د. سامي خاطر يكتب لـ(اليوم الثامن):

بومبيو يلتقي بالمقاومة الإيرانية: فهل يخفي شيئاً في جعبته؟

تصدّر خبر لقاء وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو مع السيدة مريم رجوي ومع قادة المقاومة الإيرانية في الآونة الأخيرة؛ عناوين الصحف، وقد جرى هذا اللقاء في ظل تصاعد التوترات الإقليمية والدولية حول الملف الإيراني ، وأثار العديد من التساؤلات حول أبعاده وأهدافه خاصة بعد سقوط نظام الأسد في سوريا، وما إذا كان بومبيو يحمل توجهاً ما أو رسالة خفية تتعلق بالسياسات المستقبلية تجاه إيران.

يُعتبر مايك بومبيو الذي شغل منصب وزير الخارجية في إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب؛ أحد أبرز الشخصيات التي تبنّت موقفًا صارمًا تجاه النظام الإيراني. إذ أنه قاد خلال فترة توليه المنصب، حملة "الضغط الأقصى" التي تضمنت فرض عقوبات اقتصادية خانقة على طهران. لذلك فإن أي لقاء يجمعه بقيادات المقاومة الإيرانية المتمثلة في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومنظمة مجاهدي خلق يحمل دلالات عميقة، وتمثل المقاومة الإيرانية بقيادة السيدة مريم رجوي المنتخبة من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية رئيسة للجمهورية للمرحلة الانتقالية بعد الإطاحة بنظام الملالي؛ تمثل أحد أبرز الأصوات المعارضة للنظام الإيراني، وتدعو إلى إسقاطه وإقامة نظام ديمقراطي في إيران غير نووية على أن يقوم هذا النظام على الديمقراطية وحقوق الإنسان ومبدأ المساواة واحترام حقوق كافة مكونات الشعب واحترام الجوار والقيم والأعراف الدولية، و وفقًا لمراقبين يعكس هذا اللقاء دعماً صريحاً لقضية المقاومة الإيرانية خاصة في ظل استمرار القمع الداخلي في إيران وتصاعد الاحتجاجات الشعبية. 

يهدف لقاء بومبيو بقيادة المقاومة الإيرانية إلى التأكيد على الالتزام بمناهضة النظام الإيراني، فقد سعى بومبيو إلى تأكيد موقفه الشخصي والسياسي ضد النظام الإيراني وما هو أبعد من ذلك في مواجهة نظام الملالي خاصة في ظل استمرار انتهاكات حقوق الإنسان وتدخلات طهران في شؤون الدول الأخرى، ويفسر اللقاء على أنه رسالة ضغط موجهة إلى طهران، مفادها أن المعارضة الإيرانية ليست وحدها، وأن هناك دعمًا دوليًا متزايدًا لقضيتها، وتهيئة الساحة للانتخابات الأمريكية؛ نظراً لأن بومبيو يُعد من الأسماء المحتملة للترشح للرئاسة الأمريكية في المستقبل، حيث أن دعمه للمقاومة الإيرانية قد يجذب شريحة من الناخبين الذين يرون في إسقاط النظام الإيراني ضرورة لتعزيز الأمن والسلام في المنطقة.

ما الذي يخفيه بومبيو؟

السؤال الذي يثير الفضول هو: هل يحمل بومبيو خطة أو استراتيجية جديدة تتعلق بالملف الإيراني؟ من غير المستبعد أن يكون اللقاء جزءًا من تحرك أوسع يهدف إلى إعادة تشكيل السياسات الأمريكية تجاه إيران الملالي؛ بومبيو المعروف بصلابته في المواقف قد يسعى إلى حشد التأييد لدعم مقاومة النظام الإيراني بشكل أكثر علانية وقد فعل في هذا اللقاء من خلال إشادته بمنظمة مجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية قائلا ما مفاده لقد سعى النظام الإيراني إلى تشويهكم وشيطنتكم وإظهاركم كجماعة متشددة لكننا نعرف الحقيقة لذلك تجدوننا معكم ولو قبلنا بما روجه النظام ضدكم لما كنا هنا معكم.. بالإضافة إلى اعترافه بمحنة الشعب الإيراني وبشرعية نضال وحدات المقاومة داخل إيران وحقه المشروع في مواجهة أجهزة النظام القمعية خاصة الحرس، كما أنه دعى الجميع وكافة القوى الحرة إلى الاعتراف بذلك.

أما بالنسبة للمقاومة الإيرانية ومنظمتها المحورية منظمة مجاهدي خلق فإن هذا اللقاء قد جاء بجديد هذه المرة، ويمثل فرصة لتعزيز مكانتهم الدولية، وقد يُحفّز الدعم الذي أظهره بومبيو دولًا أخرى لاتخاذ مواقف مشابهة، خاصة مع تصاعد الضغط الشعبي داخل إيران.

ختاماً / لقاء بومبيو بالمقاومة الإيرانية ليس مجرد حدث عابر، بل قد يكون خطوة تحمل في طياتها دلالات وأهدافًا سياسية مهمة، وسواء كان اللقاء رسالة دعم للمقاومة، أو جزءًا من خطة أكبر لإعادة صياغة العلاقات مع إيران فإنه يبقى واضحًا أن القضية الإيرانية لا تزال محور اهتمام دولي.

 إن إيران الحرة والديمقراطية هي الهدف الذي نعمل جميعًا من أجله، ولقد أظهرت هذه الحركة بقيادة السيدة مريم رجوي للعالم أنها البديل الوحيد القادر على تحقيق هذا الهدف وإنهاء دكتاتورية الملالي، وسوف نشهد في المستقبل خطوات ملموسة نحو تغيير جذري في إيران لطالما هناك من سيعترف بحق الشعب الإيراني ووحدات في مواجهة قمع واستبداد الملالي، والأيام بيننا.

د. سامي خاطر/ أكاديمي وأستاذ جامعي