بسبب التدخل المستمر لإردوغان في القرارات الاقتصادية..
استمرار نزف الاحتياطي النقدي وتوقعات بانكماش الاقتصاد في تركيا

تعزف صناديق الاستثمار العالمية عن العملة التركية نتيجة لتدخلات إردوغان
تراجعت الاحتياطيات الرسمية للبنك المركزي التركي في مايو (أيار) الماضي بنسبة 1.3% على أساس سنوي، منخفضة من 95.6 مليار دولار في نهاية مايو 2019، وأعلن البنك أن احتياطياته الرسمية من النقد الأجنبي بلغت 90.9 مليار دولار حتى نهاية مايو الماضي.
وأظهر تقرير الاحتياطيات والسيولة بالعملة الأجنبية، الصادر عن البنك، ارتفاع إجمالي الأصول الاحتياطية بنسبة 5.3% في مايو، حيث بلغ الاحتياطي 86.3 مليار دولار في أبريل (نيسان) الماضي.
وحسب التقرير، بلغ إجمالي احتياطيات العملات الأجنبية القابلة للتحويل نحو 52.8 مليار دولار، بزيادة 5.4% على أساس شهري. وارتفعت احتياطيات البنك من الذهب بنسبة 5.4% عن الشهر السابق إلى 36.7 مليار دولار.
وسجلت الاحتياطيات أعلى ذروة لها على الإطلاق عند 136 مليار دولار، بما في ذلك نحو 21 مليار دولار من احتياطيات الذهب في ديسمبر (كانون الأول) 2013. وتسبب التدخل المستمر من جانب الرئيس رجب طيب إردوغان وإحكام قبضته على جميع القرارات في تصاعد الخسائر الاقتصادية لتركيا وعزوف المستثمرين الأجانب عن ضخ أموال بالبلاد وبيع الليرة بأحجام كبيرة مع استنفاد احتياطي النقد الأجنبي الذي خسر أكثر من 85 مليار دولار استخدمها لدعم الليرة في أقل من عام ونصف العام، حسبما ذكرت وكالة «بلومبرغ» الأميركية في تقرير لها أمس.
وأكدت الوكالة أنه نتيجة لتدخلات إردوغان تعزف صناديق الاستثمار العالمية عن العملة التركية، بعد أن كانت في يوم من الأيام من أكثر عملات الأسواق الناشئة تداولاً، وذلك لأن تركيا جعلت من الصعب على مديري الأموال المقيمين في الخارج تبادل الليرة بحرية، فيما بلغت حرب إردوغان على البنوك والمؤسسات الاقتصادية ذروتها في مايو الماضي، عندما منعت هيئة الرقابة على المصارف في تركيا المقرضين المحليين من تداول العملة مع 3 بنوك من أكبر البنوك في العالم، هي «سيتي غروب»، «يو بي إس غروب» و«بي إن بي باريبا»، ما أدى إلى انكماش حصة المستثمرين الأجانب في سوق الليرة التركية.
وتم منح البنوك الثلاثة التي تسيطر عليها الدولة (الزراعي، ووقف، وخلق) دوراً أكبر في تحديد سعر صرف الليرة، وسط تكهنات في الأسواق بأن إردوغان يمكن أن يتمادى أكثر وأكثر ويفرض شكلاً من أشكال الرقابة على رؤوس الأموال بهدف وقف تدفقها خارج البلاد، رغم نفي الحكومة ذلك.
وأكد خبراء أن سيطرة البنوك الحكومية التركية على سوق العملة قد يتسبب في خسائر كبيرة، حيث قام المقرضون الحكوميون بإغراق السوق بالدولار، ما أدى إلى سحب ثلث احتياطيات البنك المركزي هذا العام، وسط ترجيحات بسعي تركيا للحصول على مساعدة مالية من صندوق النقد الدولي لدعم احتياطياتها من العملات الأجنبية.
وأدى سعي إردوغان إلى خفض تكاليف الاقتراض إلى دفع البنك المركزي التركي لخفض أسعار الفائدة 9 مرات متتالية، ما أدى إلى زيادة الطلب على القروض وتخفيف الأثر المالي الناجم عن وباء «كورونا»، لكنها في الوقت نفسه جعلت الليرة التركية عُرضة لعمليات بيع ضخمة.
في غضون ذلك، توقعت وكالة «ستاندرد آند بورز» الدولية للتصنيف الائتماني، زيادة في القروض الرديئة في بنوك تركيا إلى أكثر من 20% بحلول العام المقبل، بضغط من الركود الاقتصادي وتراجع الليرة التركية. وقالت الوكالة في تقرير إنها تتوقع بلوغ القروض المتعثرة ما بين 11 و12% بحلول 2021، بينما ستزيد القروض الرديئة (القروض المتعثرة إضافة إلى القروض المجدولة) إلى أكثر من 20% من القروض من نحو 10% في سبتمبر (أيلول) 2019.
كما خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد التركي، وأشار في تقريره الأخير للتوقعات الاقتصادية العالمية، إلى أن اقتصاد تركيا سيشهد انكماشاً بنحو 5% خلال العام الجاري، على أن يسجل نمواً خلال العام المقبل بالنسبة ذاتها.