"غياب دور البنك المركزي اليمني"..
تقرير: المضاربة بأسعار صرف العملة في البنوك اليمنية اسبابها اثارها
منذ العام 2015 لم تغادر الأزمات المعيشية والخدمية المحافظات الجنوبية الواقعة تحت مظلة الشرعية اليمنية، حيث عجزت الحكومات المتتالية عن تحقيق أي تقدم اقتصادي، بل ازدادت الأزمات وانهارت العملة إلى مستويات قياسية وتخطى سعر الدولار الواحد 1500 ريال يمني، الأمر الذي انعكس سلبا على كل مناحي الحياة.
تلعب البنوك والمصارف دوراً محوريًا في سوق العملات، ومع الانخفاض المستمر لأسعار الفائدة الحقيقية المصاحب مع غياب الدور الرقابي للبنك المركزي توجهت نحو المضاربة بأسعار العملة في عدن والمناطق المحررة والتي نتج عنها اثار اقتصادية واجتماعية كبيرة.
أولا: المضاربة على أسعار الصرف في البنوك التجارية والاسلامية
ان البنوك هي مؤسسات مالية تسمح للعملاء بإجراء المعاملات المالية، مثل الودائع والقروض والتحويلات. يمكن للبنوك أيضًا أن تستثمر في الأسواق المالية، بما في ذلك سوق العملات.
تستخدم البنوك المضاربة في العملة لتحقيق مكاسب من خلال توقع التغيرات في أسعار صرف العملات. على سبيل المثال، إذا اعتقدت بنك أن قيمة الدولار الأمريكي سترتفع مقابل اليورو، فقد يشتري البنك الدولارات الأمريكية وتبيع اليورو. إذا كانت توقعات البنك صحيحة، فسيحقق البنك ربحًا عندما يبيع الدولارات الأمريكية مقابل اليورو بسعر أعلى.
ثانيا: الأسباب التي تسهيل عمليات المضاربة بأسعار صرف العملة في البنوك والمصارف
هناك عدد من الأسباب التي تؤدي إلى المضاربة في أسعار صرف العملة في البنوك والمصارف، منها:
1-ضعف الرقابة الحكومية: لا يوجد في اليمن نظام رقابة صارم على أنشطة البنوك اليمنية. وهذا يسمح لها بممارسة المضاربة دون خوف من العقاب.
2-عدم الاستقرار السياسي.
3-شحة موارد النقد الاجنبي: يعاني اليمن من نقص حاد في العملة الصعبة بسبب توقف موارد العملة الأجنبية لتوقف إنتاج وتصدير النفط والغاز والذي يشكل أكثر من 90%من الصادرات مما يدفع البنوك والمصارف إلى المضاربة في سعر الصرف.
4-طباعة النقود بدون غطاء: فبعد أن فشلت الحكومات المتتالية للشرعية في تحصيل مواردها للإيفاء بالتزاماتها لجأت لطباعة النقود بدون غطاء ونتج عن ذلك زيادة في المعروض النقدي.
آثار المضاربة في أسعار صرف العملة في البنوك والمصارف
تؤدي المضاربة في أسعار صرف العملة في البنوك والمصارف إلى عدد من الآثار السلبية على الاقتصاد الوطني والمجتمع، منها:
الآثار الاقتصادية
زيادة التضخم: يؤدي ارتفاع سعر صرف العملة الأجنبية إلى زيادة أسعار السلع والخدمات. مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم.
انخفاض قيمة العملة المحلية: يؤدي تزايد المضاربة في سعر الصرف إلى انخفاض قيمة العملة المحلية. مما يضر بالاقتصاد الوطني.
تأجيج الأزمات الاقتصادية: يمكن للمضاربة في العملة أن تؤدي إلى زيادة عدم الاستقرار الاقتصادي وبالتالي انخفاض الاستثمارات والنمو الاقتصادي.
الآثار الاجتماعية:
زيادة الفقر: يؤدي ارتفاع أسعار السلع والخدمات إلى زيادة الفقر في المجتمع.
زيادة البطالة: يؤدي ضعف الاقتصاد الوطني إلى زيادة البطالة.
زيادة الجريمة: يؤدي الفقر والبطالة إلى زيادة الجريمة في المجتمع.
واقع اسعار صرف العملة في العاصمة عدن والمناطق المحررة
منذ العام 2015 لم تغادر الأزمات المعيشية والخدمية المحافظات الجنوبية الواقعة تحت مظلة الشرعية اليمنية، حيث عجزت الحكومات المتتالية عن تحقيق أي تقدم اقتصادي، بل ازدادت الأزمات وانهارت العملة إلى مستويات قياسية وتخطى سعر الدولار الواحد 1500 ريال يمني، الأمر الذي انعكس سلبا على كل مناحي الحياة.
ورغم الاستقرار المؤقت الذي تحقق بعد هيكلة البنك المركزي اليمني بعدن، بعد اتفاق الرياض والإجراءات التي تم إقرارها من جانب الحكومة، إلا أن الأمر لم يدم طويلا، حيث عاود الريال الانهيار بصورة كبيرة خلال الأيام القليلة الماضية، ما طرح الكثير من التساؤلات حول الأسباب التي أدت إلى تلك الموجة الجديدة من التراجع، بعد الإعلان عن ودائع ومنح وقروض لدعم الاقتصاد.
وقد يكون من معاودة انهيار سعر صرف العملة في الاونه الاخيرة ناتج عن تأكد المضاربين بالعملة من عدم حصول البنك المركزي على الوديعة النقدية التي كان من المتوقع الإعلان عنها خلال الأشهر القليلة الماضية.
بالرغم من الإجراءات المتخذة من قبل البنك المركزي، والتي كانت تتضمن الربط الشبكي للبنوك والمصارف مع البنك المركزي مما سيمكنه الاطلاع على جميع عملياتها، إلا أن عمليات المضاربة بأسعار الصرف مستمرة وتسببت في المزيد من الانهيار، وهنا يصبح البنك المركزي متواطئا وشريكا في عمليات المضاربة بأسعار صرف العملة.
كما قادة التغيرات على أسعار صرف المزاد الذي يقوم به البنك المركزي نحو الارتفاع نتيجة مواكبة لتغير أسعار الصرف في السوق، شجع المضاربين بالعملة إلى رفع أسعار صرف العملة الاجنبية مقابل العملة المحلية بشكل أكبر وبالتالي أصبحت السوق السوداء هي من يقود النظام المصرفي بدلا من البنك المركزي.
التوصيات
- تفعيل الدور الرقابي للبنك المركزي
- زيادة شفافية سوق العملات: وذلك من خلال توفير معلومات دقيقة عن أسعار صرف العملات المختلفة للجمهور.
- تحفيز الاستثمار وتقديم التسهيلات اللازمة للمستثمرين.
- اعادة تفعيل موارد النقد الاجنبي وتهيئة الظروف المناسبة لعودة الشركات المنتجة للنفط والغاز باعتبارها المصدر الرئيسي للنقد الأجنبي في البلاد.