ميلاد عمر المزوغي يكتب لـ(اليوم الثامن):

حفتر والدبيبات وتقاسم النفوذ في ليبيا

الوضع الليبي يشهد انقساما حادا على السلطة, واستنزافا لمقدرات البلد ,استحداث منصب القائد العام من قبل البرلمان وتعيين حفترقائدا له جاء بسب الاحداث الاجرامية التي شهدتها بنغازي والمنطقة الشرقية من قبل الجماعات الاسلامية المتطرفة ,والتي استهدفت اغتيال كبار ضباط الجيش والامن العام, ولم يسلم ايضا اصحاب الفكر العقلاني والنشطاء السياسيين من جبروتهم ,تم تحرير شرق البلاد منهم وعادت اليه الحياة. 

القيادة العامة قامت بعملية (تحرير) طرابلس من المجاميع المسلحة المشرعنة من قبل المؤتمر العام وبعده المجلس الرئاسي بقيادة السراج, العملية استغرقت اكثر من عام, رغم ان اغلب المناطق المحيطة بطرابلس اعلنت ترحيبها بتدخل الجيش الليبي وفرض الامن والاستقرار في العاصمة وما جاورها,الا ان البطء في اتخاذ القرارات من قبل القيادة العامة المؤكد انها وفق رؤى دولية داعمة لها وبالأخص روسيا, جعل الاطراف المسيطرة على العاصمة تستنجد بقوى خارجية وكان التدخل التركي وبالأخص الطيران المسيّر, قد وضع حدا لحرب السيطرة على العاصفة وانكفات قوات الجيش الليبي الى خارج الحدود الادارية لإقليم طرابلس, لتبدأ مرحلة الانقسام الحقيقي في مؤسسات الدولة ومنها البنك المركزي وطبع الاوراق النقدية وتشكيل حكومة في شرق الوطن ,بمعنى دولة بحكومتين كل منها تسعى الى اهدار المال العام في مشاريع لكسب الراي العام.

سيطر حفتر على شرق الوطن وجنوبه, بينما بقي الغرب الليبي تحت الحكومة التي يدعمها المجتمع الدولي والتي وللأسف تآخت مع الميليشيات, تزودها بالأموال اللازمة بالمقابل تقوم هذه الميليشيات بحماية الحكومة ,ووصل الامر الى تغوّل بعض الميليشيات وتدخلها في العمل  الحكومي, الامر الذي حذا بالدبيبة الى محاولة تقصيف اجنحتها,افلح في اغتيال زعيم احدى الميليشيات لكنه اجبر على مهادنة البعض الاخر ,بينما لم يفلح في بسط سيطرته على كل المناطق بالعاصمة, حيث تم احياء التعصب القبلي, ما ينذر بإحداث فتن بين مكونات الشعب الليبي, والأمور الى الان لم تهدأ, فالدبيبة يهدد باستخدام القوة لأجل السيطرة على العاصمة يساعده في ذلك اولئك الذين يتلقون الاموال منه بسخاء. ويعيش سكان العاصمة وما جاورها حالة من الرعب بسبب تهديدات الدبيبة واستقدامه للميليشيات من خارج العاصمة. 

الدبيبة لم يحسم الامر لصالحة بعد, يبدو ان مسانديه الاقليميين نصحوه بالا يغامر بحرب داخل العاصمة ,لان عواقبها ستكون وخيمة عليه ,وما يسفر عن ذلك من اعمال قتل وتشريد للمدنيين وتدمير للممتلكات العامة والخاصة على غرار حرب فجر ليبيا 2014 التي نعاني تبعاتها الى الان.

وامام هذا الوضع وحالة الجمود ,يسعى الطرفان المتخاصمان سياسيا واقتصاديا (حفتر والدبيبة) الى ايجاد حلول ولو مؤقتة تمكنهما من تنفيذ برامجهما لتحقيق طموحاتهما, ولإطالة امد الازمة الليبية, منذ سنوات تم تداول أنباء عن لقاء جمع صدام نجل المشير خليفة حفتر مع أحد أقارب عبدالحميد الدبيبة في أبوظبي, وتشير بعض التقارير بانه تم مؤخرا اجتماع صدام حفتر وإبراهيم الدبيبة في روما برعاية ايطالية ومباركة امريكية.وتجدر الاشارة الى وجود شركة لتصدير النفط من ليبيا(اركنو) لصالح الدبيبة وحفترتم تأسيسها العام 2023 م. 

الأمم المتحدة تحدثت عن فترة انتقالية اخرى تقترب من العامين, ان تصرفت القوى الاقليمية الفاعلة بالشأن الليبي بحزم . 

 

 الدبيبات أكبر مصيبة على الغرب الليبي.. وحفتر بتوريثه أبنائه بالمؤسسة العسكرية, وتعاونه مع الدبيبات صار مثلهم ... بين مطرقة الدبيبة وسندان حفتر يتم تقويم من يرونه معوجّا, أو يتم هرسه....على هذا الحال ليبيا في حاجة إلى معجزة للخروج من المأساة التي يعاني منها الليبيون منذ سنوات..

ميلاد عمر المزوغي