول" السكني في مدينة آبادان في مايو 2023، مما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات من الأشخاص وفقدان الكثيرين تحت الأنقاض دون أدنى اكتراث. 

فضيحة الموقف من القضية الفلسطينية وأحداث غزة: لم يعد خافيا على أحد موقف الملالي من القضية الفلسطينية، وقد كُتِبَ بهذا الصدد الكثير وكانت أخر الفضائح كوارث غزة وتورط ملالي إيران فيها، واستعراض المفرقعات والألعاب النارية التي قام بها نظام الولي الفقيه زاعماً بأنها رداً على القنصلية التي محوها من الوجود في دمشق، وحقيقة الأمر فإن موقف ملالي إيران من القضية الفلسطينية ينحصر في إطار إدارة الصراعات السياسية في المنطقة كأداة سياسية تُستخدم لتعزيز تأثيرهم في المنطقة وكوارث غزة خير دليل على ذلك إذ استخدموا غزة والقضية الفلسطينية للهروب من أزماتهم وفشلهم في الداخل والخارج، وتبقى القضية الفلسطينية شعار ووسيلة نظام الملالي للمناورة والهيمنة في المنطقة تحت مختلف المسميات، والمستهدف الحقيقي من وراء استعراضات الملالي هذه هم العرب وليس غيرهم.

فضائح مسرحية الانتخابات الاستعراضية في إيران

في ظل نظام دكتاتوري همجي كذلك الذي يحكم في إيران كل الأمور خارج التوقعات؛ ففي الوقت الذي تتراكم فيه فضائح السنين داخل إيران وخارجها على رأس نظام الملالي سواء المتعلقة بالعراق وسوريا واليمن وفلسطين والأردن ولبنان أو غيرها تأتي فضائح الجولة الثانية من الانتخابات الإيرانية للعام الحالي لتظهر حجم العار الذي ينغمس فيه هذا النظام، حيث بدا المشهد الانتخابي هزيلا مفضوحا بعد أن خلت الأجواء من الناخبين وتضاءلت المشاركة إلى حدٍ بعيد وقد بدا المشاركين فيها هم رهط النظام فقط الذين على حد زعمهم يمثلون 4% من الشعب، وصحيح أن هذا هو حال الانتخابات في الغالب بكل دورة انتخابية لكنها في السنوات الأخيرة وهذا العام أخذت منحىً آخر تماما وهو تحدي الشعب للنظام وفرض عزلة شعبية ضد النظام من المؤكد أن تكون عاقبتها الإطاحة بالنظام ومحو آثاره من الوجود. 

هذا هو حال نظام الملالي منذ قيامه وسيبقى!!! سجلٌ حافلٌ بالفضائح والإرهاب ونشر الفكر العنصري المتطرف داخل إيران وفي عموم المنطقة والعالم، وها قد أصبح مثاراً للسخرية في الشرق الأوسط والعالم، وعلى الرُغم من ذلك لا يزال البعض والنظام العالمي وقوى المهادنة يدعمون بقاء نظام الملالي الفاشي ليس توافقاً مع فكره أو قناعة بشرعيته وإنما كأحد الوسائل لهدم وتشويه الإسلام تنفيذاً لمخططات النظام العالمي في المنطقة وحفظ مصالح الغرب على حساب دول وشعوب الشرق الأوسط، وتستمر المعاناة لطالما تستمر الشعارات وتستمر معها سياسة الكذب والخداع وصناعة الأزمات. 

د. سامي خاطر / أكاديمي وأستاذ جامعي